أصبح الذهاب للتسوق في مدينة إدلب، خلال شهر رمضان الحالي، مغامرة كبيرة، بحسب ما أكد أحمد البيوش، أحد السكان هناك.
اعتاد أهالي إدلب في السنوات السابقة على التسوق خلال شهر رمضان الكريم من أجل التحضير لقدوم عيد الفطر، فيشترون الألبسة والحلوى وما إلى ذلك، لكن يبدو أن هذه السنة كانت مختلفة عن سابقاتها حسب حديث الأهالي لأسباب منها فقدان الأمان والتضييق من بعض الفصائل العسكرية.
لا يوجد أمان
اختفت بعض المظاهر الرمضانية، وأجواء ما قبل العيد في المنطقة، بسبب ما تتعرض له من قصف يومي أثر بشكل ما على الحركة المرورية ضمن إدلب ومدنها وبلداتها بالريف.
يقول أحمد البيوش: "كان رمضان سابقاً هو شهر الخير، كان الناس يخرجون من منازلهم ويتبضعون من كافة أنواع الخضروات والفواكه والمواد الغذائية الأخرى، لكن اليوم أمسى الخروج إلى السوق يُحسب له بسبب القصف الذي تتعرض له المدينة".
ويضيف البيوش أن هناك صعوبة كبيرة لدى سكان مناطق المعارضة بسوريا، فيما يخص الخروج إلى الأسواق، إضافة إلى غياب عادات وتقاليد كانت منتشرة في أشهر رمضان السابقة، كأن يعزم الأهالي بعضهم على موائد الإفطار، لكن اليوم سبب الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية مشكلة لدى الأهالي، الأمر الذي أدى إلى عدم وجود اكتفاء ذاتي لدى العائلة الواحدة.
عادات غيّرتها الحرب
يبدو أن الاختلافات التي طرأت على شهر رمضان هذه السنة، ليست محصورة فيما سبق، حيث تحدثت بعض النساء من مدينة إدلب عن التغييرات التي لوحظت من قبلهن في هذا الشهر.
أم دانيال تعود بذاكرتها لأيام الماضي وتروي لروزنة ما كان يحدث خلال شهر رمضان، من علاقات عنوانها المودة والمحبة بين الناس.
"كنا أيام زمان في شهر رمضان ننتظر الوالد حتى يأتي لنا بالحاجيات الضرورية والخاصة بشهر رمضان، ثم نجلس أنا وإخوتي لنبدأ بالتحضير لمائدة الإفطار"، تقول السيدة، مضيفة: "بعد ذلك كنا نصنع عدة أنواع من الأكلات الشهية مع السلطة والفتوش والعصائر، وقبل أذان المغرب نتجمع العائلة حول المائدة وننتظر أن نسمع صوت الأذان حتى نباشر بالإفطار".
وتؤكد أم دانيال، أن أشهر رمضان السابقة، كان الأهالي في ادلب، يتبادلون الوجبات الغذائية على الإفطار بشكل يومي. وتتابع: "أما اليوم فأصبحت أنا وزوجي وأولادي بمكان وأهلي وأقربائي في مكان آخر".
كثير من العادات والتقاليد تغيرت، لم تبق أجواء الجمعة بين الأقرباء التي يحتضنها شهر رمضان، لا تتوفر الكهرباء كي يتابع الأهالي المسلسلات الرمضانية مثل السابق، والأجواء صارت كئيبة، وفي كل منزل يوجد أحد ناقص من على مائدة الطعام.
"كنا سابقاً نسهر سهرات رمضانية مع الأقارب والجيران أما اليوم فكل عائلة في منزلها" تختم أم دانيا حديثها.
أجواء رمضانية مفقودة
لعل السبب الرئيسي وراء غياب بعض الطقوس الرمضانية، هو القصف الجوي الذي تشنه طائرات النظام وروسيا على المناطق السكنية بشكل شبه يومي.
في المقابل، ما يلفت في تفاصيل شهر رمضان هو زيادة الواجبات الدينية من قراءة قرآن وصلاة التراويح وتأدية حلقات ذكر وتسبيح وتقرب إلى الله، ولم تتغير العادة ولن تتغير، كما تؤكد أم يوسف.
وتضيف السيدة المقيمة في إدلب: "شهر رمضان يزدهر فيه العطاء والتعاون وأعمال البر والخير بين الناس، قبل الثورة كنا نزيّن منازلنا بالورود والأضواء الملونة استقبالاً لشهر رمضان، وتمتد الزينة إلى الشوارع والحارات، لكن للأسف مُنعت هذه العادات".
وعن سبب ذلك، تجيب أم يوسف، أن الفصائل المتشددة التابعة لجيش الفتح، منعت الزينة في ادلب، وحتى قيّدت حركة السهرات بين العائلات، التي كانت سابقاً، تستمر حتى الصباح، ولا سيّما قبل حلول عيد الفطر.
وكان الطيران الحربي التابع للنظام والطيران الروسي، ارتكبا في أوائل شهر رمضان عدة مجازر في مدينة إدلب، ليغدو التسوق بعد الإفطار مخاطرة بمخاطرة.