استخدمت سياسة الحصار خلال السنوات الخمس الماضية، كسلاح حرب رئيسي في سوريا. هذا السلاح استخدمته قوات النظام بشكل أساسي في مناطق مختلفة من البلاد، وكذلك فصائل مقاتلة وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، لكن في مناطق محدودة.
يعيش 486,700 شخص في سوريا تحت الحصار، أكثر من نصفهم محاصرون من قوات النظام، من إجمالي 4,6 ملايين شخص يعيشون في مناطق "يصعب الوصول" إليها، وفق ما أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مطلع العام الجاري.
اقرأ أيضاً: انفوغرافيك: خريطة المناطق المحاصرة في سوريا
لكن هذه الأرقام قد لا تعكس الواقع بحسب منظمتين غير حكوميتن هما "باكس" الهولندية و"سيريا انستيتيوت" في الولايات المتحدة. وتقولان إن أكثر من مليون شخص يعانون من "مخاطر وفاة متزايدة" بسبب النقص في الغذاء والكهرباء والمياه في 46 بلدة محاصرة.
روزنة رصدت المناطق المدرجة على قائمة الأمم المتحدة، كمناطق محاصرة، وبلغ عددها 19 منطقة، وهي:
داريا
تتبع داريا لمحافظة ريف دمشق، وتبعد 8 كيلومترات عن مركز العاصمة السورية، وكان تعداد سكانها قبل عام 2011، نحو 265 ألف نسمة.
تحاصرها قوات النظام السوري منذ أكثر من 3 سنوات ونصف، وخلال هذه الفترة تم توثيق 9 حالات وفاة بسبب نقص الدواء، ولم تتمكن أي جهة من إدخال مساعدات إلى الأهالي المحاصرين حتى الآن، والذي يبلغ عددهم 8300 شخص.
لكن في 16 من شهر نيسان الماضي، دخل إلى المدنية، وفد من الأمم المتحدة لأول مرة، وذلك بعد سماح قوات النظام السوري له بالدخول. وكان هدف الوفد الأممي من الزيارة، هو معاينة الواقع الإنساني في المدينة المحاصرة. وفي 12 من شهر أيار الجاري، منع جيش النظام، قافلة مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري من الدخول، كما قصف أماكن تجمع المدنيين وهم بانتظار المساعدات، ما أوقع قتلى وجرحى.
وبالإضافة إلى الحصار، فقد شهدت داريا قصفاً مكثفاً بالبراميل المتفجرة من قبل قوات النظام خلف دماراً في أجزاء كبيرة منها.
معضمية الشام
تسمى أيضاً المعضمية، وتتبع إدارياً إلى محافظة ريف دمشق، وبلغ عدد سكانها قبل عام 2011، نحو 100 ألف نسمة.
تشارك المعضمية الآن جارتها داريا في الحصار، لكنها تختلف في عدة نقاط، حيث أن الحصار المحكم المفروض على المدينة من قبل قوات النظام السوري، دخل شهره الخامس فقط، لكنه ليس الحصار الأول.
في نهاية شهر تشرين الثاني عام 2012، بدأت قوات النظام السوري بحصار المعضمية، واستمر الحصار حتى نهاية شهر كانون الأول عام 2013، حيث توصل النظام السوري والمعارضة إلى اتفاق هدنة. ونص الاتفاق على رفع علم النظام السوري في المدينة ووقف القتال على الجبهات، مقابل إطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المدنيين.
اقرأ أيضاً: خريطة النازحين داخلياً في سوريا
ورغم أن الاتفاق دخل حيذ التنفيذ نهاية عام 2013، إلا أن النظام السوري لم يطبق بنود الاتفاق، وعرقل دخول المساعدات عدة مرات، وظلت المدينة تحت حصار جزئي.
لكن نهاية العام الفائت، أنهى النظام السوري العمل باتفاقية الهدنة، وشن حملة عسكرية على المدينة وأغلق جميع المنافذ، ليبدأ حصار جديد.
الزبداني ومضايا وبقين
تقع مدينة الزبداني وبلدتا مضايا وبقين على بعد نحو 45 كيلومتر شمال غرب العاصمة دمشق، وتمتد هذه المناطق على سفوح جبال لبنان، وهي تتبع إدارياً لمحافظة ريف دمشق، ويبلغ عدد سكانها قبل عام 2011، أكثر من 50 ألف نسمة.
حاصرت قوات النظام السوري، المناطق الثلاث، عدة مرات خلال السنوات الخمس الماضية، لكنها أحكمت الحصار بشكل كامل بمساعدة حزب الله اللبناني منذ شهر تموز 2015، وقضى بسبب نقص الدواء والغذاء 46 شخصاً، بحسب منظمة "أطباء بلا حدود".
وتوصلت الفصائل المقاتلة من جهة وإيران وجزب الله اللبناني جهة أخرى، في شهر أيلول 2015، إلى اتفاق هدنة بإشراف الأمم المتحدة، يقضي بوقف إطلاق النار وإجلاء محاصرين من الزبداني مقابل إخلاء أفراد من قريتي الفوعة وكفريا التي تحاصرهما فصائل مقاتلة، لكن ذلك الاتفاق لم ينه الحصار حتى الآن.
كفريا والفوعة
بلدتان تقعان في ريف إدلب، تخضعان لسيطرة قوات النظام السوري، ويقطنهما نحو 50 ألف نسمة جميعهم من الطائفة الشيعية، الأمر الذي جعل القريتين مقراً لبعض قوات حزب الله اللبناني.
بعد سيطرة "جيش الفتح" المعارض، والذي يضم فصائل مقاتلة عدة بالإضافة لجبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، على إدلب، بقيت بلدتا كفريا والفوعة تحت سيطرة النظام السوري والمجموعات المسلحة الموالية له، وبدأت الفصائل المقاتلة بحصار البلدتين في شهر آذار 2015، وتدخلت إيران للمرة الأولى بشكل علني في التفاوض بشأن البلدتين، مع الفصائل المقاتلة.
لمشاهدة الخريطة بدقة عالية، (اضغط هنا)
الغوطة الشرقية
تضم الغوطة الشرقية بريف دمشق، العديد من المدن والبلدات، وبلغ تعداد سكانها بحسب إحصائية عام 2010، 2 مليون و196 ألف نسمة.
أدرجت الأمم المتحدة 10 مدن وبلدات في الغوطة، على قائمة المناطق المحاصرة بشكل كامل، وهي: "دوما، حرستا، عربين، زملكا، عين ترما، كفربطنا، زبدين، جسرين، سقبا، حمورية"، يقطنها ما يقارب 700 ألف نسمة، ويفرض النظام السوري حصاره عليها منذ عام 2013.
وتدخل قوافل مساعدات غذائية وطبية إلى بعض المناطق في الغوطة، ولكن في فترات متفاوتة، ولا تكفي لوقت طويل بسبب قصف النظام السوري المتواصل على الغوطة.
اقرأ أيضاً: "دعم سوريا" تدعو إلى إلقاء المساعدات من الجو
مخيم اليرموك
أنشئ مخيم اليرموك عام 1957، على مساحة تقدر بـ2.11 كيلومتر مربع لتوفير الإقامة والمسكن للاجئين الفلسطينيين، وهو يقع داخل حدود مدينة دمشق ويبعد 8 كيلومترات عن وسط العاصمة. وكان تعداد سكانه قبل عام 2011، حوالي 700 ألف نسمة، منهم 144 ألفاً من الفلسطينيين.
بدأ الحصار الجزئي من قبل قوات النظام السوري على المخيم في نهاية عام 2012، وأطبق الحصار عليه في أول تموز 2013 بشكل كامل.
مخيم اليرموك الذي يقع في جنوب العاصمة دمشق، لم يحاصر وحده خلال تلك الفترة، فمناطق التضامن والحجر الأسود والقدم والعسالي التي تتبع إدارياً لمدينة دمشق، حوصرت أيضاً بشكل كامل، بالإضافة لبلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، التابعين لمحافظة ريف دمشق.
اشتداد الحصار على مناطق جنوب دمشق، أدى خلال أوائل عام 2014 إلى وفاة أكثر من 100 شخص بسبب الجوع، الأمر الذي دفع بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم إلى عقد هدنة مع النظام السوري وإدخال مساعدات، لكن في منتصف 2014، عادت قوات النظام وأغلقت جميع المعابر.
وفي شهر نيسان 2015، شن تنظيم "داعش" هجوماً على مخيم اليرموك وسيطر على أجزاء واسعة منه، بالإضافة لسيطرته على التضامن والعسالي والحجر الأسود، ليبقى المخيم تحت حصار كامل حتى الآن، فيما بقيت مناطق جنوب دمشق الأخرى تحت حصار جزئي.
أحياء في دير الزور
في شرق سوريا، وداخل مدينة دير الزور، يتشارك تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والنظام السوري، بحصار ما يقارب 180 ألف مدني في أربعة أحياء، هي "القصور، الجورة، هرابش، والبغيلية".
بدأت القصة عندما فرض تنظيم "داعش" بداية عام 2015، حصاره على الأحياء الأربعة، ويكمن دور النظام في هذا الحصار، عبر استغلاله للمدنيين، باستلام المساعدات الإنسانية التي تصل عبر مطار دير الزور، ويقوم ببيعها في الأسواق بأسعار باهظة.
وللخروج من هذه الأحياء، هناك طريقتين: الأولى جواً عبر مطار دير الزور الذي يسيطر عليه النظام، ويجب دفع مبلغ مليون ليرة سورية لأفرع الأمن للحصول على موافقة السفر من مطار ديرالزور إلى مطار دمشق، و300 ألف ليرة سورية للسفر من مطار دير الزور إلى مطار القامشلي.
الطريقة الثانية: براً باتجاه الريف الغربي لدير الزور، ويجب دفع مبلغ 500 ألف ليرة سورية، والآن متوقف هذا الطريق، بسبب المعارك الأخيرة بين "داعش" وقوات النظام في حي البغيلية المطل على الأحياء المحاصرة.
مناطق أخرى
المناطق الـ19 المدرجة في قائمة الأمم المتحدة، كمناطق محاصرة، ليست وحدها التي تعاني من الحصار، وبحسب منظمة "باكس" الهولندية ومنظمة "سيريا انستيتيوت" في الولايات المتحدة، يوجد مناطق أخرى، وأبرزها: حي الوعر داخل مدينة حمص، والذي يعاني فيه نحو 100 ألف مدني، من حصار مطبق دخل شهره الثالث، بعد تعليق تنفيذ اتفاق "الهدنة" الذي وقع بين المعارضة وقوات النظام وبرعاية أممية.
ومناطق الحولة وتلبيسة والرستن بالريف الشمالي للمدينة، حيث يفرض النظام السوري عليهم حصاراً منذ نحو 3 سنوات. وحي جوبر الدمشقي الذي يقطنه نحو 225 شخصاً، ومدن وبلدات أخرى في ريف دمشق.
وبالإضافة إلى المدن والبلدات والأحياء المذكورة كمناطق محاصرة، هناك عشرات المناطق الأخرى المصنفة كمناطق يصعب وصول المساعدات إليها، ويقطن فيها آلاف المدنيين، ويعانون من نقص في المواد الغذائية والطبية وارتفاع في أسعار الاحتياجات الأساسية.