بالصور: نفايات محترقة في وادي النصارى وكاهن يواجه البلدية

بالصور: نفايات محترقة في وادي النصارى وكاهن يواجه البلدية
تحقيقات | 04 يناير 2016

بخطوة هي الأولى من نوعها، ينشط أب رعية بلدة المزينة في وادي النصارى، بطرس حزوري، لتحريك ومتابعة مشكلة مكب النفايات التي بدأت قبل شهر، على الجانب الشرقي للبلدة.

وفي حين فشلت مياه الأمطار وفوج الإطفائية وصهاريج البلدة، بإطفاء نيران المكب، فتح الأب باباً جديداً للمطالبة والمساءلة عبر الفيسبوك، فنيران المكب، تسبب في انبعاث دخان وروائح خانقة، وانتقالها إلى القرى والبلدات المجاورة، فأين حكومة النظام السوري من ذلك؟

الأب الجريء!

الحجج بانتهاء عقد المتعهد، وأن ما من مسؤول حالي عن ترحيل النفايات، ووعود وأعذار لترحيلها وتطلبها لتواقيع وأوراق ومعاملات ..ألخ، لم تثن الكاهن عن المهمة. 

بحث حزوري عن حل سريع، صّور المكب المحترق، ناشد المعنيين في منشوراته، ولعل أكثرها جرأة كان توجهه بعدم الشكر لمحافظ حمص ومديريات الخدمات الفنية على "جهودهم غير الجدية لإيجاد حل للمشكلة"، وحديثه عن "إكراميات" لم تعجب سائق الجرافة الموظف لدى مديرية الخدمات، والذي تخلى عن إخماد الحريق، رغم تأمين المازوت للجرافة والإكراميات. 

وانطلاقاً من مقولته "عوجة من زمان بقى كيف بهالأيام"، تابع الأب مشكلة مكب النفايات المحترق في بلدته عن كثب، وأشرف على عمليات الإطفاء فيه. متأسفاً في نفس الوقت على الوضع الذي وصلت إليه الحال، الكاهن يتابع عمليات الطمر والإطفاء، ورئيسا البلدية والمكتب الفني في بلدة المزينة متغيبان. 

ويتهم الأب رؤساء بلديات المنطقة المعنيين بنفاياتهم التي يرمى بها في هذا المكب، بالتقصير، حيث لم يقدموا قرشاً واحداً لحل هذه المشكلة، في حين أن المجتمع الأهلي والكنيسة قدما دعمهما المادي. رافعاً سقف مطالباته إلى منع كب النفايات منعاً باتاً في المكب الملاصق لبلدة المزينة وللكنيسة، على وجه التحديد.

أصوات البلدة

تحركات الأب بطرس لاقت صدى لدى سكان المزينة بوادي النصارى، الذين أبدوا بدورهم تحركات وردود أفعال تجاه المشكلة، كإنشاء صفحة على فيسبوك تطالب بإيجاد حل سريع للمشكلة، ملوحين بفضح فساد البلدية في حال عدم الاستجابة، إلى جانب ظهور شباب من البلدة في صور أمام المكب مع لافتات، تندد وتطالب بحل سريع. يقول أحدهم "من المعيب ألا نطالب بإزالة المكب كلياً، فالرائحة كريهة جداً ولا يمكن احتمالها أحياناً".  

أصوات أخرى تحولت إلى مشاجرات، حيث حاول أحد أبناء البلدة الساكن قرب المكب؛ منع سائق سيارة قمامة آتية من بلدة أخرى من كب نفاياتها، فكان أن كلفه الأمر ضربة وجرحاً في رأسه، واختبائه طوال أسبوع بعيداَ عن بيته وعن أعين الشرطة، التي بدأت بالبحث عنه بعد الحادثة. 

رجع الصدى

بحسب الأب بطرس حزوري، فإن مناشداته وأقواله على فيسبوك لاقت صداها، حيث كتب على صفحته:"عاد سائق التركس متل الشطور للعمل في مكب النفايات لإطفاء الحريق بإيعاذ من مدير الخدمات بعد الجرسة والبهدلة الي تمت على الفيس بوك"، ملمحاً إلى تأثير تلك الكلمات على المعنيين في البلديات ومديرية الخدمات الفنية، الذين سارعوا لاستكمال عمليات إطفاء النفايات، التي لم تطمر أو ترحل بعد، وهو ما أكده أهالي البلدة أيضاً.

ويبدو تصرف هذا الأب الجريء، الأول من نوعه في منطقة وادي النصارى، التي تنخفض فيها الأصوات المهاجمة أو المنتقدة لأي جهة تابعة للنظام السوري، لدرجة أن أبناء قرية مجاورة طلبوا من الأب، أن يكتب عبر فيسبوك، عن مشاكلهم ولربما يجدون الحل أيضاً.

للتاريخ مفارقاته

في أوائل القرن الماضي كان الاسم الشائع للبلدة الواقعة بوادي النصارى هو "مزيبلة"، تسمية تركية حسب الأهالي، قبل أن يتحول فيما بعد وبشكل رسمي إلى مزينة، وهنا يطيب للبعض في المنطقة استيحاء مفارقة ساخرة من التسمية القديمة، يقول أسامة بلهجته المحلية: "كأنو التاريخ عم يذكرنا بالإسم القديم، البركة برؤساء البلديات ومحافظة حمص يلي حسسونا من جديد شو يعني مزيبلة".

المكب وإن خفتت نيرانه وانحسرت أدخنته، إلا أن عقداً جديداً لترحيل النفايات لم يوقع بعد، وجرارات القمامة القادمة من البلدات الأخرى لا تزال تقلب حمولاتها في مكب المزينة. وحسب توقعات أهالي البلدة الذين اعتادوا على الحلول المؤقتة، فأنهم قد يكونوا في غضون أشهر، أمام موعد جديد مع النفايات المحترقة.

يمكنكم الاستماع للبث المباشر عبر الضغط (هنا)


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق