منبج.. حصار وخوف ودروع بشرية

منبج.. حصار وخوف ودروع بشرية
تحقيقات | 04 يوليو 2016

تسلك الحاجة أم علاء، طرقاً طويلة ومتعبة في مدينة منبج، للوصول إلى منزل أختها المريضة، تفادياً للسواتر الترابية التي بناها تنظيم داعش على تقاطعات الشوارع، استعداداً لمعركته مع قوات "سوريا الديمقراطية".

تقول أم علاء: "كنت كل يوم أزور أختي المريضة من أجل الاطمئنان عليها، لكن بعد تشديد التنظيم على الأهالي وخاصة المارّة في الشوارع، أصبحت أمشي في شوارع فرعية تطيل المسافة علي كي أصل لمنزل أختي الذي يقع في الجهة الشمالية من المدينة".

تؤكد أم علاء، أن المعركة الحالية بين التنظيم و"قوات سوريا الديمقراطية"، لها آثار كبيرة على المدينة، وعلى مختلف تفاصيل المعيشة والحياة.

حصار خانق

يعيش أكثر من 200 ألف مدني في مدينة منبج، حصاراً تجاوز الـ20 يوماً، بسبب المعارك على أطراف المدينة، الأمر الذي فرض معاناة جديدة على الأهالي سيما أن التنظيم يواصل انتهاكاته بحقهم، بينما تطبق "قوات سوريا الديمقراطية" السيطرة على أطرافها.

ونتج عن الحصار ولادة أزمات عديدة منها نقص الدواء لدى أصحاب الأمراض المزمنة التي تحتاج لعلاج دوري، فيما فقد حليب الأطفال في معظم صيدليات المدينة، إضافة لارتفاع أسعار الخضروات والسلع الغذائية بشكل جنوني.

تطورات عسكرية وسوء بالمعيشة!

أحرزت قوات "سوريا الديمقراطية" تقدماً جديداً بعد وصولها إلى دوار الكتاب الواقع على مدخل منبج الغربي، إضافة لسيطرتها على قرى قرب المطاحن جنوبي منبج، أما من الشمال فوصلت إلى الياسطي التي لا تبعد عن منبج سوى 3 كيلومترات.

ولا يعرف الأهالي ماذا سيحلّ بهم إذا تحولت المعارك إلى داخل المدينة، في الوقت الذي ينشغلون فيه بتحصيل مستلزمات حياتهم المعيشية بشكل يومي.

يقول أبو قتيبة من أهالي منبج: "نعاني من النواحي الاقتصادية والمعيشية جراء الحصار المفروض على منبج من قوات سوريا الديمقراطية، وتركزت أكثر المعاناة بشح المياه ونقصها، حيث انقطعت أكثر من مرة، ومع الأسف تنقطع فترات طويلة، لذا نعتمد على الجهد الفردي من خلال استخراج المياه من الآبار والمياه المخزنة بالصهاريج".

ويتابع: "إضافة إلى ذلك بدأ التجار باحتكار بضائعهم، ما نتج عن حدوث غلاء فاحش في أسعار المواد الغذائية، هذا كله نتيجة الحصار".

ضحايا المعارك

بعد أن اقتربت المعارك من أطراف منبج إثر تقدم قوات "سوريا الديمقراطية" الأخير من الجهات الأربعة للمدينة، حذر تنظيم داعش المدنيين من عبور الطرق المؤدية إلى مناطق سيطرة القوات خارج المدينة، حيث قتل العديد من المدنيين قنصاً خلال الأسبوعين الماضيين.

يؤكد أبو قتيبة، أن أكثر من تأثروا بسبب الأوضاع الحالية، هم كبار السن والأطفال في المدينة، مضيفاً أن هناك خطر على كل من يحاول الهروب من المدينة.

ويضيف: "لا يوجد خيار آخر لدى الأهالي، فإما البقاء بالمدينة ومواجهة ظروف الحصار أو مجابهة الموت بحثاً عن النجاة".

بسام الحمد، أحد أبناء منبج يقول: "بشكل عام أوضاع المدنيين سيئة للغاية، عشرات الآلاف محاصرين فيها، الكهرباء والماء تقطع في أغلب الأحيان، الاتصالات شبه مقطوعة بعد منع داعش الاتصالات الخارجية، حيث أعدم التنظيم سيدة وشاباً جراء إيجاده هواتف تحمل شرائح تركية رغم أنها منتشرة بشكل عام بمنبج".

وبحسب الحمد، يجعل داعش المدنيين في منبج، دروعاً بشرية من أجل حماية وجوده في المدينة، فيما يشير إلى أن معاملة قوات "سوريا الديمقراطية" جيدة بالبداية ويعتقد أن ذلك جاء بسبب المضايقات التي تعرض لها الأهالي على مدار سنتين كاملتين من تواجد التنظيم.

يتخوف الكثيرون مما ستحمله الأيام القادمة لأهالي منبج، في وقتٍ لم يبق أيُ طريقٍ كمنفذ لانسحاب داعش، الذي صرح قادته عبر منابر المساجد في المدينة بأنهم سيقاتلون لآخر رمق، أمر يتخوف الكثيرون منه إذا تحولت المعركة إلى حرب شوارع داخل المدينة.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق