يعاني السوريون في تركيا من صعوبة التعامل مع البنوك وشركات تحويل الأموال، وتوقيف حساباتهم البنكية بتهم مختلفة، كتمويل الإرهاب، وتحويل الأموال للمسلحين في سوريا.
كما يواجهون صعوبات، بفهم القوانين التي تضمن وجودهم القانوني بالبلاد، في ظل غياب قرارات واضحة للحكومة التركية، بحق وجود اللاجئين السوريين على أراضيها.
ويسترن يونيون "معلق"
"الحصول على الراتب أمر معقد"، يقول فارس، وهو مصور صحفي، يعمل في الداخل السوري لوكالة الأنباء الفرنسية.
ويضيف: "عندما آتي إلى تركيا للحصول على الحوالة المالية، تبدأ رحلة العذاب والانتقال من فرع ويستيرن يونيون إلى آخر إلى آخر لاستلام الراتب، وقد أحتاج بضعة أيام للحصول على المال، ودائماً جملة (سيستم يوك) وتعني النظام معطل، تكون على لسان موظف الفرع".
ولكي يتخلص من هذه المعاناة، أنشأ فارس حساباً في البنك الزراعي التركي، كونه هو والبنك الكويتي التركي، يتساهلان مع السوريين، ولا يحتاج فتح الحساب لديهما، إلى إقامة، لكن فرحة الشاب لم تكتمل، إذ تمكن من الحصول على راتبه لشهر واحد دون تأخير، عقب ذلك، بدأ البنك برفض التحويل لحساب الشاب، في حال كان المبلغ أكثر من 1000 دولار.
"هذه الحالة ليست مستمرة، فالأمر يخضع للحظ، فأحياناً الحوالة تصل في الوقت المحدد، وأحياناً يتم إرجاعها". يوضح فارس.
وتبدو قصة مراد مشابهة، لكنه استطاع حلها من خلال إحضاره لإثبات قدمه للبنك، يوضح أنه موظف في قناة تلفزيونية، وراتبه يحول من الخارج.
وحول ذلك يقول: "عندما بدأ البنك برفض استلام المبالغ وقام بإرجاعها إلى الحساب الذي أرسل منه، ذهبت إلى الإدارة ليطلب مني إحضار وثيقة من الجهة المرسلة، وبالفعل تم الأمر ولم أعد أواجه هذه المشكلة".
الحل الوحيد "انتهى"
صباح الأربعاء 11 تشرين الأول، أصدر البنك الكويتي التركي قراراً جديداً، يتعلق بحركة أموال السوريين في تركيا، وبفتح الحسابات في البنك، اعتباراً من بداية العام القادم. حيث يتطلب فتح الحساب جواز السفر وهوية سوريّة مترجمة للغة التركيّة، إضافةً إلى ورقة تثبت عنوان المنزل من دائرة النفوس.
وبموجب القرار الجديد، لن يتمكن أصحاب الحسابات المفتوحة بالبنك الذين لا يملكون إقامة سياحية أو إقامة عمل، من سحب مبالغ مالية من داخل الفروع، باستثناء الصرافات الآلية، ووفق الحد المسموح به يومياً، ولن يكونوا قادرين، على الشراء باستخدام بطاقاتهم البنكية.
وبالتالي على العملاء استصدار إقامة سياحية، أو ورقة من النفوس، تثبت مكان إقامتهم وإرفاقها بجواز السفر، حتى يتمكنوا من سحب الأموال، حسبما قال عملاء الخدمة الهاتفية في البنك.
وعلل البنك اتخاذ هذا الإجراء، لتلافي "استفادة الخلايا الإرهابية وأفراد تنظيم الدولة الإسلامية داعش، من سهولة فتح حساب بنكي، وإجراء الحوالات البنكية لدعم العمليات الإرهابية".
وحدد الكويتي التركي، مهلة للعملاء الحاليين لاستكمال هذه الوثائق، كل حسب الفرع الذي فتح فيه حسابه للمرة الأولى، حتى تاريخ 18 شباط من العام 2016، وفي حال تخلف العميل عن استكمال أوراقه، سيتم تجميد حسابه من قبل البنك، ولن يستطيع بذلك سحب أو إيداع أو تحويل أو أي إجراء مصرفي في البنك.
وعلق أسامة العامل في "مؤسسة اغاثية على الأراضي التركية" على قرار البنك قائلاً:" كيف يمكننا الحصول على إقامة سياحية، واستخراجها يحتاج حساب مصرفي بأحد البنوك التركية وكشف للحساب يوضح وجود 5000 دولار أميركي أو 12000 ليرة تركية، وهو مبلغ كبير جداً".
وأضاف: "الآلاف من السوريين افتتحوا حسابات على بطاقة الكيملك التي تعد هوية تعريف للسوريين، وهم لا يملكون جواز سفر، إما بسبب دخولهم إلي تركيا بشكل غير نظامي، أو انتهاء صلاحية وثائق سفرهم، فكيف سيحصلون على الإقامة، أعتقد أن الحكومة التركية باشرت بتضييق الخناق على السوريين".
هل سيخسر البنك؟
أحد المستثمرين السوريين، العاملين في مجال الشركات الوسيطة، كشف في تصريحات نقلها موقع "اقتصاد" الالكتروني، أنه يوجد أكثر من 500 شركة وسيطة سورية بمدينة غازي عنتاب لوحدها، موضحًا أن الرساميل السورية المودعة في بنوك المدينة، تقدر بحوالي 30%، من حجم الأموال المتواجدة في خزائن البنوك.
لكن قرار البنك الكويتي الأخير، حول الإقامات وسحب الأموال، دفع غالبية السوريين إلى سحب أموالهم، والتي في معظمها بـ"الدولار"، ما يؤكد خسارة البنك الكبيرة جراء حركة السحب السريعة التي تمت، حيث أن تساهل البنك مع السوريين در عليه أرباحاً صافية قياسية بنسبة تجاوزت 23% خلال العام 2014، بحسب مسؤوليه.
ما علاقة أميركا؟
الخبير الاقتصادي ممدوح الغزي، قال لروزنة، إن قرارات البنوك الجديدة، والتي كانت تتساهل في التعامل مع السوريين، هي إجراء احترازي، مع تنامي خطر تنظيم "داعش" وتحويل الأموال إليه.
مضيفاً: "يمكن ربط الإجراءات الأخيرة بالقرار الذي فرضته وزارة الخزانة الأميركية بداية العام الحالي، على تحويلات الأجانب في تركيا، كل من حاملي الجنسيات السورية والعراقية والإيرانية المقيمين على الأراضي التركية، حيث حظر القرار الحوالات المرسلة لحاملي الجنسيات المذكورة بالدولار".
وعلل حينها القرار الذي تم تسريبه ولم يتم الإقرار به علناً، بأنه يهدف إلى تجنب وصول أية أموال إلى أيدي المتطرفين داخل سوريا.
السوريون يتساءلون
"فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، أعطانا جرعة أمل"، هذا ما قالته رنيم، وهي سورية مقيمة في تركيا.
وأضافت: "الأمل تضاعف بعد أن أكد أحد الناطقين باسم الحزب بأنه بعد تشكيل الحكومة الجديدة وتسلمها مقاليد الأمور، وخلال 100 يوم، سيتم استصدار قرارات تاريخية ومصيرية وإصلاحية بشأن اللاجئين السوريين في تركيا، تمكنهم من العيش بكرامة والاندماج مع المجتمع التركي".
وبحسب رنيم، "ما يحدث للسوريين هو تعقيد أكثر لوجودهم على الأراضي التركية، حيث أصبح الحصول على الكيملك يتطلب موعد وعدة أشهر للاستخراج، وتحول الموضوع إلى سمسرة، إضافةً إلى استخراج اذن سفر في حال التنقل بين الولايات التركية أو السفر خارجاً، ناهيك عن تعقيدات البنك والحوالات المالية، فماذا ينتظرنا بعد مئة يوم؟"
يشار إلى أن عدد السوريين في تركيا، يناهز الـ 1.8 مليون سوري، يتوزعون على مختلف الولايات التركية، وجزء كبير منهم متواجد في المخيمات.