يعيش أكثر من 3 آلاف طفل في مدينة داريا المحاصرة، منذ نحو أربعة أعوام، لا ألعاب لهم، ولا طعام كما يجب، وتفاصيلهم اليومية، مليئة بالدمار والخراب.
اقرأ أيضاً: نساء داريا يطلقن حملة لفك الحصار عن المدينة
"شوربة متل المي بناكلها كل يوم، مشتاق لرفقاتي ومدرستي، مشتاق ألعب بالطابة وأتفرج ع التلفزيون، مشتاق كون متل أي طفل بالعالم"، يقول مجد ابن العشرة أعوام بحرقة.
ترزح مدينة داريا تحت وطأة حصار خانق، منذ أواخر العام 2012، بعدما أغلقت قوات النظام السوري كافة مداخل المدينة، باستثناء جهة معضمية الشام والتي أغلقت حديثاً، حيث تمكن النظام من الفصل بين المدينتين منذ ثلاثة أشهر بعملية عسكرية.
في حين اعتبرت مجزرة داريا من أكبر المجازر في الأعوام الأربعة الماضية، عندما اقتحمت قوات النظام المدينة في الشهر الثامن من عام 2012، فبلغ عدد ضحاياها 750 شخصاً، فيما فقد 220 آخرون.
"مافي أكلات طيبة"
اقرأ أيضاً: اشتداد الحصار على مدينة داريا
بين القصف والحصار اختزلت حياة الأطفال في المدينة الواقعة بريف دمشق، فحرموا من أبسط حقوقهم في التعليم واللعب والغذاء، وجبة طعام واحدة تعودوا على تناولها يومياً، كآمنة ذات الست سنوات، والتي اختصرت معاناتها المريرة بجملة "لا كهرباء ولا أكلات طيبة بداريا".
فيما لم تخف شوقها لمنزلها الذي تهدم جراء قصف طيران النظام الحربي، وأمنياتها بعيش حياة آمنة كغيرها من الأطفال.
أكثر من ثمانية آلاف مدني محاصرين، ازدادت أوضاعهم سوءاً، بعد قطع صلة داريا بمعضمية الشام، وصارت حياتهم تعتمد على ما يدخل إلى المدينة، عن طريق التهريب، عبر حواجز النظام، مقابل دفع مبالغ مالية كبيرة، إضافة إلى بعض المواد التي يتم تهريبها إلى داخل الحي.
أبو أحمد، أحد رجال داريا ووالد لثلاثة أطفال، يتحدث عن ظروف استثنائية بالغة الصعوبة يعاني منها وعائلته: "في بعض الأحيان لا أملك إجابات لأسئلة أطفالي المتكررة، فلا أقدر تأمين أي شيء لهم، لا ملابس ولا طعام، بالإضافة إلى أنهم يتعلمون بالأقبية، بسبب دمار أغلب المدارس نتيجة القصف، نحن هنا محرومون من الحياة بسبب الحصار".
معاناة طبية!
600 طفل ولدوا من رحم الحصار، وحرموا أبسط مسوغات الحياة، كما يؤكد ضياء أحد أطباء المشفى الميداني في داريا، فلا لقاحات ولا أدوية تدخل إليهم، بالإضافة إلى وجود نقص كبير في مستلزماتهم الضرورية.
منذ عام ونصف غاب حليب الأطفال عن المدينة، فاستعيض عنه بحليب الأبقار والمواشي، الأمر الذي زاد من انتشار بعض الأمراض لديهم، كالالتهابات المعوية.
يتابع الطبيب ضياء: "نعاني أيضاً من نقص الدواء، فأحياناً نضطر لإعطاء الأطفال أدوية منتهية الصلاحية لكن ضمن ضوابط صحية، يوجد أطفال أصبح عمرهم ثلاث سنوات ولم يتلقوا أي لقاح".
يرفض النظام السوري إدخال أية مساعدات إلى مدينة داريا، رغم وجودها ضمن المناطق التي شملها اتفاق ميونخ حول سوريا، لإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.
ودخل وفد من الأمم المتحدة إلى المدينة المحاصرة منتصف الشهر الحالي، وذلك للوقوف على أحوال المدنيين فيها، دون أن يكون برفقتهم أية مساعدات، فصدم الوفد بمدى سوء الأوضاع الإنسانية والطبية في المدينة، وتلاشت آمال الأهالي بإدخال المساعدات بعد انتظار طويل.
وبغية رفع الحصار عن المدينة، ناشدت نساء داريا المجتمع الدولي، مطلع الشهر الجاري لفتح الطرق المؤدية إليها، بما يسمح بإدخال المساعدات اللازمة من مياه شرب ودواء، خصوصاً بعدما أصبحت المدينة مغلقة تماماً في وجه المدنيين الهاربين من القصف.