بعبع الحوار مع اسرائيل

بعبع الحوار مع اسرائيل
القصص | 03 مايو 2016

في سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها بعد إنشاء الكيان الإسرائيلي منذ ما يقرب السبعين عاماً، عقد مجلس وزراء اسرائيل برئاسة نتنياهو اجتماعه الأسبوعي في هضبة الجولان.

الاجتماع الذي عقد في الهواء الطلق أعلن فيه رئيس وزراء العدو أن الجولان سيبقى جزءاً من اسرائيل إلى الأبد.

ليس التصريح المستفز والوقح هو فقط ما أثار انتباه الجميع بل إن مكان عقد الاجتماع وتقنيته التي عقد وفقها هي الأكثر استفزازا. 

فالمكان هو أرض سورية محتلة أعلنت اسرائيل ضمها منذ عقود ولم توافق اي منظمة دولية على قرار الضم الإسرائيلي.

والتقنية التي جرى بها الاجتماع اي انعقاده في الهواء الطلق وفي النهار يقدم رسالة اطمئنان للاسرائيليين، أن لا خوف ولا قلق على أمن اسرائيل ياتي من الشرق، أي عبر الحدود مع سوريا.

بالعودة إلى تصريح نتنياهو بخصوص أبدية ضم الجولان الى اسرائيل، تصريح نتنياهو فهم من قبل البعض على خلاف ما يعنيه وربما بعيداً عن فهم خلفياته. 

كلاهما المعنى والسبب من التصريح يتعلقان بالوضع السوري وما يعتقده الاسرائيلي في مستقبل سوريا.

في رأيهم سوريا انتهت، ومن ثم سوريا ذاهبة إلى التقسيم ابتداء من فدرالية صالح مسلم، وصولاً إلى ما تلمح له وثيقة الابتدار العلوي، وبهذا إن صحت القراءة الإسرائيلية فإن الجولان لن يعود إلى سوريا، لأنه لن تكون هناك سوريا، ولأن إسرائيل تضع عينها هذه المرة إلى مابعد بعد الجولان.

 اسرائيل لا تتخيل سوريا من دون آل الأسد على رأس  الحكم لذلك إسرائيل تفضل تقسيم سوريا الى دويلات عرقية وطائفية، كما يؤكد على ذلك في كل مناسبة مسؤولون إسرائيليون رفيعوا المستوى.

المعادلة المعقدة هي أن يتم المحافظة على وحدة سوريا كما هي، مع مجيء نظام جديد لا يقلق السوريين ولا يقلق إسرائيل، والحال أن مواقف الدول الفاعلة في المسألة السورية تجاه بشار هي كالتالي: روسيا تريده وتبحث عن غيره، اسرائيل لا تريده ولا تريد بديل، إيران تريده ولا تبحث عن بديل.

بعبع الحوار مع إسرائيل 

بعد تصريح نتنياهو الأخير يصبح صمت المعارضة موافقة على تقسيم سوريا وضم الجولان لإسرائيل، ولا أقصد بالصمت الامتناع عن الكلام، لأن الكلام لا معنى له الآن حتى لو أدانت المعارضة الموقف الإسرائيلي كل يوم، أقصد أنه حان الوقت الآن أن تقوم المعارضة بكسر الجدار والبحث في مصير سوريا مع عدوها الألد اي اسرائيل.

لعدة أسباب.

أولها انه يمكن لإسرائيل كما هي عليه الآن، أن تبقى عشرين عام أو نصف قرن.  فهل يستطيع أي سوري أن يضمن بقاء سوريا موحدة سنة واحدة إضافية ؟

لماذا تخشى المعارضة السورية لقاء القادة الفاعلين في اسرائيل بشكل علني؟ هل المعارضة السورية مازالت حبيسة الوهم القومي الذي صنعه آباء البعث أم حبيسة نظرية الممانعة التي صنعها نظام الأسد والخميني لاحقاً؟

ألا يعني هذا أن المعارضة السورية تمنع نفسها من ممارسة السياسة على المستوى الإقليمي والدولي بشكل فاعل وناضج وحقيقي؟

هل اعتبار المعارضة للنظام الأسدي أنه خادم أو عميل لإسرائيل هو مايمنعها من الحوار أو التفاوض مع القيادات الاسرائيلية؟

إذا كان هذا الاعتبار هو المانع فهو بالطبع ليس مبررا لعدم التواصل بين المعارضة وإسرائيل!

والسبب بسيط فالأسد الأب والابن تواصلوا سرا مع اسرائيل من أجل مصالح الرجلين ونظامهم كمجموعة ونخبة حاكمة. فليس على المعارضة أن تكون مثل الأسد الأب والابن أو مثل نظامهما الفئوي الفاسد والاناني . ليس على المعارضة أن تلتقي مع الإسرائيليين من أجل مصالح فئوية أو شخصية أو سلطوية لكن من الضروري ان تلتقي المعارضة الوطنية السورية وتحاور وتفاوض اسرائيل من أجل راهن ومستقبل الشعب السوري ولما فيه مصالح الشعب السوري واستقلاله.

 فإن لم يتم هذا اللقاء والحوار في وقت ما خلال هذه السنة على الأغلب والضرورة فستضطر نخب غير وطنية وعلى مستوى الطوائف السورية، كل طائفة على حدى إلى لقاء الإسرائيليين لتلقي الأوامر من تل أبيب بما يخص كل طائفة سورية على حدة.

إذا كانت المعارضة السورية معارضة وطنية حريصة على بقاء سوريا موحدة مستقلة، فعليها أن تفقأ هذه الدملة التي اسمها: "الخوف من إسرائيل وتحريم اللقاء مع قيادات إسرائيلية"، هذا التحريم الذي أسسه انطون سعادة ومن بعده البعث وعبد الناصر وحرص عليه شخصيا حافظ الأسد في حين كان يرسل وزير خارجيته ومسؤولين آخرين إلى المفاوضات العلنية مع إسرائيل، ويرسل اشخاص اخرين الى مفاوضات أخرى سرية الأمر الذي استمر اي اللقاءات السرية في عهد بشار، بما في ذلك شراكات اقتصادية بين "آل مخلوف" وإسرائيليين.

*مقالات الرأي المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر "روزنة".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق