بالأرقام: كيف استفادت تركيا من عبور اللاجئين إلى أوروبا؟

بالأرقام: كيف استفادت تركيا من عبور اللاجئين إلى أوروبا؟
تحقيقات | 15 أبريل 2016

عززت تركيا من ناتج دخلها القومي، بفعل موجة اللجوء الهائلة التي زحفت عبرها إلى أوروبا، بعد أن باتت الممر الأول لعبور اللاجئين السوريين وغيرهم، الذين يصلون إليها، ليكملوا مشوارهم بحراً بطريقة غير شرعية إلى اليونان عبر "بحر إيجة"، ومنه إلى دول الاتحاد الأوروبي.

اللاجئون الساعون للوصول إلى أوروبا، مضطرون لدفع مبالغ مالية كبيرة في تركيا، حتى يصلوا إلى اليونان، بما في ذلك تكاليف السفر والإقامة والتنقل والنقل البحري عبر "البلم"، يضاف إليها الاتصالات ومصاريف جانبية أخرى، وفقاً لما رصدته "روزنة".

دفع قاسم يحيى 7500 دولار حتى وصل إلى اليونان مع زوجته وأطفاله الثلاثة، قادماً من دمشق، يقول قاسم: "صحيح أني عبرت بصفتي لاجئاً، إلا أن المعيشة والمصاريف في تركيا كانت سياحية بامتياز، وخصوصاً في المدن الشمالية حيث تكون أسعار كل شيء سياحية".

كم تكلف الرحلة؟

وسط غياب تام للإحصاءات عن المبالغ التي يدفعها المهاجر في تركيا، حتى يصل إلى اليونان، أجرت "روزنة" حسبة اقتصادية لمتوسط هذه المصاريف، بعد لقاءات موسعة مع لاجئين وصلوا إلى الأراضي الأوروبية.

زين العابدين، طالب جامعي في الهندسة المدنية بدمشق، ترك دراسته في السنة الثالثة، وقرر التوجه إلى ألمانيا الخريف المنصرم.

"بلغت الكلفة الإجمالية حتى وصلت إلى جزيرة كوس 1600 دولار"، يقول زين، ثم يضيف: "دفعتُ 200 دولار للوصول من بيروت إلى مطار أضنة، و30 دولاراً من أضنة إلى أزمير، وتنقلات داخل أزمير، ودفعت 1100 دولار للمكتب الوسيط مع المهرب الذي سيوصلني إلى اليونان، و40 دولاراً ثمن سترة نجاة".

ويكمل شرحه لتفاصيل مصاريفه: "150 دولاراً كلفتني إقامتي 4 أيام في أحد الفنادق الشعبية بازمير حتى اكتملت رحلتنا، و5 دولارات ثمن أكياس واقية للبلل لأحفظ بها وثائقي وهاتفي المحمول، و15 دولاراً لخط تركي للاتصال بخفر السواحل في حال حدوث أي طارئ، وحوالي 60 دولاراً ثمن طعام وشراب خلال فترة إقامتي بأزمير".

إقامات طويلة

المبلغ الذي دفعه زين كان قليلاً، فرحلته لم تواجه أي مخاطر، بخلاف بقية رحلات أخرى كثيرة، تتطلب الإقامة لفترات طويلة في تركيا، تصل إلى شهر في بعض الأحيان.

يتابع زين:" أعرف أشخاصاً اضطروا للمكوث في فنادق أزمير لأكثر من 25 يوماً حتى تيسرت رحلتهم، لأن عوامل تأجيل الرحلة كثيرة، أبرزها دوريات خفر السواحل وحالة الرياح والبحر".

ما تحدث عنه زين، واجهه "قتيبة" وهو صحافي سوري، اختار ركوب البحر والذهاب لأوروبا، بعدما كان يعمل في لبنان، وتركه بسبب ضغوط المعيشة وغياب فرص العمل.

"أرجعنا خفر السواحل التركي 6 مرات، في كل مرة كنا نضطر لإعادة الانتظار مدة لا تقل عن أسبوع" يقول قتيبة، ويردف: "دفعتُ كل الأموال المتوفرة لرحلتي والبالغة 2600 دولار، قبل أن أصل إلى اليونان، ما دفعني للاتصال بأهلي في حلب ليرسلوا إليّ أموالاً إضافية".

وتختلف المصاريف التي يدفعها اللاجئون في تركيا خلال رحلتهم، بين شخص وآخر، فثمة بعض المهاجرين ينامون بالحدائق خلال فصل الصيف توفيراً لثمن الفندق، غير أن ذلك لا ينطبق على لاجئين آخرين، ولا سيما العائلات المهاجرة.

تركيا استفادت 2.4 مليار دولار من عبور اللاجئين

حتى الآن لم يعلن الاتحاد الأوروبي عن إحصائية رسمية، لعدد اللاجئين الواصلين إليه عبر تركيا، إلا أن تتبّع خط الإحصاءات الأسبوعية والشهرية خلال العام الماضي، إضافة للإحصاءات غير الرسمية التي نشرتها مجلات أوروبية، يوضح أن عدد اللاجئين في أوروبا قارب المليوني لاجئ، معظمهم من السوريين والعراقيين وأفريقيا.

وبخلاف جميع الدول الأوروبية، تعتبر ألمانيا هي الدولة الوحيدة التي أصدرت إحصائية دقيقة لعدد اللاجئين فيها، حيث كشفت مصادر بالائتلاف الحكومي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، "إن ألمانيا سجلت نحو 1.09 مليون طالب لجوء في 2015" مؤكدةً بذلك تقارير وسائل الاعلام الألمانية.

وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن أعداد السوريين الذين لجؤوا إلى أوربا بين عامي 2011-2015، تخطى الـ400 ألف.

وإذا اعتمدنا المبلغ الذي دفعه زين العابدين، ككلفة وسطية في تركيا حتى وصل إلى اليونان، فإن تركيا استفادت 2.4 ميار دولار وسطياً، علماً أنا هذا الرقم لا يعتبر رسمياً، وإنما تم استنتاجه بعد افتراض أن 75% من اللاجئين في أوروبا (1.5 مليون) وصلوا إليها عن طريق تركيا، كل فرد منهم دفع 1600 دولار في تركيا، ليكون الناتج الإجمالي لما دفعه هؤلاء بالأراضي التركية 2.4 مليار دولار، وذلك خلال النصف الثاني من عام 2014 وخلال عام 2015.

1.8 مليار دولار للمهربين الأتراك

يعمل في مجال تهريب البشر إلى اليونان، مهربون وسماسرة من كافة الجنسيات، بما فيها السورية والعراقية، غير أنهم مجرد موظفين يعملون براتب ثابت أو متقطع لصالح المهربين، الذين يحمل معظمهم الجنسية التركية وفق ما رصدت "روزنة"، حيث تعود إليهم "النقطة" (مركز الانطلاق المخفي من السواحل التركية)، إضافة إلى السفينة المطاطية ومحركها وسائقها.

وتوجد وسيلتا نقل رئيسيتان نحو اليونان، وهما "البلم" المطاطي" الذي تتراوح أجرته بين 800 - 1200 دولار، واليخت السياحي الذي تكون أجرته 1200 دولار شتاءاً و1600 دولار صيفاً.

وإذا افترضنا أن متوسط أجرة نقل اللاجئ الواحد 1200 دولار، فإن جيوب مهربي البشر الأتراك وحدها دخل إليها 1.8 مليار دولار، خلال المدة الواقعة بين صيف 2014، حتى نهاية 2015.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق