قوانين ناشزة وبنية مهترئة

قوانين ناشزة وبنية مهترئة
القصص | 03 ديسمبر 2015

قوانين الأحوال الشخصية ناشزة، هذه عبارة من الحملة التي تقوم بها مؤسسة "كفا عنف" اللبنانية.

وأستعير منهم عبارة النشوز لكن لأعممها على معظم القوانين السورية والدول العربية، التي تمسّ النساء، فليست فقط قوانين الأحوال الشخصية تحمل نشوزاً عن حقوق الانسان والمواثيق الدولية والتي حجّتها أنها من حقوق الله، أو إنها تحمي خصوصية الطوائف الدينية.

فقانون الجنسية السوري ومثله في معظم القوانين العربية، ينشز عن اتفاقية "السيداو"، واتفاقيات حقوق الإنسان المطالبة بالمساواة و إلغاء التمييز ضد النساء، فيحرم النساء المتزوجات من غير سوري منح جنسيتها لأولادها وزوجها بحجّج منها حماية الأمن القومي، ويعطي الحق باتساعه للرجل الذي يمكنه منح جنسيته لزوجته مهما كانت جنسيتها بشروط بسيطة.

وكذلك قانون العقوبات الذي يشزّ في كثير من مواده، فهو يحمي قاتل النساء بحجة الشرف، فيحلّ من العقوبة في بعض الدول، ويخفف منها في دول أخرى، فالنساء هن شرف العائلة ولا يمكن حمايته إلا بالقتل من قبل حامي الشرف.

ويسمح للزوج بإغتصاب زوجته، فهو الفعل الوحيد من بنود الاغتصاب الذي لا يعاقب عليه القانون السوري الوضعي، والذي ينص على أن "من أكره غير زوجه بالعنف أو التهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقّة...الخ".

ويعتبر المرأة الزانية فاعل أصلي في جريمة الزنا أما الرجل فهو فقط شريك، ويمكن اثبات الزنا على المرأة بكل وسائل الاثبات أما على الرجل فهي طرق ثلاثة فقط حددها القانون ، وأي مكان ترتكب فيه المرأة فعل الزنا هو مكان الجريمة أما الرجل فلا يحاسب كفاعل أصلي إلا إذا ارتكبها في بيت الزوجية.

ولا يطلق فعل الدعارة إلا على النساء، ويعتبر الرجل حينها مخلاً بالآداب العامة.

وبالعودة إلى قانون الأحوال الشخصية ملك النشوز، فإنه يحمل بين طياته عبارات لا تعتدي فقط على حقوق النساء بل تعتدي على حقوق الأسرة كلها، أهمها مسمّى عقد الزواج في المحاكم فهو "عقد نكاح"!، ففعل النكاح هو أصل عقد الزواج وهو لا يتعلق فقط بمسمّى العقد بل للنكاح دور في مهر الزوجة، هل نكحها أم لا، هل كانت بينهما خلوة شرعية أم لا وعليها يتحدد المبلغ من المهر الواجب إعطائه للزوجه عند الطلاق، أو التفريق.

ومن بين العبارات التمييزية الناشزة " الموطوءة، المنكوحة، البكر، الثيب" وعلى العبارتين الأخيرتين أفرد القانون مواداً كثيرة فهذا يدوّن في عقد الزواج وعليه تقرّر أو تلغى بعض الحقوق للنساء.

وإن وصلنا إلى الطلاق بالإرادة المنفردة، فنحن لا نجهل معنى الظلم للمرأة والأسرة عندما يستطيع الزوج بكلمة طلاق زوجته، بينما هي مهما كانت معنّفة أو تعيش ظروفاً صعبة من مثل غياب الزوج أو فقدانه أو هجره لها فهي تحتاج لدعوى أمام المحاكم الشرعية، التي باتت اليوم أشبه بعقوبة تضطّر المرأة للتخفيف من إجراءاتها ومواعيدها بالتنازل عن كل حقوقها لنيل حريتها، لتضطر بعض النساء للزواج السرّي والعيش حياة سريّة مليئة بالمخاطر منها السجن لأنها تزوجت وهي على عصمة رجل، وتمضي بها سنوات العمر بدون شريك علني، وبزوج غائب لا تدري عنه شيئا أو زوج يتلذذ بتعذيبها وهي تعلم أنه يعيش مع امرأة أخرى في بلد آخر ويبني أسرة جديدة ضمن شرع قانوني يجيز له تعدد الزوجات، بينما هي على عصمته تحاول فكّ الارتباط به لكن تقيدها قوانين ناشزة تضعها تحت رحمة مجتمع يكثر عليها الألقاب، لكنه يستمدّ شرعيته من حقوق الله.

هذا ما يحدث في أروقة المحاكم وهو غيض من فيض ما تعيشه النساء في بلادنا التي تعجبت من حجم الكوارث التي ألمّت بها متجاهلة الإهتراء في بنيتها القانونية العمود الأساسي في ثبات الدول وتقدمها.

 

*مقالات الرأي تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "روزنة".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق