تعدد الزوجات في ريف إدلب.. من يشجع على ذلك؟

تعدد الزوجات في ريف إدلب.. من يشجع على ذلك؟
تحقيقات | 13 مارس 2016

تكثر ظاهرة الزواج الثاني والثالث والرابع، في قرى وبلدات بريف إدلب حالياً. ثمة من يشجع على الأمر، ويدعمه، ويروّج له، بوسائل عديدة، والخاسر الأكبر، المرأة والأولاد.

مغريات للزواج مرة أخرى!

تفرض جبهة النصرة قوانينها على مناطق سيطرتها بسوريا، ولا سيّما بريف إدلب، الذي سيطرت على مناطق منه، عام 2013.

وتشجع على تعدد الزوجات، من خلال الخطب والندوات والدورات الشرعية، كما تعرض مساعدات مادية، على من يتزوج بأرملة ويتكفل بأولادها، وهي مبلغ 100 ألف ليرة سورية، ويمكن أن تقدم راتباً شهرياً قدره 20 ألف ليرة، إذا كانت أوضاع الرجل المادية ضعيفة. 

أبو أسامة، 39 عاماً، ساعدته الجبهة حين تزوج بأرملة قتل زوجها في إحدى المعارك، حيث تكفلت النصرة بتقديم المهر وبعض الأثاث للمنزل، "خصصت لي الجبهة راتباً شهرياً وقدره عشرين ألف ليرة سورية لكي أستطيع التكفل بزوجتي الجديدة، وولديها الأيتام"، يؤكد الرجل.

تدمير العائلات

يقول أبو جعفر، متحدث باسم جبهة النصرة بريف إدلب، إن هدف الجبهة من وراء التشجيع على الزواج الثاني، تطبيق الشريعة الإسلامية، التي سمحت بتعدد الزوجات حتى الزوجة الرابعة.

"كان زوجي مقتنعاً بوضعه وحياته معي، ولم أتوقع أن يتزوج بأخرى فور انضمامه لجبهة النصرة، متذرعاً بالشرع الذي يسمح له بذلك" تقول أم محمد، ولا تخفي شعورها بالحزن والضيق، لأن زوجها يهتم بزوجته الثانية أكثر منها ومن أولادها.

قبلت أم محمد بالبقاء مع زوجها ونسيت فكرة الطلاق، لأنها لا ترغب بالتخلي عن أبنائها، مهما كانت الأسباب، كما تؤكد.

نائلة، 35عاماً، عاشت نفس حالة أم محمد، لكن رد فعلها كان مختلفاً، موضحة: "لم أستطع تحمل أن يتزوج زوجي امرأة أخرى بعدما عرضت عليه الجبهة بعض المال، فهذه خيانة بالنسبة لي، ولذلك طلبت الطلاق وحصلت عليه".

وتؤكد نائلة، أن أطفالها الثلاثة كانوا ضحية زواج والدهم الثاني، لأنهم فقدوا حنان الأب والأم معاً، بعد أن تخلت هي عنهم، ووالدهم مهتم بزوجته الجديدة.

ما رأي النصرة؟

جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) تأسست أواخر عام 2011، وتعد أقوى الفصائل المنضوية تحت جيش الفتح، المسيطر على إدلب وريفها، وبعض مناطق ريف حماة الشمالي. ولها كلمتها، فيما يخص القوانين الشرعية بأماكن سيطرتها، أكثر من باقي الفصائل.

ماذا عن تعدد الزوجات؟ ولماذا سهّلت النصرة هذا الأمر؟ يجيب أبو المجد أحد المقاتلين فيها: "ازداد عدد الأرامل في سوريا، بسبب استمرار الحرب التي أودت بحياة الكثيرين، فكان لابد من تخفيف معاناتهن بزواجهن من رجال يتكفلون بهن وبأولادهن".

العديد من مقاتلي الجبهة، كانوا مستعدين للزواج الثاني والثالث، ومنهم أبو العلاء، 40عاماً، الذي يشرح الأسباب التي دفعته للزواج أكثر من مرة: "الحقيقة لدي ثلاث زوجات، وكلهن من الأرامل اللواتي توفي أزواجهن في الحرب الدائرة بسوريا، أحاول أن أعدل بينهن، كما أحاول أن اجعلهن غير محتاجات لأحد".

تقول علياء، الحاصلة على مجاز بعلم الاجتماع، إن قضية الزيجة الثانية ليست بريئة على الإطلاق، أي أنها تكون أحياناً استغلال لعوز المرأة وتشردها وفقرها، فيتزوجها الرجل لفترة محددة ثم يطلقها.

وتضيف:" الكثير من الفتيات أجبرن على الزواج لأنهن في حالة من العوز الشديد، فعائلات كثيرة تفضل الموافقة على أي عريس يتقدم لبناتهن، ليتخلصوا من نفقاتهن، ولكن لسوء الحظ، فإن الرجال في المجتمع المحلي يقومون باستغلالهن والكذب عليهن".

وتؤكد لروزنة، وجود العديد من المشكلات الإجتماعية المرتبطة بمسألة الزيجة الثانية، موضحة: "الحالة النفسية للنساء السوريات ليست على مايرام، هذا أدى لتزايد تعدد الزوجات، ما نتج عنه حالات طلاق عديدة سواء من الزوجة الأولى الرافطة للزواج عليها، أو الزوجة الثانية التي خدعت بأن زوجها ليس لديه زوجة".

ويؤكد حديث علياء، ما جرى مع سمر، فابنة الخمسة والعشرين عاماً، قبلت الزواج  برجل في الأربعينيات من عمره، لأن أوضاع أهلها صعبة، فهم فقراء ونازحون، كما أن زوجها أكد لها وفاة زوجته السابقة، وعدم وجود أولاد عنده.

لكن الحقيقة كانت مغايرة، تقول سمر: "اكتشفت فيما بعد أني الزوجة الثالثة، ولدى زوجي ستة أولاد، وأمام هذه الحقيقة الجارحة، طلبت الطلاق والعودة إلى أهلي". 

تعدد الزوجات شرعاً

"سمح الشرع بتعدد الزوجات عند قوله تعالى: "مثنى وثلاث ورباع"، ولكن الله أمر بالعدل بينهن، وإن لم يستطع الرجل أن يعدل فلا يجوز له الزواج بأخرى، فواحدة تكفي، حيث يقول تعالى: وإن لم تعدلوا ولن تعدلوا فواحدة أو ماملكت أيمانكم"، يقول الشيخ عبد الله، أحد أهالي ريف ادلب.

ومن وجهة نظر الشيخ عبد الله، أنه لاضير في تعدد الزوجات، إذا كان باستطاعة الرجل أن يعدل بينهن. 

لكن الشيخ الآخر مظفر له وجهة نظره، حيث يرى أن الزواج الثاني يمكن أن يبني بيتاً، ويتسبب بخراب بيت آخر، حسب تعبيره.

ويقول: "ثمة زوجات لا يتقبلن الموضوع، وبالتالي سيكون هذا الأمر سلبياً على الأطفال الذين سيكونون هم الضحية، يجب أخذ موافقة الزوجة الأولى بهذا الأمر، إذا لم يكن الزوج راغباً بطلاقها وبتشرد أبنائه فيما بعد".

وكانت حالات تعدد الزوجات على مستوى ريف إدلب الجنوبي سابقاً، موجودة بنسبة خمسة في المائة فقط من مجموع العائلات، قبل عام 2011، ولكنها أصبحت في الوقت الحالي عشرين بالمائة بحسب المجلس المحلي في كفرنبل، وهذا العدد قابل للزيادة مع استمرار تواجد الجبهة والحرب في سوريا.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق