يستقبل أهالي محافظة السويداء عيد الأضحى في ظروف أمنية صعبة، في ظل تزايد أعداد ضحايا الحرب بالإضافة لحالات الخطف والسرقة، التي أفقدت العيد فرحته وطقوسه المألوفة.
هبة 30 سنة، تقضي العيد وحيدة بعد مقتل أبيها في تفجير هز السويداء السنة الماضية، وهجرة زوجها هرباً من الخدمة الإلزامية بجيش النظام السوري.
تقول هبة: "بعد وفاة أبي وسفر زوجي أقضي العيد هذه السنة وحيدةً، قساوة الظروف والحالة السيئة التي تمر فيها البلاد ألغت البهجة والفرحة التي يحملها العيد، كثير من العائلات مفجوعة بفقدانها شخص عزيز عليها".
وتضيف هبة: "مرور أيام العيد وأنت وحيد لا يسمى عيد، ستكون أياماً صعبة تختلف تفاصيلها عن تفاصيل العيد في الماضي".
أزمة أيلول ؟
فرضت قساوة الحرب واقعاً أمنياً واقتصادياً صعباً على المواطن السوري، فقدوم العيد في شهر أيلول بالتزامن مع افتتاح المدارس وتجهيز مونة الشتاء، زاد الأمر تعقيداً، ما جعل أكثر الأسر في السويداء غير قادرة على تحمل نفقات تحضيرات العيد في ظل ارتفاع جنوني بالأسعار.
أبو نادر أبٌ لثلاثة أطفال، يعتقد أن تأمين احتياجات العائلة بات أمراً صعباً، خاصة في الظروف التي تعيشها البلد.
"في شهر أيلول تحديداً تزداد المعاناة و يزداد الوضع المادي حرجاً، بسبب قدوم العيد الذي اقتصر على شراء ملابس للأطفال، لأن العيد هو فرحتهم التي لا تكتمل إلا بملابس جديدة إضافة إلى كونه شهر مؤن و مدارس مما يزيد أعباء الأسرة"، يقول أبو نادر.
ويتابع الرجل أن المدخول الشهري لا يكفي خاصة راتب الموظف الحكومي، إضافة إلى الارتفاع الكبير بالأسعار الذي لا يرافقه أي زيادة بالرواتب أو الأجور.موضحاً: "في كل منزل في سورية ترى صورة لفقيد و جرحاً في القلب عند كل الناس، فالعيد هذه السنة اقتصر على الأطفال".
حركة وهمية في الأسواق
تتنازل الأسر السورية عن شراء الكثير من مستلزمات العيد وخاصة (الأضحية)، فسعر اللحوم ارتفع بشكل كبير، و رغم أن أسواق السويداء تغلق يوم الجمعة في عطلتها الأسبوعية، إلا أنه مع بدء قرب عيد الأضحى تفتح المحال في عطلتها لاستقبال الزبائن.
يظن خالد وهو صاحب لأحد المحال التجارية في السويداء، أن انخفاض قيمة الليرة السورية وضعف القوة الشرائية للمواطنين انعكس سلباً على حركة الأسواق في المدينة.
ويضيف: "حركة السوق مقبولة هذه السنة ولكن دون فاعلية، نستطيع القول كأصحاب محال تجارية أن غلاء الأسعار علينا إضافة إلى مصاريف الشحن على البضائع تكون مرهقة بالنسبة للمواطن".
ويتابع "نحاول قدر المستطاع التسوق بشكل يرضي و يريح الزبون ولكن إجمالاً يوجد غلاء كبير مقابل نقص في الدخل الفرق عن السنوات السابقة، خاصة قبل بداية الأحداث السورية كان الناس بوضع اقتصادي جيد، ويمتلك معظمهم قوة شرائية نوعاً ما إضافة إلى بهجة العيد وفرحته التي نفتقدها هذه الأيام".
ماذا تغير في العيد؟
تختلف طقوس العيد من محافظة سورية إلى أخرى، ومع تصاعد وتيرة العنف داخل البلاد تغير الكثير من طقوس العيد، فأصبح العيد حالة غير مرغوب بها.
يقول الباحث الاجتماعي مصعب شمعة لروزنة إن دخول ثقافات جديدة على السويداء، إضافة إلى وجود عدد كبير من الضحايا نتيجة الحرب الحاصلة في البلاد، أدى إلى بهتان في حالة العيد.
ويضيف: "العيد في الريف يأخذ صيغة موقف العزاء هذه السنة، معظم البيوت فقدت أشخاصاً في الحرب، إضافة إلى الوضع المأساوي الدموي، الوضع الاقتصادي السيء جعل من العيد عبئاً و حالة غير منتظرة لا في المدينة ولا في الريف".
يمر العيد هذه السنة ضيفا ًطارئاً سريع الرحيل يكهل حال الأسرة السورية، ويزيد معاناتها، بيد أنه يبقى الضيف المنتظر للأطفال الذي يدخل البهجة الى قلوبهم بما بقيَ من حلوياته و ملابسه الجديدة.