لا تتوقف إرادة الحياة لدى لمى عنداني، وهي إحدى السوريات اللواتي نجين من آلة الموت التي دارت في سوريا.
أمضت عنداني تسعة أعوام في معتقلات النظام السوري سابقاً، لم تزدها إلا إصراراً على تحدي مصاعب الحياة بكل أنواعها، وتحولت لمى من معتقلة سابقة لدى قوات النظام السوري، إلى محامية حملت عبء الدفاع عن المظلومين في زمن الحرب.
تقول: "كنت مجرد طفلة في الخامسة عشر من عمرها، عندما اقتادوني من مدرستي في مدينة حلب، بتهمة لا يد لي فيها، وهي انتمائي لجماعة الأخوان المسلمين، رأيت الظلم بعيني هاتين، لذا قررت بمجرد الإفراج عني دراسة الحقوق وتولي قضايا المظلومين".
مازالت لمى تسترجع ذكريات قاسية، رغم مرور 28 عاماً على اعتقالها، فكلما تناهى إلى مسامعها صوت باب يغلق بقوة، يخونها الزمان ويعود بها إلى عتمة الزنزانة، حينما كانت يدا السجان في سجن دوما، تحكم إغلاق البوابة بكل ما استطاعت، تاركة خلفها حبيسات طالما اشتاقوا لرؤية القمر خلف جدران الزانزانة العالية.
"تم نقلي من حلب إلى دمشق عقب أربعة أيام فقط من اعتقالي برفقة 12 امرأة أخرى" تسترجع لمى ذكرى بداية اعتقالها، وتضيف: "تعرضت للتعذيب رغم صغر سني، لكن عذابي الأكبر كان في عدم معرفة عائلتي لمكان تواجدي مدة أربع سنوات".
ورغم محنتها القاسية، فضلت لمى المشاركة بالثورة السورية منذ اندلاعها، متجاهلة أي مخاطر أو عواقب، إلى أن اضطرت أخيراً للرحيل عن بلادها والتوجه إلى تركيا برفقة ابنتها تقى، وخصوصاً بعد حادثة اختفاء زوجها المريبة في مدينة دمشق، والتي رجحت لمى بأنه قد يكون معتقلاً لدى قوات النظام.
ولم يردعها ذلك من الاستمرار في محاربة الظلم بكل عزيمة، فعملت مع رابطة المرأة السورية في تركيا، وتولت الاهتمام بقضايا المعنفات والمعتقلات، إلى أن انتقلت للعمل حالياً مع مشروع "زيتونة" في مدينة غازي عنتاب التركية، الهادف لتوثيق زواج السوريين في تركيا على حد قولها.
*تم انجاز هذا التقرير بدعم من مركز موارد.