ماذا يفعل "مكتب الحسبة" مع نساء دوما؟

ماذا يفعل "مكتب الحسبة" مع نساء دوما؟
تحقيقات | 09 نوفمبر 2015

انتهاكات جنسية، سلب للحقوق، استغلال، وقصص أخرى، تعيشها النساء في دوما، بغوطة دمشق الشرقية، فالكثيرات منهن، فقدن أزواجهن، وتغيرت ظروفهن بشكلٍ جذري، بالمدينة التي يسيطر عليها "جيش الإسلام". 

انتهاك جنسي!

أحرقت أم محمد نفسها، منذ ستة أشهر تقريباً، وتركت أبناءها الخمسة وحيدين، فيما يحمّل أقرباؤها مسؤلية انتحارها، لرجلٍ نافذٍ في "جيش الإسلام"، الذي يقوده زهران علوش.

ثائر، أحد سكان دوما، قال لروزنة: "الجميع في دوما سمع بقصة أم محمد، كانت امرأة بسيطة تحاول إعالة أولادها بعد مقتل زوجها، فاضطررت للعمل كخادمة في بيت ذاك الرجل النافذ، لم يمض إلا أسبوعان من عملها حين علمتُ من عائلتها أنها قتلت نفسها"، مضيفاً، أنها أحرقت نفسها، بعد تعرضها للتحرش الجنسي، من ذاك الرجل.

مخبرات وكاتبات تقارير!

يتناقل أهالي مدينة دوما فيما بينهم، أخباراً عن وجود "عواينية" وكتّاب تقارير، لصالح "جيش الإسلام"،  يرصدون المدنيين، ولا سيما الناشطين الإعلاميين، وهو ما ظهر مؤخراً، حين اتهم ناشطون، عناصر من ذاك الجيش، بملاحقة الناشطة الإعلامية "سمارة القوتلي"، في دوما.  

يُحسب هؤلاء الذين يتجسسون، على جماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، أو ما يعرف بـ"مكتب الحسبة"، هذا المكتب، بحسب الأهالي في دوما، يجنّد النساء لقضاء مهامه.

رائد صاحب أحد محال الألبسة النسائية في المدينة، وظّف فتاةً تبلغ من العمر 18 عاماً، لتعمل في محله نصف دوام، وبعد يومين، اكتشف أن هذه الفتاة، تعمل لمكتب الحسبة، وتنقل أخبار الناس إليه.

وبعدما عرف رائد، بتلك التفاصيل، يوضح لروزنة: "طردت الفتاة، لأتفاجأ باستدعائي شخصياً لمكتب الحسبة، وقعت على تعهد بتغيير واجهة المحل بحجة عرض الماليكان بطريقة غير محتشمة، ومنعوني من بيع فساتين الزفاف، بحجة التشبه بالغرب".

بائعات ومتسولات! 

نساء دوما، بعد أن كن معلمات ومربيات وسيدات منازل، باتت بعضهن، أرامل وبائعات جوالات ومخبرات، ويعملن في أي مهنة تتوافر أمامهن، لكي يعلن عائلاتهن، وثمة بعض المشاكل التي تواجههن.

أم شادي ذات الخامسة والأربعين عاماً، توفي زوجها في مجزرة الكيماوي عام 2013، ما اضطرها للعمل كبائعة جوالة، كي تعيل أولادها الثلاثة.

تخرج أم شادي من منزلها في أطراف دوما، منذ  أولى ساعات الفجر لتركب "الطنبر" متجهة إلى السوق الكبير وسط مدينة دوما كما تقول، وتضيف: "أنا آتي إلى هنا كل يوم كي أبيع بعضاً من المعمول والعجوة، فهذه الحلويات أقوم بتجهيزها وصناعتها في المنزل ليلاً لأبيعها هنا نهاراً، فأنا لدي ثلاثة أولاد ويجب أن أوفر لهم بعض النقود".

ولدى سؤالنا أم شادي حول تلقيها مساعدات مالية من "جيش الإسلام" أو المعارضة السورية، كونها زوجة "شهيد"، امتنعت عن الإجابة، ما يشير ربما، إلى أنها لا تحصل على شيء.

حذاء .. سبب اعتقالها لأكثر من شهر

في صبيحة أول أيام عيد الفطر الماضي، سرقت أم اسماعيل، حذاء طفل من الجامع، بعد تأدية صلاة العيد، ما أحدث بلبلة وقتها في دوما، جراء اعتقال تلك الامرأة.

وحول الواقعة، تقول أم شادي: "أم اسماعيل جارتي وهي والدة لثلاثة أولاد دون معيل، كانت دائماً ما تسأل المارة، ممن فرغوا من الصلاة، باستعطاف شديد بأن يساعدوها ولو بالقليل من النقود، اعتقلت المرأة بعدما تبين بالفعل سرقتها للحذاء و إعطائها إياه لولدها ذي الـ 14عاماً في أول أيام العيد".

اعتقلت أم اسماعيل لمدة شهر تقريباً، من قبل "جيش الإسلام" كما توضح أم شادي، التي تتساءل: "أيعقل أن تعتقل امرأة لأكثر من شهر بسبب سرقتها حذاء لتعطيه لابنها في صبيحة أولى أيام العيد، بينما ما يزال العديد من المرتشين والمفسدين الذين يمتصون دماء الناس باسم الثورة والدين، طلقاء أحرار؟!".

الجدير بالذكر أن دور المرأة في الغوطة الشرقية، لا يقتصر على إعالة الأطفال فحسب، ففي أيار وحزيران الفائت قامت مجموعة من نساء دوما بالتظاهر وسط المدينة، مطالبات "جيش الإسلام" بالإفراج عن أولادهن وأزواجهن من معتقلاته، ماعدا دورهن في المجالات الطبية والإعلامية، في ظل استمرار الحصار الخانق على الغوطة الشرقية، من قبل قوات النظام السوري.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق