صادرت جبهة النصرة أكثر من 12 منزلاً، في مدينة كفرنبل بريف إدلب، السيطرة حديثة، ولها أسبابها!
أصبحت عائلة "هيثم الدرويش" في كفرنبل، بلا منزل ولا سقف، فأبواب البيت، خُتمت بالشمع الأحمر، من قبل تنظيم "جبهة النصرة"، والسبب، أن هيثم يعمل في أحد فروع شعبة التجنيد، التابعة لجيش النظام السوري، في مدينة إدلب.
تقول زوجته: "سبق وانشق زوجي عن النظام، ولكنه عاد لوظيفته بطلب من ثوار كفرنبل الذين فسروا ذلك، بأنه من خلال وظيفته، سيساعد طلاب المدارس والجامعات بالحصول على تأجيلات للخدمة الإلزامية".
وفعلاً، عاد هيثم لوظيفته، مستغلاً إصدار عفو رئاسي عن المنشقين، ومدفوعاً بدعوة أهل منطقته له بالعودة وإعالة أسرته، المؤلفة من 7 أشخاص.
وبعد سيطرة "جيش الفتح"، على مدينة إدلب، في نيسان/ إبريل الماضي، اعتقل الرجل لمدة شهرين، في أحد سجون النصرة بمنطقة كنصفرة بجبل الزاوية، واليوم بات مكان وجوده مجهولاً.
"وكأن القلق على مصير زوجي ووالد أبنائي لم يكن كافياً حتى يأتي عناصر من الجبهة، ويأمروننا بمغادرة المنزل، الذي أصبح مصادراً من قبلهم"، تقول زوجة هيثم.
كم عدد البيوت المصادرة في كفرنبل؟
تقع مدينة كفرنبل، في ريف إدلب شمال غرب سوريا، وهي تابعة لمعرة النعمان، تخضع لسلطة جبهة النصرة منذ بداية العام الحالي، ومذاك الوقت، قوانين الجبهة التابعة لتنظيم القاعدة، وقراراتها، نافذة بالمكان.
من قرارات النصرة التي تبدو جائرة برأي البعض، مصادرة بيوت العاملين في مؤسسات النظام، كما جرى مع هيثم، وحتى الآن، أصبح أكثر من 12 منزلاً بالمدينة، تحت قبضتها.
أحد تلك المنازل، للمواطن ناظم الكبش، حيث تمت مصادرة بيته من قبل الجبهة، رغم أن المكان، يأوي عائلة مؤلفة من 8 أشخاص، والسبب، أن أحد أبنائه ما زال يخدم في جيش النظام السوري.
"ما ذنبنا نحن الأهل لتصادر بيوتنا؟، أبناؤنا لا يفعلون إلا ما يرغبون هم بفعله"، يقول ناظم، مضيفاً:" بعض أبنائنا انضموا إلى الجبهة دون موافقة أهلهم أو استشارتهم حتى، عدد منهم انضم للفصائل الثورية المقاتلة والبعض لداعش، وآخرون آثروا البقاء عند النظام، كل في اتجاه ونحن الأهل لا نملك من أمرنا شيئاً".
وخلال المهلة التي منحتها الجبهة، للعائلة، حتى تخلي المنزل، جاء خبر وفاة ابنها في جيش النظام، في ظل تشكيك بعض أهالي كفرنبل به، وتأكيد آخرين لصدقه، ولكن، رغم ذلك، لم تتراجع النصرة، عن مصادرة المنزل.
سماح مشروط ومؤقت!
ثمة بعض العائلات بقيت في بيوتها بكفرنبل، رغم أن أحد أفرادها يعمل في مؤسسات النظام، لكن ملكية المنزل، لم تعد لأصحابه الحقيقيين!
زهير الرحال، صاحب منزل آخر مصادر من قبل الجبهة، لايزال يخدم في جيش النظام بالعاصمة دمشق، أما عائلته بما فيها زوجته وأولاده وأبويه، يعيشون في كفرنبل.
مؤخراً، قامت الجبهة بإخراج العائلة من المنزل، وإغلاقه بالشمع الأحمر، وأمام توسلهم للجبهة، وتدخل الوساطات، سمحت لهم بالبقاء في بيتهم بشكل مؤقت، مع احتفاظ النصرة بملكيته.
وحول الأمر، يتساءل والد زهير:" هذا المنزل يضمُّنا نحن أهله وعائلته، ابني زهير ليس هو المستفيد من المنزل، طالما أنه في دمشق ولا يأتي إلى هنا أبداً، فما الداعي للانتقام من عائلته بدلاً من الانتقام منه؟".
رأي الأهالي؟
مدينة كفرنبل المعروفة بلافتاتها المؤيدة للثورة السورية، والناقدة لكل شيء دون خوف، كان لأهلها، آراء مختلفة حول قرار الجبهة بمصادرة بيوت العائلات، التي ما زال أحد أفرادها، يعمل بمؤسسات النظام، فانقسم البعض إلى مؤيد للقرار، وآخرين معارضين.
"ولاتزر وازرة وزر أخرى، هذا قول الله تعالى في الأمر"، يؤكد الشيخ عبد الله أحد أبناء كفرنبل، موضحاً:" وعليه يجب ألا تذهب أناس بجرائر أناس آخرين".
وبحسب رأيه، فعلى الجبهة أن تحاسب صاحب الشأن نفسه، بدلاً من محاسبة أهله، "فما ذنبهم هم ليشردوا وليطردوا من منازلهم؟"، يتساءل الشيخ.
أما أبو فارس، المقاتل في الجيش الحر، فله رأي مختلف، حيث يوضح:" لا ضير من قيام الجبهة بمصادرة منازلهم، ليعلموا أن باختيارهم البقاء مع نظام الأسد، حكموا على أنفسهم وعوائلهم بأن لا يبقى لهم موضع شبر في المناطق المحررة".
دوافع النصرة!
ماذا عن دوافع جبهة النصرة من هكذا قرارات؟ وما أهدافها؟ أسئلة أجوبتها على ألسنة مقاتلي الجبهة، وسلوكياتهم، وما يحملون من أفكار.
أبو جعفر، أحد مقاتلي الجبهة يؤكد:" بيوت أولئك الخونة من حق المجاهدين، الذين جاؤوا من جميع الأصقاع للوقوف مع الشعب السوري في محنته، والقتال معه ضد الظلم والتجبر".
ويحمل أبو جعفر، وزر قرارات الأفراد الذين ظلوا مع النظام، لأهلهم أيضاً، فهو يرى، أن "المجاهدين" أولى بالبيوت.
ويشرح :" هؤلاء المجاهدون يجب أن يكون لهم أماكن تؤويهم مع عوائلهم، أليسوا أولى ببيوت شبيحة النظام؟ الذين فضلوا البقاء مع النظام المجرم لمساعدته في قتل أهلهم وأبناء بلدهم، هؤلاء المجاهدون الذين تركوا بلادهم وأهلهم وسارعوا للجهاد في أرض الشام نصرة لأهلها".
ولم يكن قرار الجبهة بمصادرة البيوت، هو الأول لها في كفرنبل، وإنما اتخذت العديد من الإجراءات، ومنها حل المجلس المحلي، ثم إعادة تأهيله بعد شهر، بكوادر جديدة وأعضاء جدد، كما قامت أيضاً بحل الجهاز الأمني في كفرنبل، الخاص بعمل الشرطة، والذي لم يعاد تأهيله حتى الآن.