في رسالة موجّهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أعرب عدد من كبرى المنظمات الحقوقية والدولية عن خشيتها من فتح باب "التلاعب السياسي" على مصراعيه عقب التراجع المفاجىء للأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون في 6 حزيران الجاري عن قراره بإدراج "التحالف الدولي في اليمن" بقيادة المملكة العربية السعودية على لوئح "قائمة العار" الخاصة بالجهات التي تقوم بانتهاكات ضدّ الأطفال، بعد أن قام بوضعها على اللائحة مرفقاً بتقريره السنوي الخاص "بالأطفال والنزاعات المسلّحة" فيما سبق. وتضمن "إعلان الإزالة" الموافقة على مراجعة مشتركة ما بين الأمم المتحدة والتحالف الذي تقوده السعودية للتقرير بهدف التوصل إلى أعلى معايير الدقة.
وكان التقرير الذي قدّمه الأمين العام تحدث عن مقتل ما لا يقل عن 785 طفلاً، وإصابة 1168 آخرين في معارك اليمن عام 2015؛ 60 % منهم سقطوا في هجمات لقوات التحالف بقيادة السعودية وذلك بحسب التقرير. وأضاف التقرير أنّ الأمم المتحدة " تحققت" أيضا من 101 هجمة على مدارس ومستشفيات، نصفها تقريباً نفذها التحالف بقيادة السعودية.
لم تأتي المعلومات التي جاء بها الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره السنوي وحيدة في هذا السياق فقد تحدثت العديد من المنظمات الدولية الأخرى على انتهاكات واسعة قام بها هذا التحالف في اليمن خلال الأشهر التي خلصت سواء المتعلقة بعمليات القصف العشوائي أو الهجمات الغير المتناسبة أو استخدام أسلحة محظورة مثل القنابل العنقودية.
و"قائمة العار" هذا تشمل عادة الجهات الحكومة والمجموعات المسلّحة المخلتفة التي ترتكب انتهاكات جسمية ضد الأطفال خلال النزاعات المسلّحة، وبحسب التقرير الذي يُعنى بأثر النزاعات على الأطفال ويقدم معلومات في هذا الإطار فإنّ مسؤولية التحالف حُددت بكونه قام بقتل وتشويه الأطفال في اليمن والقيام بهجمات على المدارس و/أو المستشفيات، ذلك إلى جانب جماعة الحوثيين والقوات الحكومية والميليشيا المساندة لها وتنظيم القاعدة حيث تم إدراجهم جميعاً في هذه القائمة.
وبحسب الأمم المتحدة فقد قُتل في سوريا خلال النزاع المسلّح ما لا يقل عن (250.000) شخص بينهم آلاف الأطفال ناهيك عن الآثار الكارثية الأخرى سواء المتعلقة بتدمير البُنى التحتية وازدياد حالات الخطف وتجنيد الأطفال وانتشار التطرف الذي ما فتئ باستخدام الأطفال كجلادين أو انتحاريين في تنفيذ الهجمات.
وأورد التقرير أسماء بعض الجهات التي تقوم بتجنيد الأطفال وكان على رأسهم ما يسمّى بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ومن ثمّ الجيش السوري الحر والجماعات المرتبطة به ولواء التوحيد واللجان الشعبية ووحدات حماية الشعب وحركة أحرار الشام الإسلامية وجبهة النصرة وجيش الإسلام. وكانت نسبة 56 % من الأطفال الذين تمّ تجنديهم على يد الجماعات المذكورة تحت سنة الخامسة عشر. وفي سياق آخر ذكر التقرير عمليات الاحتجاز التي يقوم بها النظام السوري ضد الأطفال وعمليات التعذيب التي يتعرّض له الأطفال خلال الاحتجاز حيث أفضت إحدى الحالات إلى مقتل أحد الأطفال تحت التعذيب.
ولم يكن التجنيد والاحتجاز هما أبرز الانتهاكات بحق الأطفال فقد سقط مئات الأطفال خلال العام 2015 وبحسب الأمم المتحدة نتيجة الهجمات العشوائية على المباني والمناطق المدنية وقد أدت إلى مقتل مئات الأطفال وتشويه المئات الآخرين حيث اتهمت الأمم المتحدة النظام السوري بالقيام بالنسبة الأكبر من حالات القتل الشعوائي هذه.
احتل النظام السوري (بما في ذلك قوات الدفاع الوطني وميليشيات الشبيحة) فئة من وضع "خط تحت اسمه" في "قائمة العار" أي من قام بالإمعان في ارتكاب الانتهاكات خلال السنوات الخمس الماضية وتحديداً الانتهاكات المتعلقة بقتل الأطفال وتشويههم وارتكاب جريمة الاغتصاب وسائر أشكال العنف الجنسي الأخرى وشنّ الهجمات على المدراس و/أو المستشفيات. أمّا حركة أحرار الشام الإسلامية إلى جانب تنظيم جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) فقد تم إدراجهم تحت في القائمة الجهات التي تقوم بتجنيد الأطفام واستخدامهم والتي تقتل الأطفال وتشوههم. أمّا الجماعات المرتبطة بالجيش السوري الحرّ و وحدات حماية الشعب فقد أدرجت تحت الفئات التي تقوم بتجنيد الأطفال وتقوم باستخدامهم. وجاء تنظيم داعش كجهة تقوم بارتكاب جميع الانتهاكات المذكورة آنفاً.
فتحت خطوة "إزالة التحالف الذي تقوده السعودية" من "قائمة العار" الباب على مصراعيه أمام الانتقادات الحادة الموجهة للأمم المتحدة سواء من قبل النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم أو من قبل المنظمات الدولية والإنسانية، حيث أكدّت العديد من المنظمات أن القرار يتعارض مع مئات الأدلة الدامغة التي تمتلكها عن انتهاكات جميع أطراف النزاع في اليمن بما فيها التحالف الدولي، وأضافوا أن هذا يشير بشكل واضح إلى رضوخ الأمم المتحدة للضغوط مما يضر بمصداقتيها كمنظمة ومصداقية التقارير التي تصدر عنها. وعلى المستوى السوري فقد بدأت بعض الأصوات تطالب بإدراج روسيا بشكل رئيسي والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد داعش ضمن هذه القائمة. بعد عمليات القصف التي قتل فيها عشرات الأطفال خلال العمليات العسكرية بحسب منظمات سورية محلية ودولية.
*مقالات الرأي المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر "روزنة".