مجلس حقوق الإنسان وقضية المعتقلين في سوريا

مجلس حقوق الإنسان وقضية المعتقلين في سوريا
القصص | 18 يونيو 2016

تعتزم مجموعة من المنظمات الدولية الكبرى العاملة في مجال العدالة وحقوق الإنسان، تكثيف الضغط على "مجلس حقوق الإنسان" في جنيف في دروته الثانية والثلاثين، من أجل استصدار قرار خاص بالمعتقلين والمختفين قسراً والمخطوفين في سوريا، وذلك عقب تصدّر قضية المعتقلين المشهد الإنساني في سوريا من جديد، وتزايد الدعوات المطالبة للأمم المتحدة بإيجاد حلّ عاجل، لمأساة عشرات الآلاف من المعتقلين والمختفين قسراً والمعذبين، وخاصّة بعد تعيين المكتب الخاص للمبعوث الأممي ستيفان ديمستورا، للخبيرة الأممية (إيفا سافوبودا) كعضو مراقب لمسألة التقدم في قضية الأفراد المعتقلين والمخطوفين في سوريا.

وتتوجه تلك المنظمات الحقوقية إلى ممثلي (47) دولة في مجلس حقوق الإنسان، لحثّهم على التصويت لصالح هذا القرار، الذي يحتوي في طياته على إجراءات محددة ومفصّلة للتعاطي مع قضية المعتقلين، مثل تسليط الضوء بشكل فعّال على معاناة عشرات الآلاف من المدنيين الذين تحتجزهم الأجهزة الأمنية السورية بشكل غير قانوني وغير شرعي على نطاق كبير، وممن تمّ أخذهم كرهائن أو اختطافهم من قبل المجموعات المسلّحة الغير حكومية على "نطاق أضيق".

وكخطوة عملية ومحددة أكثر، يطلب القرار من الدول الضغط بشكل فعلي على جميع أطراف النزاع في سوريا من أجل إصدار قوائم رسمية وفورّية، بأسماء وأماكن جميع المحتجزين، بمن فيهم الذين قضوا نتيجة التعذيب أو الجوع أو المرض، أو الذين تمّ دفنهم في أماكن سرّية ومقابر جماعية.

وإضافة إلى موضوع السماح لللجان المستقلة بالدخول إلى جميع مراكز الاحتجاز يطالب القرار "الحكومة السورية" على وجه الخصوص بوقف عمليات التعذيب تجاه المعتقلين ووقف عقوبات الإعدام الصادرة بحقّهم، من قبل المحاكم العسكرية ومحكمة "مكافحة الإرهاب" والمحكمة الميدانية العسكرية، والتي تمّ تحويل عشرات الآلاف من المعتقلين المدنيين إليها منذ آذار من العام 2011.

في سياق متّصل يعتزم جزء من المنظمات العاملة على هذا القرار من مثل ( الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان) على تنظيم "حدث جانبي" حول ذات القضيّة على هامش جلسات مجلس حقوق الإنسان وذلك بحضور منظمات ونشطاء سوريين وناجين من أقبية الأجهزة الأمنية إضافة إلى قانونيين ومحامين، لضمان حشد التأييد الكافي لهذا القرار ووضع القضية على جدول أعمال المجلس.

ويعتبر مجلس حقوق الإنسان أعلى هيئة أممية داخل منظومة  الأمم المتحدة بما يخص تعزيز ودعم قضايا حقوق الإنسان في العالم وحماية هذه الحقوق والحد من الانتهاكات الجسيمة المرتكبة على يد الحكومات وغيرها، وقد تمّ إنشاؤه في آذار/مارس 2006 بموجب قرار من الجمعية العامّة للأمم المتحدة وحلّ المجلس الحالي محل "لجنة الأمم المتحدة السابقة لحقوق الإنسان". وبعد عام من إنشاءه قرر المجلس وبناءً على الولاية الممنوحة له من الجمعية العامّة بدء المجلس ببناء ما سمّاها "حزمة بناء المؤسسات" لتوجيه عمله وإنشاء إجراءاته وآلياته الخاصّة من مثل الاستعراض الدولي الشامل الخاص باستعراض سجل جميع الدول الإعضاء في الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان،  وهذا الأخير يمثّل فرصة للدول لتحسين أوضاع حقوق الإنسان فيها والوفاء بالتزاماتها ضمن هذا المضمار، ويصادف هذا العام 2016 مناقشة التقرير الذي من المفترض أن تقدمه "الحكومة السورية" في سياق الاستعراض الدولي الشامل والذي من المفترض أن تتم مناقشته في شهر تشرين الأول2016، وقد عملت العشرات من المنظمات المدنية والسورية خلال الأشهر الماضية على كتابة "تقارير ظل" لمناقشتها وتقديم توصيات عن حالة حقوق الإنسان المنهارة في سوريا عن طريق مكتب المفوض السامي.

ويتيح المجلس من خلال آلياته وإجراءاته أيضاً "آليات خاصّة لتقديم الشكاوى" سواء إلى اللجان أو الخبراء أو المقررين الخاصين من أجل استرعاء انتباه المجلس إلى الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان وخاصّة القضايا ذات الإلحاح الشديد.

وتعدّ سوريا واحدة من أسوأ الدول سجلاً في مجال حقوق الإنسان، بسبب الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها قوات النظام وجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية والتي وصلت إلى حدّ "الإبادة"، بحسب وصف لجنة التحقيق الدولية الخاصّة بسوريا، والتي أنشأت بقرار من المجلس في آب/أغسطس 2011 في دورته الاستثنائية. وتنص أدبيات مجلس حقوق الإنسان إلى أنّه وفي حال قيام إحدى الدول الأعضاء في المجلس بانتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان، فإنّه يجوز للجمعية العامّة بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين والمصوّتين أن تعلّق "حقوق" عضويتها في المجلس وهذا ما لم يحدث في الحالة السورية بعد.

*مقالات الرأي المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر "روزنة".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق