غوطة دمشق.. طفلٌ يصنع المقشات في دكان جده

غوطة دمشق.. طفلٌ يصنع المقشات في دكان جده
القصص | 23 يناير 2017

"مقشات ... مقشات" صدح بها صوته الخجول الذي يجمع بين بحة الطفولة وخشونة الرجولة، ليذوب بضجيج الناس وسط أسواق دوما.

يحمل أنس بيديه "مقشات" يدوية الصنع، ويقف بها أمام متجره الصغير، المكتظ بالتفاصيل البسيطة.

"كم مقشة بدك" كان أول كلمة نطقها أنس (16) عاماً، كان متلهفاً لبيعنا، بقدر رغبتنا لمعرفته.

يعمل أنس منذ خمس سنوات، في صناعة صنع المكانس اليدوية من القش وبيعها، ويعيش هو وعائلته من مردودها بعد أن توفي والده، يبيع المكنسة الواحد بـ 400 ليرة سورية.

هجر أنس مدرسته، وهو في الصف الخامس الابتدائي، ليعيل عائلته، بعد أن ورث مهنة صناعة المكانس اليدوية من والده، يقول : "حدثني والدي سابقاً عن هذه المهنة، وصنع مقشّة أمامي، لم أكن أتخيل أن أترك دراستي وأعمل هنا مستقبلاً".

وأضاف في حديثه مع روزنة، "حصار النظام السوري للغوطة أشبه بالموت لي ولعائلتي. أحاول جاهداً أن أعيل أسرتي، أنا ممتن لجدي لأنه أمتهن صناعة المقشات، لولاه لما كنت أملك اليوم أي عمل".

بين حقول الغوطة، ومزارعها، ينطلق أنس كل صباح، باحثاً عن القش (المادة الأساسية لصناعة المقشات)، متذكراً في هذا الروتين اليومي، يدا والده وجده، متذكرأ فضل والده وجده، في حصوله على مهنة تعيله اليوم وعائلته الصغيرة. 

"عم اتخيل حالي جدي وهو عم يعمل مقشات" يقول أنس باسماً ويضيف" شو بدنا نعمل يازلمة لازم نعيش.. بتفرج إن شاء الله"، يكمل عمله محتضناً المقشة ويرص صفوفها مع بعضها البعض.

لاتتناسب خشونة يديه واسمرار بشرته مع عمره.. ولكن مع ذلك يحتفظ أنس بجزءٍ من طفولته.

يقضي أنس معظم أوقاته في العمل، وبعدها ينصرف للأعمال المنزلية، وأصبح شبه مُنعزل عن بيئته الاجتماعية، لم يعد يذكر سوى أصدقائه الذين هجروا الغوطة إلى الدول المجاورة، بينما بقي هو وعائلته في الغوطة يحاولون أن يتعايشو مع واقع الحرب.

 يعتبر أنس واحداً من آلاف اليافعين  والأطفال الذين اضطروا لترك تعليمهم ليعيلوا أسرتهم في الداخل السوري. حيث وثق التقرير الصادر عن اليونيسف لعام  2016 حول وضع الأطفال في سوريا، أن الملايين من الأطفال كبرو قبل أوانهم، وأجبر بعضهم على أن يصبح المعيل الوحيد للأسرة، فيما يُقدر عدد الاطفال المُسربون عن المدرسة في الداخل السوري  2،1 مليون طفل، ولا يستطيع نصف الأطفال السوريين أي نحو 2.8 مليون الحصول على فرص التعليم.

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق