بعد أن اعتاد أحمد السفر إلى بيروت والعودة لدمشق أسبوعياً، بحكم عمله في التجارة، أصبح يؤجل سفره مرات كثيرة، لأن الطريق الذي كان يستهلك من وقته وماله الشيء اليسير، أصبح اليوم عبئاً ثقيلاً، مكلفاً، وخطيراً!
تغير الطريق بين دمشق والحدود اللبنانية كثيراً، منذ خمس سنوات، فحواجز قوات النظام السوري تقطعه عدة مرات، فارضة سلطتها. ومسببة بارتفاع التوتر عند أحمد وغيره من الذين يريدون الذهاب إلى لبنان لأي سبب.
حاجز الـ Marlboro
في الطريق من دمشق نحو لبنان، تمرُّ بحواجز عسكرية عديدة لجيش النظام والجمارك السورية، 5 حواجز عسكرية وأمنية موزعة في طريق الخروج نحو لبنان، و7 أخرى في طريق الدخول تبدأ بعد ختم الدخول في جديدة يابوس.
اقرأ أيضاً: في القابون.. رشوة حواجز النظام مقابل الحياة
يستطيع أي حاجز تفتيش كل أجزاء السيارة، ومعه الصلاحية بفك المركبات كلها، وفتح كل الحقائب بمختلف أنواعها!
يقول أحمد وهو تاجر قطنيات في سوق الحريقة بدمشق: "قبل خمس سنوات كان الطريق بين دمشق وبيروت قصيراً، من مدينة دمشق إلى المعبر الحدودي مع لبنان 50 كلم، ولا يحتاج لأكثر من اصطحاب البطاقة الشخصية، ساعتان ربما تكفي لاجتيازه، اليوم تغيّر الطريق وصار يستغرق كثيراً من التفاصيل".
وبحسب أحمد، ما أن يخرج من كراج السومرية بريف دمشق، حتى يواجه أول حاجز للأمن العسكري التابع للنظام، "هذا الحاجز لا يشكل عبئاً، فقد يرضى بعلبة شوكولا أو بعض الفواكه والعصير، أو دخان نوع لوكي وجلواز وبعض الويسكي، لنمر دون أن يدقق عناصر الحاجز في الركاب"، يضيف الرجل.
فما الحاجز الأكثر عبئاً على السائقين؟، يجيب أحمد: "هو حاجز الفرقة الرابعة المعروف بالتسعيرة الخاصة به، (باكيت مارلبورو أو اثنان) ،حيث يبلغ سعر العلبة الواحدة ما يقارب 2000 ليرة سوريا". ويتمركز هذا الحاجز بين السومرية وجديدة يابوس.
دورية الجمارك المتنقلة
لا يقتصر موضوع المعاناة على المسافرين وحدهم، بل يشاركهم السائقون أيضاً قصص التعب التي تتكرر مع كل رحلة. بيد أن بعض السائقين، يتفقون مع الحواجز التابعة للنظام، وأصبحوا يعرفون مفاتيح العناصر!
عبد الحكيم سائق تكسي يعمل لصالح مكتب متخصص بنقل الركاب من دمشق إلى بيروت وبالعكس، يقول لروزنة: "ما إن ينتهي التفتييش من حاجز الفرقة الرابعة، ويتابع المسافر طريقه حتى تكون سيارات الجمارك بانتظار نصيبها من (الهدايا)، وطبعاً ليس لها مكاناً محدداً ولكنها غالباً بالقرب من ميسلون، وقبل الحدود مع لبنان تتواجد واحدة أخرى، والسيارة الثالثة عند مفرق بحيرة زرزر، وهنا ينبغي على السائق دفع المعلوم (500 ليرة سورية)".
ويعتبر حاجز الجمارك الأسهل، حيث تقتصر مهمته على أغراض المسافرين والتأكد من أنهم لا يحملون أي مواد مخالفة جمركياً، وإن كان غير ذلك، يكون حديثاً آخر وتسعيرة مختلفة وصعوبة كبيرة.
3 حواجر للأمن العسكري
قبل الوصول إلى الحدود السورية اللبنانية وبعد حاجز السومرية وحاجز الفرقة الرابعة، يصادفك 3 حواجز للأمن العسكري مهمتها التدقيق بهويات القادمين والمغادرين، ولا تشهد تلك الحواجز اختناقات مرورية، إلا أن 200 ليرة لكل حاجز شيء مفروغ منه، وبات من العرف الذي لا يتم الحديث به من قبل السائقين.
اقرأ أيضاً: "خدلك سيجارة".. المدخنون يغيرون عاداتهم
يقول حسن، وهو طالب جامعي من مدينة ديرعطية في "جامعة الجنان اللبنانية": "أنا كمسافر أعرف أن هذه الحواجز لم توضع لحماية المسافرين أو الإمساك بالإرهابيين المسلحين أو السيارات المفخخة، فهذه الطريق لم تشهد حتى اللحظة أيّ عملية لضبط شحنة أسلحة قادمة من خارج الحدود".
ويؤكد عدد كبير من المسافرين أن معظم ضحايا هذه الحواجز هم من المدنيين، الذين إما يشتبه بهم اعتماداً على ملامحهم الخارجية، أو على قيد نفوسهم بحسب بطاقاتهم الشخصية سيما أبناء المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
أخطر الحواجز!
غالباً ما يتفاجأ المغادرون أو القادمون عند المرور على النقطة الحدودية لختم جوازات سفرهم، حيث يخضع الجميع لـ"تفييش"، مختلف تماماً عن حواجز الداخل، ويتم فحص معلومات الأسماء وفقاً لبيانات جميع الفروع، وليس شرطاً أن الشخص حين يجتاز الحدود دون توقيفه أن لا يكون مطلوباً من النظام، فالتفييش عند الحواجز مختلف عن نظيره في البوابة الحدودية بجديدة يابوس.
تعرض وائل ابن مدينة الباب بحلب، للاعتقال على أحد الحواجز عند دخوله من لبنان في 2014 ليخرج بعد 6 أشهر حيث دفع أهله مبالغ مالية طائلة قاربت مليوني ليرة.
يقول وائل: "رغم أني دخلت من طريق الحدود بعد تفييش اسمي وكان نظيفاً، لكنّ الحاجز أمر باعتقالي وتحويلي إلى مطار المزة، بسبب تقرير كتب ضدي على أني ناشط مدني في منطقتي".