الحرب في سوريا.. رجال يضربون نسائهم

الحرب في سوريا.. رجال يضربون نسائهم
تحقيقات | 15 يناير 2016

قررت العديد من النساء السوريات، الانفصال عن أزواجهن، بعد معاناة طويلة، تحملن خلالها الضرب والإهانة. الكثير من الأشخاص يرجعون سبب هذا العنف الذي ازداد مؤخراً، إلى ظروف الحرب الصعبة في البلاد، في حين لا ترى بعض النساء  أي مبرر للعنف الممارس ضدهن.

لم تعد هيفاء قادرة على تحمل طباع زوجها أحمد الحادة، وضربه لها، كلما ضاقت أوضاعهم المادية، فقررت بنهاية المطاف الطلاق منه، ووضع حد لمعاناتها اليومية.

هيفاء واحدة من نساء كثيرات انهارت حياتهن الأسرية نتيجة العنف، ولكن هذه المرة ليس عنف الحرب فحسب، وإنما أيضا عنف الأزواج، الذين يضربون زوجاتهم ليخففوا الضغط عن أنفسهم!

"أصبت بحالة من الخوف واليأس وكرهت حياتي جراء العنف الذي أتعرض له من قبل زوجي، عدا عن الأوجاع الجسدية التي أصابتني من رضوض ولكمات باتت واضحة علي، كانت الآثار النفسية أكثر وطأة، وخاصة عندما أرى بكاء أطفالي وخوفهم من همجية والدهم"، تقول هيفاء.

الظروف الصعبة التي عاشتها، كانت نتيجة تعرض منزلها للدمار بقصف لطيران النظام السوري، اضطرت وزوجها لاستئجار منزل بسعر مرتفع في إحدى قرى ريف ادلب، فكانت هذه العوامل، مسببة في زيادة الضغوط على الزوج.

ولا ترى هيفاء أي مبرر لعنف زوجها تجاهها، الذي يظهر كلما طلبت منه تأمين بعض مستلزمات المنزل.

ورغم أن لديها طفلين، قررت الطلاق! والعودة إلى أهلها، ويوافقها بالرأي والدها، الذي يقول: "أرفض أن تكون ابنتي مذلولة في بيت زوجها، فالجميع يمرون بظروف صعبة، ولكن لا يتصرفون بغباء مع زوجاتهم، فالمرأة هي كيان ولها كرامة، ولا يحق لأي شخص كان أن يهينها ويسيئ إليها".

نساء يتحملن العنف!

هيفاء واحدة من نساء سوريات كثر، أدى عنف أزواجهن معهن لطلاقهن، أما رهف فهي من النساء اللاتي تغاضين عن الطلاق، رغم تعنيف أزواجهن.

تقول رهف: "مسكين زوجي، أعرف أنه يمر بظروف قاسية نتيجة صعوبة إيجاد عمل، إضافة لارتفاع الأسعار الجنوني وغير المسبوق لكل شيء، كل ذلك يدفعه مرغماً لضربنا أنا وطفلي حسام"، وتردف رهف مبتسمة، بأنه سرعان ما يشعر زوجها بالندم ويعتذر لها عن تصرفه.

تشعر رهف أن معاناتها مع زوجها مرتبطة بمعاناة كل شعب سوريا، موضحة: "لاشك أن انتهاء الحرب في سوريا سينهي معه الكثير من المشاكل العائلية".

لكن رأي رهف لم يقنع تالا أبداً، والتي طُلقت من زوجها منذ عدة سنوات، حيث تقول: "كان زوجي موظفاً في إحدى مراكز المجتمع المدني، إلا أن مرتبه لم يكن كافياً، كما أنه كان ينفق معظمه على ملذاته الشخصية"، وما ان تطلب تالا منه الإنفاق على المنزل، حتى كان يبرحها ضرباً كما تؤكد.

وتتابع: "لم أكن مضطرة لتحمل ضربه لي، واستهتاره بعائلته، علماً أن لدي ثلاثة أبناء، ومع ذلك طلبت الطلاق منه وحصلت عليه".

من جهته يقول علي زوج تالا: "نحن الرجال لا نضرب زوجاتنا دون سبب، فهنّ يخرجننا عن طورنا بتصرفاتهن، كثيرات التذمر ولا يجدن أعذاراً لأزواجهن الذين يتعرضون لضغوط نفسية كبيرة، سواء خارج المنزل بسبب الحرب والغلاء، أو داخله بسبب قلة اهتمامهن بهموم أزواجهن عن طريق طلباتهن وأوامرهن التي لا تنتهي".

الأطفال في قلب المعركة!

الطفل عامر، 9 سنوات، أحد أبناء تالا، يعبّر عن رأيه: "أنا أكره أمي لأنها تخلت عنا، وكذلك أكره أبي لأنه لا يهتم بنا بقدر اهتمامه بزوجته الجديدة"، عامر تخلى عن دراسته، وغالباً ما يقضي أوقاته بالشوارع وفي اللعب.

تعنيف الرجل لزوجته، يسبب الطلاق في حالات كثيرة، فماذا عن الأطفال في قلب هذه المتغيرات؟ تجيب سها، الحاصلة على مجاز في الإرشاد النفسي: "أكثر الفئات تضرراً من الحرب في سوريا هم النساء والأطفال، كونهم الحلقة الأضعف والمعرضة لشتى أنواع العنف والخوف، من كل ما يحدث حولهم".

وتتابع سها بأن "المرأة على الأغلب، تتحمل الضرب والإهانات من قبل زوجها، في سبيل بقائها في بيتها وحاضنة لأطفالها، دون أي إحساس بالذنب من قبل الزوج، الذي يعتبر نفسه دائماً على حق".

وتحذر من عواقب عصبية الرجل على الأطفال، الذين سيلازمهم الخوف منه، ومن خسارة أمهم، ما يؤدي لتدمير جزء هام من شخصيتهم، وسيؤثر على حياتهم. وذلك، في حال بقاء الأم معهم، أما إن تطلقت، ستكون الكارثة أكبر مع فقدان الأطفال لجانب هام من الرعاية، بحسب سها.

المحامي يزن تناري من معرة النعمان يقول: "في الحقيقة تعددت حالات الطلاق، وازدادت في ظل ما تمر به البلاد، هذه الحالات هي على الأغلب بسبب عنف الأزواج".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق