لم يكن يريد عيسى أن يدخل مجال العسكرة، لكن ما حدث معه على أحد الحواجز العسكرية التابعة للنظام السوري، كان سبباً في تحويل حياته من مدني إلى عسكري، وأجبر على التوقف عن الدراسة.
ضاع مستقبل عيسى حسب حديثه، بسبب حواجز قوات النظام السوري الموجودة بين ريف حماة الخاضع لسيطرة المعارضة، والمدينة التي يسيطر عليها النظام، حيث كان مضطراً إلى اجتيازها أثناء ذهابه للامتحانات الجامعية.
يقول عيسى: "أنا من ريف حماة الجنوبي الخاضع لسيطرة للمعارضة، والآن انضممت إلى صفوف مقاتلي المعارضة لأنني أريد أن أنتقم من قوات النظام، خاصة أن حواجزهم منعتني من الدخول إلى حماة وتقديم امتحاناتي".
حتّى الغذاء يُصادر!
يحسب ابن ريف حماة ألف حساب كلما سافر من المدينة إلى ريفها أو بالعكس، فحواجز قوات النظام منتشرة على طول الطريق ومستمرة في مضايقة المسافرين، حسب شهادات من أناس خاضوا التجربة.
اقرأ أيضاً: حملة شعبية على انقطاع الكهرباء والنظام ينشر حواجزه بحماة
لا توفر حواجز قوات النظام حتى المواد الغذائية التي ينقلها المسافرون معهم على الطريق، والحجج التي يتهمون بها المسافرين لا صلة لها بالواقع كما يرى بعض الأهالي.
حسن شاب من ريف حماة، يقول: "التعامل مع حواجز قوات النظام في ريف حماة صعب جداً، ولا بد على المسافر أن يحسب ألف حساب قبل خوض طريق السفر، فهناك أربعة حواجز عسكرية للنظام، وكل حاجز يوقفك قرابة الساعة، ويطرح المسؤول عن الحاجز بعض الأسئلة".
وفي إحدى المرات، أوقف حسن أحد العناصر المتواجدين على حواجز عسكرية في طريق حماة، وسأله عن منطقته ومن بها وكيف يعيش الناس، كأنه يريد أن يوقعه بأحد الأجوبة حتى يعتقله، بحسب وصف حسن. الذي يضيف: "في مرة أخرى كنت عائداً من حماة إلى الريف، وصادر حاجز لقوات النظام مواداً غذائية كنت قد اشتريتها من حماة".
لتجار حماة حكاية أخرى
يعمل كريم وهو من ريف حماة في مجال التجارة المحلية، ينقل بضائع من ريف حماة إلى حماة وبالعكس كي يحقق قدراً من الدخل، لكنه يتعرض للمضايقة من الحواجز العسكرية أثناء السفر، ما أجبره على سلوكيات لم يكن يقوم بها.
"كنت أدفع المال لكل حاجز تابع لقوات النظام كي يسمحوا لي بالمرور"، يؤكد كريم، ويتابع: "أحياناً يتهجمون علينا ويصادرون البضائع لعدة ساعات، والغرض من ذلك زيادة المال المدفوع لهم لا أكثر، ثم يعيدون لي البضائع والسيارة، همّهم الوحيد جمع النقود، وفي الفترة الأخيرة أصبحوا يطمعون أكثر ويطلبون مبالغ مالية أكبر كي يسمحوا لنا نحن التجار بالمرور".
تعرض كريم في آخر مرة سافر بها إلى مصادرة بضائعه والسبب أنه لم يدفع المبلغ المطلوب منه، حيث اتهموه بأنه يتعامل مع الإرهابيين، فهي تهمة جاهزة مسبقاً حسب كلام التاجر.
"شبيحة" يحققون مع المسافرين
اقرأ أيضاً: غارات على ريف حماة وقصف على حي الوعر بعد شهرين من الهدوء
يفتح عناصر الدفاع الوطني التابعين للنظام والمعروفين بلقب "الشبيحة" تحقيقاً مع كل مسافر متجه إلى مدينة حماة أو خارجاً منها، وأحياناً يعتدي العناصر على المسافرين ويضايقونهم بتهم واهية، حسب شهادات من أبناء المنطقة.
ما سبق جعل قوات المعارضة تطلق معركة جديدة تهدف إلى القضاء على الحواجز العسكرية التابعة للنظام والتي تضايق المسافرين، حسب أبو محمد أحد القياديين في فصائل المعارضة بريف حماة.
يقول أبو محمد: "اضطررنا إلى الإعلان عن معركة جديدة تهدف للهجوم على هذه الحواجز كردة فعل على الممارسات التي يتبعونها في معاملتهم مع المسافرين، وبالفعل تم القضاء على بعضها بعد معارك طالت لأيام، ولا تزال مستمرة، وطبعاً هذا أقل ما يمكن فعله لحماية المدنيين في المنطقة وحفظ حقوقهم".
ممارسات كثيرة لحواجز قوات النظام في مناطق ريف حماة، غيرت الكثير من حياة الأشخاص هناك، كعيسى، الذي أصبح على جبهات القتال، بدل أن يكون في مقاعد الدراسة!