يقول النشطاء إن تدفق اللاجئين السوريين أدى إلى ارتفاع ممارسة تعدد الزوجات في تركيا وأن الحكومة التركية تغض الطرف عن ذلك، علما أنه غير قانوني.
قرر التاجر التركي جلال الذي يقيم في مدينة كلس التركية، بعد 30 عاما من الزواج، أنه حان وقت الزواج الثاني، حيث تزوج جلال،60 عاما، من كندة عام 2013، وهي لاجئة سورية أرملة تبلغ 29 عاما، هربت سابقا من حلب إلى تركيا مع ابنها بشير، 11 عاما، بحسب صحيفة Huffington Post.
رزق كل من جلال وكندة بطفلين ، وهما أحمد ونور جهان، ويقول جلال أن زوجته الأولى لا تعارض زواجه الثاني، لكنه لا يسمح لها بالتحدث مع الصحافة، وأنه يسكن كل زوجة في منزل منفصل.
تقول كندة أنها كانت قبل زواجها من التاجر التركي، أيضا زوجة ثانية لرجل سوري في سوريا، متباهيا بثروته وزير نساء حسب وصفها، وتقول إنه خطف وقتل في سوريا من قبل عصاباتٍ قامت فيما بعد بتهديد أمن عائلتها، مما اضطر عائلتها إلى دفع المال للمهربين من أجل إيصالها إلى مدينة كلس التركية، وأنها عانت من الفقر هناك، وكان زواجها بجلال هو الطريق الوحيد للإحساس بالأمان.
فُرض حظر تعدد الزوجات في تركيا عام 1926، ويترتب عليه حكم بالسجن لمدة عامين للمخالفين، ولكن مع تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا، يقول الناشطون أن حالات تعدد الزوجات زادت بنسبة كبيرة، ويتهمون الحكومة التركية بغض الطرف عن الموضوع، وفشلها في محاكمة المخالفين ممن اتخذوا زوجة ثانية أو ثالثة.
ومن أصل 230 ألف نسمة يعيشون في مدينة كلس التركية، هناك على الأقل 5000 حالة زواج دينية تمت خارج المحاكم بين عامي 2011و 2014، وهي حالات زواج رجال أتراك أو سوريين من نساء سوريات لاجئات، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
يقول معمّر فازليا غوغلو، رئيس اتحاد المحامين الأتراك في مدينة كلس: "نسمع بقصص كثيرة، لكن من الصعب تحديد المخالفين، ولم نسمع حتى الآن برجل تمت محاكمته بسبب تعدد الزوجات".
ولأن الزواج في هذه الحالات ليس موثقا بطريقة قانونية، فإن حقوق الزوجات غير محفوظة قانونيا، من ناحية الطلاق، الإرث، وحقوق ابنائهن، حيث يعتبر الطفل طفلا لأم عازبة من الناحية القانونية، إلا إذا اعترف به الأب التركي.
يقول العاملون في المجال الإنساني أن النساء السوريات يضطررن للزواج بهذه الطريقة بسبب الفقر، التهجير، والثقافة الاجتماعية.
"نور برهان"، باحثة سورية مع مركز المجتمع المدني والديمقراطي، تقول إن معظم الزوجات الثانيات هنّ من القاصرات اللواتي تم بيعهن من قبل عائلاتهن إلى رجال سوريين وأتراك.
تقول نور من مكتبها في مدينة غازي عينتاب جنوب تركيا: "هذه العائلات لم تعد تريد تحمل مسؤولية بناتها بعد الآن".
كان الرجل في تركيا يستطيع الزواج من 4 زوجات في آن واحد في ظل السلطنة العثمانية سابقا، وفقا للشريعة الإسلامية، وبعض الأتراك اليوم، يدعون إلى العودة إلى تلك الأيام، بما في ذلك عددا من الشخصيات العامة التركية.
يقول النقاد إن ممارسة تعدد الزوجات تزيد من التوتر بين الأتراك والسوريين، الذين بلغ عددهم مؤخراً في تركيا 3 مليون لاجئ، وينددون بتعدد الزوجات لأنه يزيد من نسبة الطلاق في تركيا، حيث أن الزوجات التركيات يطلقن ازوجهن بعد زواجهم من نساء سوريات.
حتى وإن استطاعت الحكومة التركية تحديد المخالفين لقانون حظر تعدد الزوجات، إلا أنها تقول إن الزواج مسألة شخصية وأنها لا تستطيع فعل الكثير فيما يخص هذا الشأن بالرغم من وجود قانون يمنع ذلك، ويقول أحد القضاة الأتراك أن الأمور كانت جيدة حتى العام الماضي، حيث كان يمنع على الأئمة والشيوخ عقد القران الشرعي قبل الزواج المدني تحت طائلة المسؤولية، لكن تم إلغاء هذا القانون في العام الماضي، وبات رجال الدين يستطيعون عقد "النخاس" بدون عقاب.
يقول القاضي الذي رفض الإفصاح عن اسمه: "لم اسمع عن أي محاكمة للمخالفين منذ أن تم الغاء قانون حظر عقد القران عن طريق الأئمة".
زهراء ساغلام، محامية تعمل مع منظمات غير حكومية، تقول: "يجب تثقيف النساء السوريات عن حقوقهن بالدرجة الأولى، وهذا من شأنه أن يوقف زيجات من هذا النوع." وتضيف:" إذا كان بإمكان المرأة السورية أن تعتمد على نفسها، فما الذي سيدفعها إلى أن تكون زوجة ثانية؟".
أما جلال زوج كندة، فينتظر تشريع تعدد الزوجات من قبل الحكومة التركية، ويراه حقا له في الشريعة الإسلامية، وأن تعدد الزوجات فيه فائدة لكل الأطراف، حسب قوله.
وتوافقه زوجته كندا، متحدثة بلغتها العربية التي لا يفهمها جلال: "أتمنى أن يحدث هذا، أريد ضمان حقي و حقوق أطفالي".