لا ياسيدي.. الشعب السوري لا يستطيع الاستمرار أكثر

لا ياسيدي.. الشعب السوري لا يستطيع الاستمرار أكثر
القصص | 03 فبراير 2016

يجيب السيد أسعد عوض الزعبي، رئيس وفد المعارضة السورية للتفاوض مع النظام في محادثات (جنيف3) التي تم البدء بها حسب المواعيد المقررة سابقاً، رغم تردد الوفد بالحضور والمشاركة،على أن تستمر لستة أشهر، قابلة للتوقف أو التمديد، على أحد أسئلة المذيعة الشهيرة نجوى قاسم، في برنامجها الإخباري (حدث اليوم).

بما معناه، لأني، للأسف، لا أستطيع استعادة ما قاله حرفياً. إن الشعب السوري الذي أودعهم قضيته.. وأمّنهم على مصيره.. لا يقبل منهم أي تنازل أو تهاون في تحقيق مطالبه وأهدافه.. وإن الشعب الذي صبر خمس سنوات على القصف والصواريخ والبراميل والحصار يستطيع أن يصبر سنوات أخرى!؟

مباشرة، علقت القاسم بذكائها وتهذيبها المعروفين، بأن هناك من سيتوقف عند هذه النقطة بالذات، منّبهة السيد الزعبي إلى الخطأ الواضح في قول هذا الكلام، الذي بكل بساطة يظهر تقبله، وتقبل المعارضة التي يمثلها، للمزيد من الموت والدمار والتشريد والحصار الذي ينتظر الشعب السوري خلال السنوات القادمة. وقتها، بدل أن يظهر السيد الزعبي تأثره الشديد لما ذكرت، لمحت نظرته تزوغ ولو قليلاً.. هذه النظرة التي زاد من زوغانها اضطراره للاعتراف، بأن الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى لسان وزير خارجيتها السيد كيري، فيما نقله وأعلنه السيد رياض حجاب رئيس الهيئة العليا للتفاوض، تمارس الضغط على المعارضة للقبول بحكومة وطنية، برئاسة بشار الأسد، وقبول ترشيحه لدورة رئاسية جديدة، وذلك خلافاً لبيان (جنيف 2012/06/30) الذي أقرّه مجلس الأمن، وقبلت به الأطراف كلها، وإن كلّ منهم حسب فهمه الخاص.

بعد اللقاء أذاع البرنامج ثلاثة أخبار عن سوريا في 26/1/2015:

1- انفجار شاحنة مفخّخة يقودها انتحاري، قرب مركز لتنظيم (أحرار الشام) في حي السكري في حلب، وموت /19/ عنصراً من التنظيم، و/4/ مدنيين، وبعض سجناء التنظيم في ذلك المكان - نعم لديهم سجونهم - ورغم أن الخبر يقول إن /5/ أبنية دمرت بالكامل، وتضرر /15/ مبنى آخر، إلاّ أنك وأنت تنظر إلى الصور المتتابعة تستطيع أن ترى أن حلب ليست سوى حرائق وخرائب.

2- وفاة سورية بعمر/64/ عاماً في مضايا نتيجة الحصار.. رغم ورود اسمها في قوائم الصليب الأحمر.

3- تحقيق مصور، ظهر فيه أطفال سوريون أقرب للهياكل العظمية المكسوة جلداً، عن عدم قدرة أجسام أطفال مضايا على تقبل الطعام بعد طول جوع.

وهذه ليس كل أخبار المأساة السورية في ذلك اليوم. فقد ورد في مواقع الأخبار:

4- مقتل /22/ سورياً على الأقل، وعدد كبير من الجرحى، في شارع الستين في حي الزهراء في حمص، جراء تفجير مزدوج استهدف حاجز تفتيش للجيش السوري.

