لم تدم فرحة تخلص أيهم من الخدمة العسكرية بجيش النظام السوري، لأكثر من شهر واحد، أمضاه في لبنان، قبل أن يُجبر على مغادرة البلد، ويقرر العودة إلى سوريا.
حسرة أخرى وازت هم الشاب الحمصي ورافقته بعد قرار ترحيله من لبنان، هي 1200$ دفعها لرجل لبناني مقابل أن يكفله، ليضمن وجوده في الأراضي اللبنانية لمدة سنة كاملة، وفق نظام كفالة السوريين.
أتى نظام الكفالة للسوريين ضمن جملة من الشروط نظمت دخول السوريين إلى لبنان في 1/1/2015، عبر ما يسمى بـ"تعهد بالمسؤولية"، حيث يُستدعى فيه السوري بناء على طلب كفيل لبناني بحاجة للعمل لديه أو تربطه به علاقة ما، غير أن العملية غالباً ما تتم بأشكال أخرى يدفع فيها السوري سنوياً تكلفة وجوده في لبنان.
كيف تتم الكفالة المدفوعة؟

ويقارب عدد السوريين المتواجدين اليوم في لبنان حوالي مليوني شخص، نزار رجل سوري يعمل في لبنان منذ 20 عاماً، ويحمل الجنسية اللبنانية، يفترض أن 100 ألف شخص فقط، كفلوا مقابل مبلغ 1000$، يتابع حديثه: "ذلك يعني إدخال مئة مليون دولار سنوياً للبنانيين عن طريق الكفالات فقط"، وهو رقم ضئيل حسب الرجل إذا ما قورن بالرقم الفعلي لجميع الكفالات.
أكثر من كفيل خادع
غالباً ما تتم إجراءات الكفالة بعيداً عن أية ضمانات تكفل حق السوري الراغب بشدة دخول الأراضي اللبنانية، باعتبارها اتفاق جانبي، لا يسري وفق القوانين، لدرجة يجد نفسه مضطراً لإرسال كامل المبلغ الذي يطلبه الكفيل اللبناني لقاء سنة قانونية في لبنان.
زيد (28 عاماً)، اضطر وبعد أن نفذت منه كل محاولات تأجيل خدمته العسكرية في سوريا، لدفع مبالغ بقيمة 1100$ لكفلاء لا يعرفهم، يقول لروزنة: "في المرة الأولى أرسلت 400$ لكفيل لبناني، لكنه أغلق هاتفه بعد أيام قليلة وزعم أن حالة وفاة تمنعه من إتمام المهمة، في المرة الثانية قمت بإرسال 700$ لكفيل جديد، باعتبار أن المبالغ كبيرة تجلب نتائج مؤكدة، لكنه سرعان ما تحجج بأن الأمن العام لم يوافق على الإجراءات، وأنه قام بواجبه والذنب ليس بذنبه، المرة الأخيرة حاولت عبر معارف وأصدقاء لنا في لبنان، وإلى اليوم لم يحسم ما إذا كانت ستنجح، إذ هناك الكثير من المماطلة".
سماسرة سوريون
تحول بعض السوريين في لبنان إلى سماسرة يساهمون في إدارة العلاقة بين الكفيل والمكفول بين البلدين، يتقاضون بالمقابل جزء من المبلغ الذي يدفعه السوري يصل إلى الثلث في كثير من الأوقات، كما يحددون مع الشريك اللبناني التكلفة حسب حاجة السوري للخروج، عبر إيهامه أنهم الأضمن والأسرع، وأن السعر جيد مقارنة بغيرهم.
اقرأ أيضاً: سماسرة الهجرة.. نصب واحتيال
علاء شاب سوري يعمل في لبنان، وجد في "الكفالات" مصدر دخل ثانوياً له، يقوم بالتفاوض مع سوريين من معارفه، من أجل إدخالهم لبنان لقاء مبالغ يتقاسمها مع الكفيل.
يتذرع الشاب بغلاء المعيشة في لبنان مقابل ما يتقاضاه من عمله في إحدى مطاعم جونيه شمال بيروت، "نحن لا ننصب على الشبان القادمين من سوريا، لأنهم على علم بالأمر، وهم أحرار في الاختيار"، يقول علاء.
الأمن العام يحاسب ويرحل
رُحل أيهم إلى سوريا في آب الماضي، بعدما أوقفت السلطات اللبنانية كفيله اللبناني الذي كان يقوم بأعمال غير قانونية، تمثلت بتعهده بمسؤولية 14 شاباً سورياً، كان أيهم أحدهم.
تقاضى ذاك الكفيل أكثر من 12 ألف دولار من السوريين الذين كفلهم، وبعد توقيفه من الأمن العام، اعتبر جرمه "اتجاراً بالبشر".
في البداية أظهر الأمن العام اللبناني تعاطفاً مع السوريين الـ14، ووعدهم بالتعويض عن المبالغ التي خسروها، وبعد أسبوع من الحادثة، تبخرت الوعود، إذ استدعي الشبان إلى مركز الأمن العام في بيروت وطلب منهم مغادرة البلاد في مدة أقصاها 48 ساعة، بحسب أيهم.
يمكث أيهم اليوم في بلدة الحواش غربي حمص بعيداً عن عيون الشرطة العسكرية، خصوصاً أن تأجيله بداعي السفر سينتهي خلال أسابيع، لذا عليه الإسراع بإيجاد كفيل "شريف" حسب وصفه، يستطيع من خلاله الهرب ثانية إلى لبنان.