مع بدء العام الدراسي الجديد في عفرين، شمال حلب، وجد الطلاب والطالبات منهاجاً جديداً، بين أياديهم، حيث قامت "الإدارة الذاتية" بتعميمه، على جميع مدارس المنطقة، وخاصة لطلاب المرحلة الابتدائية.
التلاميذ الأكراد، من الصف الأول إلى السادس، سيدرسون باللغة الكردية، وتضاف مادة اللغة العربية في الصف الرابع إلى منهاجهم، أما أقرانهم العرب، سيدرسون وفي شعب منفصلة، حسب المناهج المعتمدة لدى النظام السوري، بالإضافة إلى مادة اللغة الكردية اعتباراً من الصف الرابع.
كيف ينظر الطلبة إلى المنهاج الجديد؟
في استطلاع لآراء طلبة مدرسة هيزل (الاتحاد العربي سابقاً)، في عفرين، أبدى بعض الأكراد، إعجابهم بالمنهاج الجديد، لكونه بلغتهم ولأنه يحتوي على مواضيع قريبة من الواقع الذي يعيشونه، فيما أبدى آخرون عدم رضاهم عن المنهاج، لكونهم يفكرون باستكمال دراستهم في حلب، حيث لا مستقبل للمناهج الكردية. كما يرون.
من جهتها ترى المدرسة أمينة أحمد، أن تغيير المنهاج بشكل جذري، يعتريه التسرع، والأدلجة والمبالغة، في ظل عدم كفاءة واضعي المنهاج، وعدم توفر الخبرة لدى الكادر التدريسي. حسب تعبيرها.
وتضيف: "بعد الأحداث الأخيرة والتغيرات الحاصلة في سوريا بشكل عام تطلب، الأمر إحداث نوع من التغيير في المناهج الدراسية، الذي يعتبر مطلباً كردياَ، ولكن الوقت غير مناسب، بسبب عدم وجود كوادر لإنتاج منهاج يتناسب مع متطلبات المرحلة".
وتؤكد أيضاً، أن "تكريد" المنهاج أمر مستعجل، كون هذه اللغة غير جاهزة لتدريس المواد العلمية، مثل الرياضيات والفيزياء، وبرأيها، تلك العوامل، ستؤدي إلى ازدياد نسبة التسرب المدرسي، كما حصل في العام الماضي.
هل يوجد ايجابيات؟
لا تنكر المدرسة أمينة أحمد، وجود نقاط إيجابية في المناهج الجديدة، ولكنها إلى جانب ذلك، تجد فيها نقاطاً سلبية مثل الأدلجة التي قد تؤثر سلباً على الطلاب رغم احتواء جميع المناهج العالمية على الأيديولوجية. كما تقول.
وترى أنه كان من الضروري تغيير الصورة النمطية والتقليدية، للمرأة السورية في المناهج الدراسية، "ولكن هناك مبالغة، وذلك بوضع كتب ومناهج خاصة بالمرأة، توحي وكأنه لم يكون للمرأة وجوداً على الساحة حسب قولها" توضح أحمد.
فلسفة جديدة في المنهاج الجديد!
اعتمد واضعو المناهج الجديدة، على مبادئ فلسفة الأمة الديمقراطية، المستنبطة من فكر رئيس حزب العمال الكردستاني، والمسجون في تركيا، عبد الله أوجلان.
وتدعو هذه الفلسفة إلى فدرلة منطقة الشرق الأوسط، "تقسيم المناطق لأقاليم حكم ذاتي"، وتنبذ فكرة الدولة القومية، وعلى أساسها تم إلغاء مواد التربية القومية والتاريخ والجغرافية، والتدبير المنزلي، لطلاب وطالبات المرحلتين الإعدادية الثانوية. وتم أيضاً إلغاء مادة التربية الإسلامية، واستبدلت بمادة جديدة، اسمها تاريخ الأديان.
وحول التبديلات، تقول مديرة التربية في عفرين، آيتان شيخ عيسى: "قمنا بتغيير المنهاج القديم، لأنه يحرض على أساس الجنس والتمييز العنصري، بين أفراد المجتمع، والكتب التي تظهر حالة عدم المساواة بين المرأة والرجل، لن نسمح بتدريسها"، موضحةً: "فمثلاً قمنا بإلغاء مواد التدبير المنزلي والتربية القومية ونتيجة لذلك حصل سوء في الفهم لدى العديد من الناس".
تغيير التاريخ والجغرافيا!
المناهج الجديدة، شملت أيضاً، تغييراً بمادتي التاريخ والجغرافية، فبحسب مديرة التربية في عفرين، آيتان شيخ عيسى، هذا التغيير، لأن "المادتين تروجان لتاريخ شعب واحد وعلم واحد وعقيدة واحدة".
وتضيف: "المعروف أن أرض ميزوبوتاميا (بلاد ما بين النهرين) عاشت عليها بتآخ شعوب عديدة، مثل الأكراد والشركس والأرمن والمسيحيين، لذا اعتمدنا كتابين جديدين وسوف يدرس بموجبهما تاريخ جميع الشوب التي عاشت على هذه الأرض".
صورة المرأة في المنهاج الجديد
فيما يخص تغيير اللغة العربية للطلاب الأكراد، تبرر مديرة التربية ذلك: "قمنا بتغيير مادة اللغة العربية التي كانت تدرس في الصف الأول، حيث كانت فيها دروس تحدد أدوار المرأة في المطبخ والرجل في السوق، أو في العمل، فمثل هذه المادة تنتج فكراً يحرض على التمييز على أساس الجنس".
المنظمات النسائية العاملة في عفرين، تتفق مع المنهاج، الجديد وتعتبره إنجازاً كبيراً وخاصة فيما يتعلق "بزرع مفاهيم ومبادئ جديدة في ذهن الجيل الناشئ". كما تعلن.
وترى عضو منسقية منظمة "اتحاد ستار"، هيفين حسين أن المناطق الكردية في سوريا، تشهد ثورة على جميع المستويات الاجتماعية، وأن المنهاج الجديد، بحسب رأيها: "جزء من ثورة اللغة الذي أتى ليخلص الجيل من الأفكار التي كان يزرعها حزب البعث".
وتقول هيفين حسين لروزنة: "كمنظمة نسائية، نرى أن هذا المنهاج يحتوي على أفكار كفيلة بتغيير ذهنية المجتمع، التي ترسخت منذ آلاف السنين على تحديد الأدوار لأفراد الأسرة، ويوزعها على الوالد والأم والأطفال والتي نعتبرها خطأً فيما نرى أن المناهج الجديدة خالية من هذه الأفكار".
التغيير في اللباس أيضاً
هيئة التربية في عفرين، اعتمدت لباساً موحداً للطلبة بالمرحلة الأساسية، يتكون من قميص خمري اللون وبنطال كحلي، وباشرت بتوزيعه على التلاميذ، وحسبما يقول مسؤلو "الإدارة الذاتية" في عفرين، فإنها تكفلت بدفع جميع تكاليف تأمين المستلزمات المدرسية، لحوالي 300 مدرسة على مستوى المنطقة.
وفي وقت سابق، صرحت قيادية بحركة المجتمع الديمقراطي، لوسائل إعلام، أن إجمالي التكاليف المخصصة لتأمين جميع احتياجات الطلاب والمدارس للعام الدراسي الحالي، بلغ (500 ألف دولار).