يعاني السوريون في المناطق المُحاصرة من النظام من شُح المواد الغذائية والطبية، والمحروقات ووسائل الحياة الأخرى، ولكنهم يُكافحون ويُبدعون في اكتشاف طرق جديدة تساعدهم على الصمود واستمرار الحياة.
فبالنسبة لسكان دوما المحاصرة في سوريا، لا يقتصر الصراع اليومي من أجل البقاء، على تفادي العنف الذي دمّر البلدة وحسب ولكنه يشمل الكد من أجل الحصول على السلع الأساسية النادرة.
ولمواجهة نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات والآلات بسبب الحصار أقام عامل البناء أبو قاسم مصفاة مؤقتة لاستخلاص الوقود من المخلفات البلاستيكية، وذلك بحرقها وتكثيف الغاز الخارج منها.
اقرأ أيضاً: جيش النظام يلاحق الشباب في حماة ويتقدم بريفها
وتنقل وكالة "رويترز" للأنباء، عن أبو فهد (28 عاما) وهو أحد أبناء أبو قاسم: "ليس هناك أي متعة في عملنا فهو خطر لدرجة كبيرة ويتطلب الكثير من الحذر، عندما أرى أن وضع المعدات أصبح مستقراً أستطيع أن آخذ قليلا من الراحة وأدخن الأرجيلة".
وبدأت الورشة التي يعمل بها أبناء قاسم الثلاثة وبعض الأقارب نشاطها منذ نحو ثلاثة أعوام ونصف، حين بدأت الحكومة حصار الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة على مشارف دمشق وتضم منطقة دوما.
ومع اشتداد الحصار تسبب النقص الحاد في الوقود في تعطيل الزراعة والنقل وأنشطة أخرى وبدأ أبو قاسم في البحث عن وسيلة لحل المشكلة.
وباستخدام وسائل معروضة في تسجيلات مصورة تعليمية على الانترنت بدأت الأسرة في جمع العبوات البلاستيكية من حطام المنازل وبلاستيك خزانات المياه وأدوات المطابخ والمواد البلاستيكية المستخدمة في مد شبكات المياه والصرف الصحي. ويقوم الفريق بتكرير السائل إلى بنزين وديزل وتباع الغازات المنتجة محل الغاز الطبيعي، للاستخدام في أغراض منزلية وتجارية.
يباع الوقود إلى المخابز والمزارعين الذين يحتاجونه لتشغيل مضخات المياه وأصحاب السيارات والدراجات النارية. ويعاني الكادحون في ورشة العمل كثيراً من الدخان الناجم عن الحرق والذي يعلق في الهواء.
قال عامل من الورشة، يدعى أبو أحمد (28 عاما): "العمل هنا متعب جداً، لكننا نشعر بأننا نقدم خدمة كبيرة للناس. أعمل هنا منذ فترة قليلة وبدأت بالتأقلم مع جو العمل".
وتعمل الورشة 15 ساعة في اليوم، وستة أيام في الأسبوع، والوسيلة الوحيدة أمام العمال للوقاية من استنشاق الهواء الملوث بالبلاستيك المحروق هي شرب كوبين من الحليب في اليوم كما نصحهم البعض، رغم أن كفاءة الوصفة غير مؤكدة.
وتستهلك الورشة من 800 – 1000 كغ من البلاستيك في اليوم، ويُنتج كل 100 كغ من البلاستيك نحو 85 لتراً من الوقود. ويباع لتر البنزين بما يعادل 4.70 دولار، ولتر الديزل بأقل قليلاً. ويشعر السكان المحليون بالامتنان لهذا العمل.
قال أبو فراس (33 عاما) عامل الزراعة بالمنطقة لرويترز: "عندما بدأ الحصار على الغوطة الشرقية في نهاية 2013 ارتفعت أسعار الوقود بشكل جنوني ولم نعد قادرين على سقاية المزروعات كما في السابق مما أثر على إنتاج المحاصيل الزراعية".
وتابع يقول: "بعد فترة من الزمن ومع بداية عام 2014 بدأ الوقود المُصنّع محلياً بالظهور، وتبين لنا أن موتورات المياه يمكن أن تعمل باستخدام هذا الوقود، مما أعاد الحياة مجدداً إلى الأراضي الزراعية".
يمكنكم الاستماع للبث المباشر عبر الضغط (هنا)