5- مقتل /471/ مواطناً سورياً، منهم /125/ طفلاً و/52/ امرأة، ونزوح ما يقارب /40/ ألفاً، أغلبهم من الأطفال والنساء والرجال المسنين، أثر المعارك الدائرة في بلدات الغوطة الشرقية منذ بداية هذا الشهر، يعانون الجوع والبرد الشديد، رافق هذا الخبر مقاطع فيديو تظهرهم يقتاتون بالأعشاب وأوراق الشجر، وهم متكوّمون فوق بعضهم حول جذوع الأشجار درءاً للرياح الباردة.

6- يصل عدد السوريين المحاصرين في /18/ موقعاً، إلى ما يقارب المليون ونصف مليون إنسان، جميعهم يعانون الجوع والبرد وضروباً شتّى من الأمراض، وهم بأشد الحاجة، لجميع أشكال وأنواع المساعدات الإنسانية العاجلة.

وقبل هذا بأيام، في 18/1/2016، قام تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) بهجوم دام على مدينة دير الزور، قدر عدد ضحاياه، حسب مصادر متنوعة ب /300/ قتيل من مدنيين وعسكريين، كما تم اختطاف أكثر من /400/ مواطن!؟

فكيف.. كيف.. يستطيع الشعب السوري أن يستمر هكذا لسنوات قادمة!؟.. كيف له أن يصبر أكثر يا رئيس الوفد المفاوض!؟ إلاّ إذا كان السوريون، بظنكم، ليسوا بشراً، بل عفاريت، أو مجرد أرقام وصور ولقطات فيديو.

لا يا أخي.. الشعب السوري.. لن أقول، لم ينتخبك، فهذا من نافل الكلام، بل سأقول، لم يقم هو باختيارك.. لم يعينك، لا أنت ولا سواك من أفراد المعارضة الخارجية أو الداخلية، كما أني لن أتطرّق إلى من قام بهذا، فأنا أستطيع أن أتفهّم، كيف ولماذا أنت رئيس لهذا الوفد، حتى وإن لم أعرف التفاصيل، فأنت بنفسك حين سألتك القاسم، حول ما إذا كنت ستذهب تحت هذه الضغوط والشروط إلى المفاوضات!؟ أجبت وبكل صدق، بأنك أداة، ولا أقصد هنا أي إساءة، بل ربما أحترمك على هذا، فلقد شرحت بنفسك، أنك عُينت بهذا الموقع، واخترت للقيام بهذا الدور، من قبل الهيئة العليا للتفاوض التي، ذكرت أيضاً، بأنها ستجتمع في اليوم التالي وستقرر ما إذا سيذهب الوفد أم لا؟

لا ياسيدي.. الشعب السوري داخل سوريا وفي المخيمات ما عاد يستطيع الاستمرار في الجوع والتشرد والموت أكثر.. وأنا، كأحد أفراد هذا الشعب.. أطالبك وأطالب المعارضين السوريين كافة، كما أطالب الوفد الحكومي أيضاً، إذا كان لمطالبتي أي معنى، بتخطي كل الصعوبات، أيا كانت، والدخول في حلّ سياسي.. سلمي.. وطني.. إنساني، لمأساة شعبنا، والعمل على وقف القتل والتشريد بأسرع ما يمكن، إن لم يكن فوراً. وأرجوك.. لا تسألني بدورك.. كيف؟ فأنا، حقيقة، لا أدري كيف، ولكن أنتم، الذين أنشأتم المجالس والمنابر والائتلافات باسم الشعب السوري، ومن ثم عينتم وكلفتم أنفسكم، مشكورين، تنكب قضيته، أنتم من يدعونكم لتمثيل هذا الشعب في المؤتمرات والمباحثات والمفاوضات، أنتم من يجب عليه أن يعلم.. أنتم من يجب عليه.. أن يجد.. طريقاً.

* مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر أصحابها، ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي "روزنة".

*تم نشر هذا المقال بموجب اتفاقية الشراكة بين "روزنة" و"هنا صوتك".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق