تريد إدارة أوباما التخلص من العنف والمعاناة في سوريا، وفي نفس الوقت، هزيمة الجهاديين هناك.
يدفع البيت الأبيض حالياً بخطة لتعاون الولايات المتحدة الأميركية مع القوات الروسية في سوريا، ويتضمن الاتفاق: تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق الضربات الجوية ضد الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة للقاعدة. وبدورها، ستقوم روسيا بإجبار نظام الأسد على وقف استخدام البراميل المتفجرة والضربات الجوية، في المناطق التي لا يوجد فيها متطرفين. بحسب (مادة رأي) نشرت على صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، للكاتب دينيس بروس.
هزيمة الإرهابيين هدف مهم بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، وبعد سنوات من الموت والدمار، فإن أي اتفاق سيتم بين أطراف النزاع ورعاتهم في سوريا، سيلقى الترحيب، ولكن خطة إدارة أوباما قوبلت بالمعارضة من قبل الكثيرين داخل الاستخبارات المركزية الأميركية، وزارة الداخلية، والبنتاغون، وهذا ليس من شانه فقط أن يمكن الحصار الذي يفرضه الأسد على المناطق التابعة للمعارضة في حلب، بل إن هذا سيدفع بالجماعات الإرهابية واللاجئين للتدفق إلى تركيا، وبدلا من ذلك، فإن على الولايات المتحدة أن تستغل الفرصة لتأخذ موقفاً صارماً أكثر مع الأسد وحلفائه.
وزير الخارجية الأميركي (جون كيري)، يأمل بأن الاتفاق الأميركي-الروسي سيساعد بالتقدم في قضايا أخرى، ومن ضمنها استعادة "وقف الأعمال العدائية"، وهي هدنة جزئية بدأت في شباط الماضي وتم خرقها في أيار، وسيساعد أيضاً في العودة إلى المفاوضات بشأن انتقال سياسي، وتتجسد هذه الأهداف أيضاً في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التي اعتمدت في كانون الأول الماضي.
يُظهر نص مسرب عن الاتفاق المقترح أنه مليء بالثغرات الخطيرة، حيث يرسم ممثلو روسيا والولايات المتحدة المناطق التي تتمركز فيها جبهة النصرة بشكل كبير، والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة المعتدلة مع احتمال وجود لجبهة النصرة أيضا بشكل طفيف، وهذا ما سيعطي الضوء الأخضر للأسد وحلفائه بضرب المناطق غير التابعة للنصرة، فضلاً عن ترسيخ سيطرة النظام السوري في السلطة.
أكثر ما يدعو للقلق أن حكومة الأسد تفتقر إلى المقاتلين للسيطرة على المناطق الريفية التابعة لللمعارضة، وهكذا سوف تعتمد على حزب الله الميليشيات الشيعية للقيام بذلك.
حيث ستقوم هذه المجموعات الطائفية على الأغلب بإجبار جبهة النصرة والآخرين على شد الرحال إلى تركيا، وهذا من شأنه أن يجعل العنف المتشدد أكثر قرباً إلى الغرب جغرافياً، كما سيؤدي ذلك إلى نزوح المدنيين من المناطق المعارضة ومحاولتهم شق الطريق إلى أوروبا لطلب اللجوء.
استفادت روسيا سابقاً من هذه الثغرات، مما سمح لها بضرب المعارضة المعتدلة مراراً، وأدى ذلك إلى سيطرة الأسد على أراضي حلب المحاصرة.
يبدو أن إدارة أوباما تعتقد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يبحث عن طريقة للحد من تورط روسيا في الحرب السورية، ولكن بوتين أكثر اهتماماً في إثبات أن روسيا وأصدقائها هم الفائزون في سوريا، وأن الولايات المتحدة تخسر.
وقال بوتين إنه لن يغير نهجه مالم يقتنع أن دعم حكومة الأسد سيكلفه كثيراً، كما أنه يعلم جيداً أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتخذ أي إجراءات لمعاقبة روسيا لدعمها حكومة الأسد، وعلى ذلك فإنهم سيتعاملون مع اتفاق الهدنة كما تعاملوا معها من قبل.
إلا أن البديل موجود: وهو معاقبة الحكومة السورية على خرق الهدنة، وذلك باستخدام الطائرات بدون طيار، وصواريخ الكروز لضرب مطارات الجيش السوري، قواعده العسكرية، ومواقع المدفعية الخاصة به، حيث ليس هناك أي تواجد للقوات الروسية.
ويقول معارضون لهذا النوع من الهجمات المحدودة، أن ذلك سيدفع روسيا على تصعيد النزاع.
ولكن إخطار روسيا بمثل هذه الهجمات ضد حكومة الأسد في حال خرق الهدنة، سوف يردع الخروقات ويلفت بوتين إلى أن حليفه السوري سيدفع الثمن في حال لم يلتزم بالهدنة.
وإذا كانت روسيا لا تريد الحد من مشاركتها في سوريا، فإن التهديد بضربات محدودة كاف لإقناعها بالضغط على حليفها الأسد ليلتزم بالاتفاق، وهذه هي الطريقة الوحيدة لبدء العملية السياسية على الأرجح.
لطالما قال أوباما وجون كيري بأنه لا أفق للحل العسكري في سوريا، ولكن يبدو أن كل من روسيا وإيران يعتقدان العكس، أو على الأقل، لا فائدة من أي حل سياسي إذا لم يتم القضاء على المتمردين وتقوية الحكومة السورية، بالنسبة لهم.
لقد حان الوقت للولايات المتحدة الأميركية أن تتكلم بلغة يفهمها كل من الأسد وبوتين.