النضال اللاعنفي في حلب.. طرق وفوائد

حرق إطارات
حرق إطارات

سياسي | 07 سبتمبر 2016 | نزار محمد

لم تتوقف النشاطات السلمية خلال سنوات الثورة السورية، وخصوصاً في مدينة حلب، والتي كان آخرها، حرق الإطارات للتشويش على حركة الطيران الحربي.

برزت هذه النشاطات منذ بدايات الثورة في حلب، ولعل أهمها ثورة الطلاب في المدينة الجامعية التي اتخذت أشكالاً عديدة من الحراك السلمي، إلى درجة أن عناصر الأمن والمداهمة أصبحوا يدققون على أبسط الأشياء التي يحملها الطلاب كقلم الحبر.

غمامة سوداء

اقرأ أيضاً: مصائر مختلفة… سوريون شاركوا الثورة أول أيامها


اجتمع شبان في قسم حلب الخاضع لسيطرة المعارضة، الشهر الماضي، وهم يفكرون في وسيلة تنجيهم من القصف المستمر الذي يحصد أرواح المدنيين، ليخرجوا بنتيجة من اجتماعاتهم، مقررين أن يحرقوا إطارات السيارات التالفة، علها تخفف من حدة القصف على مناطقهم.

بدأ الشبان يجربون الفكرة في أحياء طريق الباب والميسر والجزماتي، هادفين من عملهم أن يشكلوا غمامة سوداء فوق المدينة علها تمنع قصف الطيران للمدينة، بعدها بيوم تمددت الفكرة لتصل إلى أحياء حلب الغربية الخاضعة للمعارضة، ثم انتشرت بشكل أوسع ليتم تطبيقها في ريف حلب.

يقول أحمد عساف وهو ناشط إعلامي من مدينة حلب: "إن الفكرة أتت بنتائجها، حيث كانت أحياء حلب الخاضعة للمعارضة تقصف بأكثر من 50 غارة أحياناً في اليوم الواحد، مع حرق الإطارات لا تقصف سوى بخمس غارات، وما يؤكد نجاحها اتجاه قوات النظام إلى استخدام المدفعية كوسيلة بديلة عن قصف الطيران".

ويضيف: "إن الفكرة كانت ناجحة ولا تزال تطبق في أحياء المدينة، يمكن أن نقول أنها السبيل الوحيد لأهالي المدينة للتخفيف عن معاناتهم وتعرضهم للقصف الجوي اليومي".

جاءت وسيلة إحراق الإطارات كطريقة للتغطية على الطيران في أجواء المدينة، ووصل الشبان إلى الفكرة من ظاهرة حصلت مسبقاً عدة مرات في المدينة، فعندما تمطر السماء أو يكون هناك كثافة في الغيوم يخفف الطيران طلعاته الجوية فوق المدينة.

أحمد محمد، ناشط حقوقي من حلب، يقول: "بالنسبة للحراك السلمي الذي قام به أبناء مدينة حلب، فهو لا يقل أهمية عن العمل المسلح الذي يقوم به العساكر على الجبهات، فهم يساندون العساكر سيما أنه ليس لديهم خيار آخر، فإما أن يسلموا أنفسهم للنظام والذي يمكن أن يخفيهم في المعتقلات أو ينفذ بحقهم إعدامات ميدانية وهذا ليس بغريب عن النظام".

أيام ثورة الشباب

اقرأ أيضاً: عفراء جلبي تدافع عن اللاعنف في الثورة


في جامعة حلب، وبالتزامن مع زيادة حدة المظاهرات السلمية ضد النظام، بدأ المتظاهرون في الجامعة بإعداد نشاطات سلمية معارضة.

علي حمود طالب في قسم اللغة العربية يجامعة حلب، يقول لروزنة: "كانت كاميرات الهاتف المحمول تشكل خطراً على حياة أي طالب، سيما أنها كانت الوسيلة التي توثق انتهاكات عناصر الأمن، لكن بعد التدقيق الشديد عليها، بدأ البعض من الطلبة يستخدم كاميرات سرية توضع بدل أزرار القميص أو في الأقلام أو ضمن الساعة لنقل ما يحدث من اعتقالات، للرأي العام".

