حواجز النظام السوري في السويداء.. أتاوات ومكاتب للسفر!

حواجز النظام السوري في السويداء.. أتاوات ومكاتب للسفر!
تحقيقات | 25 نوفمبر 2015

في صباح يوم سبت صيفي حار، يقف 15 شخصاً، عند حاجز تابع للنظام السوري، شمال مدينة السويداء، ينتظرون إذناً من أحد عناصره، للصعود إلى السيارات الذاهبة للعاصمة دمشق، في مشهد، يوضح تحكم فرد بمجموعة!.

وقتها، كنت ذاهباً إلى دمشق، مع شاب يدعى "نايف"، تذرعت له بعدم استطاعتي الحجز من السويداء للعاصمة، وأعرف أنه على علاقة قوية مع عناصر الحاجز، فكانت غايتي، البدء بالتقصي، حول ممارسات أولئك العناصر.

ولم تمضِ دقائق على وصولنا للحاجز، حتى ظهر الود عند أحد عناصره، تجاه نايف، فأجبر سائق تكسي، على اصطحابنا في سيارته، إلى دمشق، كرمى لعيون نايف!

سفريات بالمونة

على مدخل مدينة السويداء الشمالي، ثمة حاجزان تابعان للنظام السوري، الأول حاجز "سليم"، والثاني حاجز "حزم"، وباتجاه درعا غرباً، يوجد حاجز الـ"المجيمر"، تتحكم جميعها، ولا سيما الشمالية، بأكثر من مليون ونصف سوري، يعيشون في محافظة السويداء، سكان أصليون، ونازحون من مناطق الجنوب السوري، كريف درعا.

وفي الطريق من السويداء لدمشق، أكد نايف، أن لدى الحاجز، "أولويات " في تأمين السفر للناس، بفرضهم على سيارات متجهة لدمشق، (مكان  الخدمة، والمنطقة التي ينتمي إليها الشخص)، "ابن الساحل له الأولوية، هو ابن عم أو ضيعة"، يقول نايف.

ويبدو كلام الشاب، في سياق حديث عصام، الذي يعمل بـ"المخابرات الجوية" التابعة للنظام، حين قال: "اعتدت المجيء إلى حاجز سليم، والسفر من هنا إلى دمشق كل أسبوع"،  ولدى سؤاله عما يدفعه لسائقي السيارات، لقاء سفره، يجيب: "لا أحد يأخذ مني".

ويوضح أبو حاتم السائق الأربعيني: "إذا أخذت منهم أجرة ينتقمون مني في المرات القادمة فكلهم مخابرات أو شبيحة"، أما راضي، فيصف الحواجز بنقاط تشليح وترهيب، مضيفاً: "هم وُجِدوا أساساً لتخويف الناس بقوة السلاح، كلهم من أصحاب السوابق والسمعة السيئة".

أحداث كثيرة مرت على تلك الحواجز، فالشيخ أبو مزيد، يقسم إنه سوف يأخذ بثأره من عناصر الحواجز يوماً، ولا ينسى كيف "أهانوه" لأن كنيته هي نفسها لأحد الإعلاميين المعارضين للنظام، وأجبروه على اصطحاب ثلاثة من العناصر إلى دمشق بسيارته.

أما مروان، فيقول: "فرضوا عليّ في سيارتي وأنا برفقة زوجتي اثنين من الأمن"، في إشارة، إلى ما فعله معه، عناصر الحواجز التابعة للنظام. حين أجبروه على نقل عناصر بسيارته إلى دمشق.

تعرفة طعام وتبغ!

لم يكتفِ عناصر حاجزي "سليم وحزم" شمال السويداء، بفرض معارفهم وزملائهم على السيارات المتجهة إلى دمشق، بل يتقاضون من العابرين أحياناً، تبغاً، خبزاً، خضاراً، وفواكه، لتسهيل مرورهم. 

أما حاجز المجيمر، غرب السويداء باتجاه درعا، فهو "متخصص" بفرض "الأتاوات"، نظراً لعدم وجود وجهة سفر باتجاه درعا، إلا الطريق الذي يتمركز فيه.

يقول نزار سائق أحد الشاحنات: "كنت ذاهباً إلى قريتي جنوب السويداء، أوقفني حاجز المجيمير، أعرف أنه يريد المال، عرضت عليه 500 ليرة، لكنه امتعض وقال "ألفية"، تعالت أصواتنا وحين عرف أنني من قرية قريبة اكتفى بالخمسمائة".

لكن السائق سمير، الذي ينقل الخضار والفواكه، يؤكد أن "هذا الحاجز معروف بحاجز الألف دون مناقشة".

للوقود نصيب أيضاً

تتنوع "الأتاوات"، والأشياء المفروضة على المسافرين، وخاصة عند حواجز "سليم" و"حزم" شمال السويداء، حيث يقومون بمصادرة كميات من الوقود ويبيعونها أيضاً.

يؤكد عبد، مهندس كهرباء، أنه اشترى 200 لتر مازوت من أحد الحواجز، مقابل خدمة قدمها لأحد عناصره، بخصوص فاتورة الكهرباء الخاصة بمنزله، مضيفاً: "عناصر الحاجز عرضوا علي المزيد".

ويقول عصام، أحد المواطنين: "أوقفني الحاجز لأن معي كالون بنزين سعة 20 لتراً، أحضرته لمولدة الكهرباء، والأنكى، اتهموني بالتهريب والاتجار بالوقود، ولم يطلق الحاجز سراحي إلا بعد أن أخذوا البنزين وثلاث علب دخان أجنبي".

أما شفيق، فيؤكد: "صادروا مني كالون مازوت سعة 25 لتراً ولم يشفع لي عملي في مؤسسة تابعة للنظام".

تحرش وأمن!

وجد بعض أفراد الحواجز تلك، في مرافقة بعض الفتيات، عملاً جديداً، على ما يبدو، وحدثت أكثر من مشاجرة بينهم بسبب الفتيات، استُخدم خلالها السلاح، كما يعمدون بمزاجية لإذلال الناس واستخدام الألفاظ الغليظة، ومضايقة الفتيات، كما يقول البعض. 

بحسب نسرين، وهي فتاة دمشقية تقيم في السويداء "الوقوف على الحواجز لا يخلو من تحرّش"، تضيف على ذمتها، أن ذلك يتم وفق الهوية الشخصية والمظهر الخارجي.

ويرى الناشط والأكاديمي معن، أن "عناصر الحواجز تلك كانوا قبل الثورة يعملون بالتهريب والسرقة وكلهم من أصحاب السوابق، ووجدوا في حالة الفلتان الأمني السائدة والزي العسكري، عاملاً يمنحهم السلطة ويعبر عن الولاء".

ويضيف أن تلك العوامل، أدت إلى "تعدد الأجهزة التابعة للنظام"، "لجان شعبية"، "كتائب البعث"، بالإضافة إلى "دفاع وطني" والأجهزة الأمنية، و"هي جميعها أسماء لمهمة واحدة، وهي ترهيب السوريين  وقتلهم ونهب أموالهم وأرزاقهم"، يقول معن.

يمكنكم الاستماع للبث المباشر عبر الضغط (هنا)


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق