قصتي: ادلب.. مندوبات جبهة النصرة تجبرن الفتيات على النقاب

مندوبات جبهة النصرة
مندوبات جبهة النصرة

نساء | 28 يوليو 2016 | روزنة

لا ترغب آلاء بالذهاب إلى المدرسة في ريف إدلب، رغم حبّها للدراسة، والسبب، قوانين جبهة النصرة المسيطرة على منطقتها.

اتخذت آلاء ابنة الـ14 عاماً قرارها الصعب، بعد اعتداء مندوبات الجبهة عليها في المدرسة، وقتها، دخلن إلى أحد الصفوف، وأوقفوا المعلمة عن إعطاء الدرس، وبدأن بإلقاء محاضرة عن الحجاب الشرعي وضرورة وضعه. 
اقرأ أيضاً: الرقة: فتياتٌ من جحيم داعش إلى وادي النصارى

تقول آلاء: "لا أنسى ذلك اليوم عندما هجمت علي إحداهن ورفعت طرف غطاء رأسي، وقامت بانتزاع شكلة الشعر التي أضعها ورمتها أرضاً قائلة بصوت مرتفع: لماذا تضعون هذه الفتن على رؤوسكن؟ إنها ملفتة للنظر وحرام".

أوامر باللباس 

لم ترض آلاء بأوامر مندوبات النصرة، وانضمت للعديد من الفتيات اللاتي رفضن وضع النقاب في المدرسة، بعد إصدار الجبهة بياناً يؤكد ضرورة ارتداء النساء والفتيات في مناطق سيطرتها، للباس الشرعي.

وتضمن البيان الذي صدر بدايات عام 2016، عقوبات لأهالي المخالفات، بدفع غرامات مالية، وقامت النصرة بتوظيف نساء تابعات لها، لمراقبة الالتزام بقراراتها في مدارس ريف إدلب.

في البداية لم تعر الفتيات لهذه الأوامر أي إهتمام، كما لم يقمن بتغير ملابسهن، ولكن مندوبات الجبهة أخذن يترددن على مدرسة آلاء بمعرة النعمان، بشكل شبه يومي، للإطلاع على مدى استجابة الفتيات، ثم تحولت لهجتهن من حالة الطلب في البداية، إلى لهجة الأمر فيما بعد.

هجوم واعتداء!

مواقف مؤذية ومحرجة تتعرض لها الفتيات بعمر آلاء، جراء تصرفات مندوبات النصرة، وإجبارهن على التقيّد باللباس الشرعي.

نائلة 15عاماً، تعرضت لموقف محرج أمام زميلاتها ومعلماتها حينما وبختها إحدى المندوبات، بسبب ارتدائها الملابس الملونة.

"لا أتخيل نفسي مرتدية الملابس التي يتحدثن عنها، وهي العباءة الطويلة السوداء والنقاب والحجاب الأسود"، تقول نائلة. مضيفة أن هذه الملابس يلبسنها فقط السيدات الكبيرات في السن في مجتمعها، وليس الصغيرات أمثالها على حد تعبيرها، ولهذا السبب لم تعد نائلة تذهب إلى المدرسة. 

من هن مندوبات النصرة؟

مندوبات جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، هن عبارة عن مجموعات موزعة على قرى ريف إدلب، كل مجموعة مؤلفة من خمس نسوة، يقصدن مدارس المنطقة بين الحين والآخر "للوعظ والنصح" على حد وصفهم.
اقرأ أيضاً: لاجئات يواجهن التحرش بالصراخ والنقاب

أم محمد (38 عاماً)، إحدى المندوبات، تقول: "صلتنا بالجبهة بأننا زوجات لمجاهدين فيها، ونحن نقوم بواجبنا الديني وهو تعليم الفتيات والنساء أصول اللباس الشرعي، لانبغي من وراء ذلك أجراً أو مالاً، وإنما هو عمل تطوعي بتأييد من جبهة النصرة".

وتشير أم محمد إلى ضرورة عملهن بما تقتضيه "المصلحة العامة"، خاصة وأن حالات الخطف والاغتصاب باتت كثيرة في الوقت الحاضر، نتيجة انعدام الأمن وتداخل المجتمعات ببعضها بسبب النزوح، "لهذا فإن أفضل حل لهذا الأمر، هو أن تحافظ كل فتاة على نفسها بوضع النقاب وارتداء الملابس الشرعية" تضيف أم محمد.

صلاحيات قوية 

يبدو أن مندوبات جبهة النصرة يملكن سلطات قوية، حيث يقتحمن المدارس ويطغو على كلامهن أسلوب الأمر.

تؤكد سها إحدى المعلمات في ريف إدلب، أن أسلوب كلام مندوبات النصرة، يدل على أنّهن يتمتعن بسلطة واسعة، وأنهن موظفات ولسن متطوعات. موضحة: "الدليل على سلطتهن، أن الجبهة وجهت إنذارات لعدد من الأهالي الذين لم تستجب بناتهن لأوامر المندوبات".

أبو أيمن أحد سكان ريف إدلب، يؤكد كلام سها، قائلاً: "وصلتني مذكرة إنذار بضرورة ارتداء بناتي للباس الشرعي، وإلا سوف أضطر لدفع غرامة مالية وقدرها 25 ألف ليرة سورية".

بعد ذلك طلب أبو أيمن من بناته أن يلبسن هذا اللباس، تفادياً للمشاكل، على عكس أبو عامر الذي لم يكترث لتهديدات جبهة النصرة.

يقول أبو عامر: "نحن هذا لباسنا وهذه عاداتنا، ومقتنعون بها ولن نغيرها من أجل أحد".

موقف أبو عامر كان مشابهاً لمواقف عديدة، انتقدت أساليب الجبهة، وأمام احتجاج الأهالي على هذا القرار وخاصة بعد خروج مظاهرات ضد الجبهة في معرة النعمان منذ آذار الماضي، على خلفية اقتتالها مع الفرقة 13، فقد عمدت جبهة النصرة إلى تعليق تنفيذ عقوباتها حول هذا الموضوع مؤخراً في المعرة، والتوقف عن كل ما من شأنه زيادة الإحتجاجات ضدها حالياً.

*تم انجاز هذا التقرير بدعم من مركز موارد.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق