طريق جديد لأوروبا.. من "التخت إلى اليخت!"

تهريب اللاجئين عبر البحر
تهريب اللاجئين عبر البحر

اجتماعي | 20 يناير 2016 | سيلين أحمد

يحاول السوريون السفر إلى أوروبا، هرباً من الملاحقات الأمنية والقصف والمعارك الدائرة في بلادهم، ليواجهوا في رحلاتهم خطر الموت واستغلال المهربين.

سبع مرات من المحاولات الفاشلة، زادت من إصرار عامر على تحقيق حلم الوصول إلى أوروبا، فحظه العاثر لم يمنعه من معاودة الكرة مراراً، عبر قوارب الموت التي تقل المهاجرين من السواحل التركية، متمسكاً بفرصته الأخيرة في بلوغ حياة آمنة، كما يقول.
اقرأ أيضاً: كرواتيا.. طريقٌ جديد إلى أوروبا

ويؤكد الشاب: "لم يكن أمامي خياراً آخراً، فإما ركوب البلم أو العودة لسوريا، كثيرة هي المرات التي تعرضت للغرق فيها برفقة العديد من المهاجرين، رأيت بأم عيني مقتل البعض منهم، لولا تمرسي بالسباحة لكنت في عداد الموتى الآن"، ويضيف: "في كل مرة غرق فيها البلم، كانت الجندرما التركية تأتي لإنقاذنا ثم إعادتنا إلى مدينة أزمير، فأعود إلى المهرب كي أسترجع مالي، وأكرر المحاولة من جديد".

ويوماً بعد يوم ورحلة بعد رحلة، أصبح عامر ابن الثامنة والعشرين عاماً، على دراية تامة بكل ما يتعلق بسوق التهريب في مدينة أزمير، إلا أن ذلك برمته لم يجنبه التعرض لاحتيال أحد المهربين بمبلغ 2500 دولار، وذلك لقاء تهريبه عبر يخت سياحي، ما جعل عامر "عالحديدة" بحسب تعبيره.

ومع ذلك، لم يستسلم، ركب البلم من جديد، لكن هذه المرة كان سائقاً، فسائق المركب لا يدفع مالاً للمهربين، وبسبب خبرته، نجح بالوصول إلى اليونان.

عمر الشقي بقي

رغم كل المخاطر ولأن طريق الأمل لا تحده المخاوف، قررت عائلة أبو محمود المؤلفة من تسعة أفراد، تكرار المحاولة في بلوغ شواطئ اليونان، فبعد تعرضهم للغرقً برفقة ثلاثين آخرين خلال إحدى رحلات الموت، قامت الجندرما التركية بإخراجهم واعتقالهم مدة ثلاثة أيام، ثم إرجاعهم إلى مدينة أزمير.

وقتها، توجهت العائلة إلى فندق المهرب الذي تم الاتفاق معه، بقصد استعادة الـ12 ألف دولار، وحول ذلك يقول محمود: "أخطأنا عندما لم نضع المال في مكتب تأمين، حاولنا كثيراً استرداد المبلغ من مهرب يدعى" أبو النور"، إلا أنه ماطل، فأصبح مأوانا الشارع، اضطررنا لخطف ابن أخته للضغط عليه  لكن دون جدوى، راحت المصاري" .

لم تفلح عائلة أبو محمود في وصول اليونان، إلا بعد عمل رب الأسرة كسمسار لدى أحد المهربين،  فقد تمكن حينها من تهريب أفراد عائلته  مجاناً على دفعات، بعد أن خسر كل ماله إثر عملية الاحتيال.

"لم يكن أمام والدي حل بديل، فات بالسوق واشتغل سمسار وبعتنا بهالبلم، شو بدنا نعمل.. هي الحياة"، يقول محمود.

"من التخت عاليخت"

قصص كثيرة عن السوريين، قدمت من ازمير التركية أولى محطات العبور لأوربا، وما جرى معهم، كما أن البعض منهم، واجهوا خطورة المهربين، وتعرضوا لظروف صعبة.

بعد اعتزاله العمل كسمسار تهريب إلى أوروبا، باح لنا وسيم عن أسباب ابتعاده، فسوء معاملة المهربين مع العديد من المهاجرين في مدينة أزمير، كان واحداً من تلك الأسباب.

ويشرح وسيم: "عندما يتضايق المهرب من "زبون نقاق" أي يلح و يسأل كثيراً عن ميعاد الرحلة، يبعثه المهرب بتكسي في ساعة متأخرة بالليل بحجة أن موعد الرحلة  قد حان، ويتصل بالشرطة التركية ليخبر عنه، وبالتالي يتم اعتقاله لمدة ثلاثة أيام، فيخرج، عايف حالو".

ولا تقتصر معاملة المهربين السيئة على ذلك فحسب، بل تتعداها إلى استغلال بعض المهاجرات السوريات، بسبب عدم امتلاكهن المال الكافي لركوب "البلم"، كما يشير وسيم، معبراً عن ذلك بجملة: "من التخت عاليخت"، متابعاً:" كنت على معرفة بأم وابنتها في أزمير، تم الاحتيال عليهما من قبل أحد المهربين، ففقدتا على إثرها كل ما تملكان، مهرب آخر قام باستغلالهما جنسياً في غرفة فندقه، بحجة تهريبهما إلى اليونان مجاناً، فتبين لهما بعد فترة أنه مخادع وكاذب، "يعني شي يقطع القلب".

حسب تقرير أصدره المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، فإن أعداد الغرقى والمفقودين في البحر الأبيض المتوسط وهم في الطريق إلى أوروبا، بلغت منذ بداية العام 2015 حتى نهاية الشهر الثامن منه، ما مجموعه (2824) شخصاً.

في حين بلغت أعداد الذين وصلوا إلى أوروبا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي كلاجئين أو طالبي لجوء، نحو (380,000) شخصاً، وصل معظمهم عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا واليونان، فيما وصل البعض من تركيا عبر الحدود البرية مع بلغاريا، أو عبر البحر إلى إسبانيا.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق