تنتشر تجارة الأعضاء البشرية في سوريا اليوم، وتتم عمليات استئصال الأعضاء في غرف مغلقة، بظروف صحية معدومة. وفي المناطق الخاضعة للمعارضة السورية بريف دمشق، يتورط أطباء وممرضون بالتجارة غير المشروعة معرضين عشرات البشر للموت والخطر.
اقرأ أيضاً: 4 طرق لزيادة الدخل في سوريا!

رجل يبيع كليته!

أبو عامر من سكان مدينة دوما بريف دمشق الشرقي، والد لثلاثة أبناء، ويعمل في حفر الأنفاق منذ عدة سنوات، لكن، مردود العمل، لا يكفي العائلة، فباع كليته، مقابل مبلغ من المال!.
"كان جل همي ألا يموت أولادي من الجوع، وخصوصاً أن ابنتي مقعدة ولا تستطيع التحرك، علمت من أحد معارفي أن هناك من يشتري الكلى مقابل مبالغ مادية، فأخبرته أن يصلني بهم كي أحدثهم ونتفق على سعر معين، وبالفعل هذا ما حدث". يقول الرجل.
بعد ذلك، توجه أبو عامر إلى منطقة تدعى "حزرمة"، في بلدة مرج السلطان بالغوطة الشرقية، حيث كان أحدهم بانتظاره، ليأخذه إلى أحد المنازل هناك، تفاجأ أبو عامر لدى دخوله منزلاً مجهزاً ببعض المعدات الطبية، وعند رؤيته 17 شخصاً من بينهم أطباء ونساء، متأهبين أيضاً لذات السبب.
"بصراحة لا أعرف من هم هؤلاء الأشخاص أو إلى أية جهة يتبعون، ولا يهمني ذلك أصلاً" يؤكد أبو عامر، مضيفاً: "هم مجرد أشخاص يشترون الكلى مقابل مبالغ مادية، الأهم أنني عدت إلى منزلي وبحوزتي 250 ألف ليرة سورية".
اقرأ أيضاً: تجارة الأعضاء البشرية في سوريا تزدهر بسبب الحرب
كيف كُشف أبو عامر؟
يبدو أن جزءاً مفقوداً من الحكاية، لم يروه أبو عامر، لكن في أحد الأيام، وخلال عمله، سقط "بائع كليته"، وهو يتلوى من الوجع، فحمله زملاؤه ورب عمله، إلى نقطة طبية في مدينة دوما.
وفي ذاك الوقت، كشف لهم عن قصة بيع كليته بعدما استفاق، ما أثار استغراب العاملين في النقطة، واستدعاهم التوجه إلى أقرب مخفر تابع لجيش الإسلام الذي يسيطر على دوما، وذلك بغية التحقيق بالأمر وكشف المسؤولين عنه.
وحول ما جرى يشرح المسؤول عن أبو عامر في العمل: "ما أثار استغرابنا هو أن الغوطة الشرقية بكاملها، لا تحتوي إلا على بعض المعدات الطبية، فكيف بمنزل مجهز بتلك المعدات؟"، ويضيف: "قمنا بتقديم شكوى، حيث تم أخذ بعض المعلومات من أبو عامر، حول مكان العملية والأشخاص الذين تواصل معهم، وأخبرونا أنه سيتم اتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك".
القصة الكاملة
بعد مرور عدة أسابيع على حادثة أبو عامر، شاعت بين أهالي دوما واقعة غير مألوفة، حول إعدام سبعة عشر عاملاً تابعين للنظام السوري، بعد كشف عملهم في تجارة الأعضاء البشرية.
من بينهم ثلاثة أطباء وامرأتين، تم الإعدام، في ساحة الغنم الشهيرة وسط المدينة، وأثناء جولة روزنة هناك، قابلنا أحد السكان، الذي تحدث عن تلك الحادثة: "علمت من قريب لي يعمل في جيش الإسلام، أنه تم القبض على عصابة تابعة للنظام السوري، بسبب إتجارها بالأعضاء، وذلك بواسطة كمين نفذ لها، بعد أن كشف رجل عن بيع كليته لهم عندما أصابه التعب، حيث تم إعدامهم في ساحة الغنم ليلاً".
"الله لا يوفقون فوق الحصار والجوع عم يتاجروا بالكلاوي". ختم الرجل حديثه.
والتقت روزنة، بإحدى نساء دوما، حيث أخبرتنا هي الأخرى، عن سماعها بحادثة الإعدام تلك، كما غيرها من الأهالي، موضحة: "ربما كانوا يعملون بتجارة الكلى، لكن الغريب بالأمر هو التعتيم إعلامياً على هذه القصة".
وفي ظل غياب إحصائيات دقيقة، حول تجارة الأعضاء البشرية في سوريا، يذكر أن رئيس الطب الشرعي في جامعة دمشق حسين نوفل، كشف لصحيفة السفير سابقاً، عن توثيق أكثر من 18 ألف حالة إتجار بالأعضاء البشرية في سوريا، مشيراً إلى أن سوريا، باتت تحتل موقعاً هاماً في تصدير تلك الأعضاء!، حسب تعبيره.