الانتقال إلى بلد جديد، حثّ "أمل" على البدء بتعلم القراءة والكتابة، بعد أن لجأت مع زوجها وأطفالها إلى الأردن من ريف حلب قبل سنتين.
"لم يكن التنقل صعباً عليّ في بلدتي، فأنا أعرف كل الطرقات هناك، أما هنا فليس أمامي سوى اللافتات التي تحمل أسماء المناطق، وأنا لا أجيد قراءة ما كتب عليها"، تقول أمل. موضحة أن عدم معرفتها بالطرقات فرض عليها تعلم القراءة.
اقرأ أيضاً: “زوجة موقتة…” معضلة لاجئات سوريات في مصر
أمل من بين لاجئات سوريات كثر في الأردن، مررن بظروف مختلفة في صغرهن لم تسمح لهنّ بالتعلم، ليشاركن بدورة لمحو الأمية في العاصمة الأردنية عمّان قبل خمسة أشهر.
الفقر سبب رئيسي للأمية
اختلفت الأسباب التي منعت الفتيات من التعلم بين الريف والمدينة في سوريا، كالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها العائلات الريفية على عكس أهالي المدن.
ياسمين من ريف حلب، لم تصل إلى العشرين من عمرها، مرّت بظروف معيشية صعبة حرمتها من التعليم، وجعلتها تكبر قبل أوانها وتصبح أمّاً في مرحلة مبكرة.
تقول ياسمين: "عندما أنهيت المرحلة الابتدائية شعرت بالغيرة من صديقاتي، وأردت أن أكمل المرحلة الإعدادية مثلهن، لكن والدي منعني عن ذلك، وجعلني أعمل مع إخوتي في المزرعة".
عاشت الفتاة في بيئة قاسية كما توضح، جعلت كل همها الزواج والعمل في المنزل.
تغييرات ضربت العادات!
معظم السيدات اللواتي قابلناهنّ في الأردن، يقلن إن كثيراً من المعوقات الاجتماعية لدى السوريين سابقاً، لم تعد موجودة الآن، ويرجعن ذلك للتغييرات التي طالب بها الشعب السوري في السنوات الأخيرة.
معتقدات خانقة فرضها المجتمع على أم أحمد التي عاشت في مدينة حماة، لم تسمح لها بالتعلّم في الصغر ولا بإكمال تعليمها أيضاَ عندما أصبحت في منتصف العمر، ولكنّها تمكنت من تحقيق رغبتها الآن، بعد أربع سنوات من وجودها في الأردن.
"طلبوا الحرية وتحرروا، لم يعد أحد ينظر لما أفعله، شاركت بدورة لمحو الأمية، وأقول ذلك لأقربائي وجيراني بكل فخر"، توضح أم أحمد، مضيفة: "ذلك كان حلمي دائماً ولكني لم أجرؤ على مخالفة العادات الاجتماعية سابقاً، والتي تلزم المرأة بيتها وأولادها".
وأصبحت أم أحمد ترى بأن الأمية تهميشاً اجتماعياً للفرد، لذلك تحاول من خلال التعلم أن تكتسب مهارات جديدة في الحياة، كبدئها في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون على تواصل مستمر مع المحيط.
العمر لم يقف حاجزاً أمامهن
لم يكن للعمر تأثيراً على رغبة السيدات المسنّات في هذه الدورة بالتعلّم، أو على تركيزهن واستيعابهنّ.
نسرين مسلماني المعلمة في هذه الدورة بمركز بريق للتعليم والتطوير في عمّان، لاحظت أن الرغبة والإصرار كانتا شديدتين لدى السيدات الأكبر عمراً، وأنهن أردن إثبات قدرتهن على التعلم أكثر من غيرهن.
أم أيمن التي تعيش مع ابنتها وأحفادها بعد أن خرجوا من سوريا، أصبحت منافسة لأحفادها في كتابة الواجبات وقراءة النصوص، حيث تمكنت من استعادة بعض من مهاراتها المتواضعة في القراءة والكتابة التي تعلمتها في أول سنتين من الابتدائية بسوريا.
تؤكد أم أيمن: "بلغت من العمر ستين عاماً، وهذا لا يعني أنني فقدت قدرتي على التعلم، من لديه الرغبة في التعلم سينجح في ذلك، لا أشعر بالفرق بيني وبين ابنة العشرين في الدورة، لأنني أملك الإرادة".
*تم انجاز هذا التقرير بدعم من مركز موارد.