وبحسب الشاب، سببت تلك التكتيكات باستنفار عناصر الأمن، التي كانت تتابع أي كتابات على اللوحات أو جدران الجامعة والسكن بالمدينة الجامعية.

"لم يستسلم الطلاب المشاركون بالمظاهرات، حيث أنهم استعملوا سائل تنظيف الأحذية، لكتابة الشعارات المناهضة للنظام على جدران الحرم الجامعي وضمن الغرف والوحدات السكنية، ليبدأ عناصر الأمن بالبحث عن سوائل تنظيف الأحذية (البويا) ويعتقلون كل من في حوزته علبة"، يوضح الحمود.

الشعارات تواجه الأمن!

في إحدى المرات، شاهد الحمود عناصر الأمن في الوحدة السكنية التاسعة بمدينة حلب الجامعية، يمسحون عبارة "يسقط الأسد" على جدار الوحدة، وكتبوا عوضاً عنها "يسقط العرعور". 

تلك التكتيكات كانت مربكة لعناصر الأمن، التي استنفرت لتتابع وتمحي وما كُتب.

محمد السكري، طالب جامعي في حلب، شهد العديد من تلك اللحظات، كان يكتب شعارات مؤيدة للثورة السورية ضد النظام على الجدران، في حي السليمانية المليئ بعناصر الأمن. قبل أن يهرب إلى مناطق المعارضة في ريف حلب، بعد مداهمات الأمن لمنطقته. 

ولا يمكن الحديث عن النشاطات السلمية، دون المرور بالاعتصامات التي كانت تقام ضد النظام السوري، في ساحات جامعة حلب، ولعل أشهرها، الاعتصام الذي تم في كلية الطب البشري تنديداً باعتقال طلاب، والاعتصام الكبير في عام 2012.

حسن من المشاركين في اعتصامات جامعة حلب، يؤكد لروزنة: "في الشهر الخامس من عام 2012 حصل اعتصام كبير من قبل آلاف الطلبة بالجامعة، جابهه الأمن بطرد الطلبة من الوحدات السكنية ليحمل الطلاب حقائبهم ويتجمعون على أسوار الحرم الجامعي".

ويضيف: "بقي الحال على ما هو إلى حين قدوم امتحانات الفصل الثاني، ليسمح الأمن للطالبات بالعودة للسكن، أما الطلاب فمنعهم منعاً باتاً من العودة لوحداتهم السكنية".

فوائد اللاعنف!


اقرأ أيضاً: التواصل اللاعنفي.. من القلب إلى القلب

لم تكن حملة إحراق الإطارات هي الأولى من نوعها فيما يخص الحراك السلمي، فأبناء من حلب استخدموا العديد من النشاطات السلمية، مثل توزيع المنشورات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، بأكثر من مناسبة، دعوا من خلالها أهالي المناطق تلك، إلى الوقوف بجانبهم والتنبيه من خطورة بقاء نظام الأسد في السلطة.

ويعوّل الكثيرون ممن واكبوا الأحداث في سوريا على فكرة الحراك السلمي، مرجعين إياه إلى بداياته بأول سنتين حيث كان الوضع جيداً حسب رأيهم.

الأستاذ أمين الحاجي، أحد المتابعين لتطورات الثورة السورية منذ بدايتها قال لروزنة: "أنا برأيي أن الحوار السلمي له تأثير كبير على العدو مهما كانت شراسته وهمجيته، وما يجعلني أتأكد من هذا الشيء، هو النضال السلمي لغاندي بثورة الهند، حيث كان يقاوم المحتل البريطاني الذي يقابل همجية الأسد وشراسته، ورغم ذلك بقي غاندي محافظاً على حراكه السلمي حتى نالت الهند حريتها".

وأضاف، مقارنة بالوضع في سوريا، "ننظر إلى الفترة الأولى من الثورة السورية، فترة الحراك السلمي، فترة الستة أشهر الأولى، كيف كانت نتائجها أفضل بكثير من هذا اليوم، كانت الانشقاقات من الجيش والأجهزة الأمنية تتم بشكل يومي، كانت سوريا نوعاً ما بخير، أما اليوم فنحن دفعنا ثمن عدم مواكبة الحراك السلمي بالدمار الممنهج على كل الأصعدة".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق