فرّ العديد من المهربين السوريين إلى أوروبا، بعد بدء تنفيذ الاتفاق الأوروبي التركي، المتعلق باللاجئين، وتراجعت أعداد رحلات التهريب البحرية من تركيا إلى اليونان، لكنها لم تتوقف بشكل كامل.
أبو مروان، 30 عاماً، أحد سماسرة التهريب السوريين، أكد فرار العديد من المهربين إلى أوروبا، وشكى قلة العمل هذه الأيام، فأعداد الهاربين انخفضت بشكلٍ كبير.
يتابع أبو مروان: "انخفضت تسعيرة الرحلات منذ تنفيذ الاتفاق، ووصلت حتى الـ500 دولار للنفر الواحد، وقلت أعداد المهاجرين، ولم يبق إلا كبار المهربين الأتراك في السوق، باعتقادي أن هذه الاتفاقية لن تتم، لأنها ستكلف الأوروبيين أكثر بكثير في حال استمروا بإعادة المهاجرين".
"يلا لعند داعش"
بعد الاتفاق بين أنقرة والاتحاد الأوربي، بحث المهربون عن طرق تهريب جديدة، فالكبار منهم، حاولوا رشوة خفر السواحل اليوناني، لتأمين بواخر تقل المهاجرين، من إحدى الجزر اليونانية، إلى السواحل الايطالية.
ويؤكد المهرب أبو مروان، وجود طريق تهريب بري، من شمال تركيا، إلى بلغاريا، واصفاً إياه بالخطير والمكلف.
لا ينطبق حال أبو مروان على حال سمسار التهريب أبو عدي، فمع إعادة اليونان أول دفعة من اللاجئين إلى تركيا، أكد الرجل بشكل علني، أنه سيحزم حقائبه متجهاً إلى مناطق داعش في سوريا.
ويضيف: "لم يبق لدي خيار إلا اللجوء إلى داعش، على الأقل هناك من يؤمن لي المأوى والطعام، بصراحة تبهدلنا بعد هالقرار، يبدو أنني لست محظوظاً كغيري من السماسرة والمهربين الذين تمكنوا من الوصول إلى أوروبا عبر الطائرة، وأوضاعي المادية ليست على مايرام، يلا لعند داعش"؟
قصة قارورتي بنزين!
زادت مشقة الحياة من إصرار السوري خالد ابن الثلاثين عاماً، على الهجرة إلى أوروبا، متجاهلاً كل المصاعب، بما فيها تنفيذ الاتفاق التركي الأوروبي، وإغلاق حدود اليونان مع مقدونيا.
التقيناه في ساحة بصمنة الشهيرة وسط أزمير التركية، برفقة زوجتة وأطفاله الثلاثة، بينما كانوا يتجهزون للرحلة المنتظرة، ولم تكن ستر النجاة وسيلتهم للخلاص هذه المرة، بل كانت الوسيلة "قنينتين من البنزين"، بحسب وصفه.
"ما الذي يتوجب علي فعله، الحياة في تركيا غالية جداً، ومن المستحيل أن أعود إلى سوريا، حالياً أملك قليلاً من المال، وسأجرب المغامرة به على أمل الوصول برفقة عائلتي"، يقول الرجل بحرقة، مضيفاً: "إن لم ننجح في عبور الحدود اليونانية، سأقوم بإحراق نفسي، بواسطة البنزين الذي سأصحبه معي بالبلم".
ولم يكن من مها، 25 عاماً، إلا موافقة زوجها خالد بحسرة على معظم ما قاله، فبعد فقدانهم كل ما يملكون في سوريا، فضلت المخاطرة إلى جانبه، والتشبث بحلم الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، على أن تموت جوعاً وأولادها في تركيا، أما إن علقوا على حدود اليونان كالكثيرين غيرهم، فمن المؤكد أنهم لن يموتوا جوعاً في المخيمات حسب تعبيرها.
انتظار.. إلى متى؟
أوضاع مأساوية يعاني منها آلاف اللاجئين العالقين على الحدود اليونانية مع مقدونيا، نتيجة قيود فرضتها الدول الأوروبية على دخولهم.
ففي مخيم إيدوميني المجهز لاستيعاب 1500 شخص فقط، تقطعت السبل بنحو 13 ألفاً من الرجال والنساء والأطفال، في ظل ندرة الطعام وانعدام الأدوية، ناهيك عن إصابة البعض جراء إطلاق الشرطة المقدونية الغاز المسيل للدموع مطلع الشهر الجاري، وذلك في محاولة منها إبعاد مئات المهاجرين عن السياج الحدودي.
محمد، 33 عاماً، واحد من هؤلاء، بعد أن أُغلقت كل الأبواب في وجهه، قرر طلب التوطين واللجوء في اليونان، معللاً ذلك: "تعبت كثيراً وأنا أحاول التواصل مع السلطات المعنية بقصد التوطين، لكن دون جدوى، سأجرب أن أحصل عليه حتى لا يتمكنوا من إعادتي إلى تركيا".
أول دفعة من اللاجئين أعيدت من اليونان إلى تركيا، بداية شهر نيسان الماضي، وبلغت أعدادهم الـ131 مهاجراً أغلبهم باكستانيون، في حين وصل 16 فقط، من طالبي اللجوء السوريين إلى ألمانيا، وذلك بموجب الاتفاقية الموقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي.