دمشق صباح الـ 17 من نيسان عام 1946.. الناس في ثياب العيد في الطرقات وعلى الشرفات، وأعلام الدول العربية ترفرف، في أول احتفال بجلاء المستعمر الفرنسي عن أرض سوريا، بعد نضال ثوري وسياسي دام 26 عاماً.
في يوم الجلاء الأول عام 1946، عمّت الأفراح المحافظات السورية، وشهد شارع بيروت والمعروف بشارع القوتلي وكذلك بشارع المعرض في دمشق عرضاً عسكرياً شارك فيه الجيش السوري وفرق من جيوش عربية، أمام الرئيس حينها شكري القواتلي، وعدد من الساسة العرب.
(الرئيس السوري شكري القواتلي خلال الاحتفال بعيد الجلاء)
يقول الصحفي توفيق الحكيم، في مقال نشر قبل عقود بجريدة "أخبار اليوم" المصرية، تحت عنوان "رأيت يوم الجلاء في سوريا".
"الناس بدمشق في ثياب العيد قد تراصو في الشرفات والطرقات وفوق الروابي والأعالي وأسطح البيوت، وأنغام الموسيقى تعزفها فرق الجنود وجماعات الكشافة تنتقل من شارع إلى شارع، وأناشيد البنين وأهازيج البنات يهتف بها التلاميذ والتلميذات".
(سوريون يشاهدون العرض العسكري بمناسبة عيد الجلاء بدمشق)
موكب العرض بدأ بثلة من الجنود يحملون أعلام دول عربية بينها السعودية والعراق ولبنان، ويتوسطها العلم السوري الأخضر والأبيض والأسود ويتوسطة 3 نجوم حمر، وسط تصفيق خاد من حشود المواطنين.
ومما جاء في خطاب الاستقلال للرئيس القوتلي: "إننا نطوي اليوم صفحة الجهاد في سبيل استقلالنا لنفتح صفحة الجهاد لصيانته، وجعله واسطة لاستعادة الأمة ورقيها، وقد تكون صيانة الاستقلال أشق من الظفر به.. إن مثلنا الأعلى الذي نتطلع إليه ليدعو اليوم أبناء هذه الأمة إلى التجرد عن الهوى والترفع عن الصغار وإيثار المصلحة العامة على الخاصة".
(الرئيس السوري شكري القوتلي يلقي كلمة بمناسبة عيد الجلاء)
كان الجلاء تتويجاً لنضال الشعب السوري عامةً ولرجال قادوا حركة التحرر عسكرياً وبينهم سلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وصالح العلي وأحمد مريود وحسن الخراط وحسن الأشمر ورمضان شلاش، وسياسياً.. فارس الخوري وهاشم الأتاشي وجميل مردم بك وسعد الله الجابري، وغيرهم كثير.