الأمم المتحدة تعترف بموادها الفاسدة في سوريا.. والصناعة المحلية أكبر الخاسرين

الأمم المتحدة تعترف بموادها الفاسدة في سوريا.. والصناعة المحلية أكبر الخاسرين
تحقيقات | 29 أكتوبر 2015

فيما تفتح الأسواق السورية، أمام المساعدات والصناعات الخارجية، في ظل الحرب، تبدو المخاطر كبيرة، على المنتج المحلي وصحة المواطنين!

الأمم المتحدة تعترف!

حتى المواد القادمة من الأمم المتحدة، لا تخلو من مخاطر صحية! وهو ما أكده بيان المنظمة، يوم الأحد، 25-10-2015، حيث اعترفت بإرسالها 320 صندوقاً من البسكويت المنتهي الصلاحية، إلى المحاصرين في مضايا، على الحدود السورية اللبنانية.

الصناديق التي أدخلتها الأمم المتحدة لمضايا يوم 18 من الشهر الجاري، ضمن مساعدات غذائية، تسببت بـ200 حالة مرضية بين المواطنين، فيما يطالب الناس هناك، بالسماح للطواقم الطبية، في الدخول لمعاينة المصابين، إلى مضايا المحاصرة منذ أربعة أشهر تقريباً، من قبل قوات النظام السوري.

وليست هذه الحادثة، هي الأولى من نوعها، ففي 23 حزيران الماضي، وزّع "برنامج الغذاء العالمي"، مسحوق الزبدة والفستق في جنوب دمشق (حوش بلاس والقدم)، مسحوق عادة ما يوصف لحالات سوء التغذية، إلا أنه وبعد يومين، تم سحب العبوات، حيث تبين بأنها أصبحت غير صالحة للاستهلاك البشري، بسبب سوء الشحن من الأردن، بحسب الطبيب علاء، وهو متطوع مع المنظمة المذكورة.

ما هي المخاطر؟

هنا يبرز السؤال، لماذا لا تعتمد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية على الصناعة المحلية السورية؟ فهذه الصناعة، تعيش في حقل ألغام على ما يبدو!.

استطلعت "روزنة"، آراء عدد من الصناعيين السوريين في دمشق، الذين شكوا تضرر الصناعات السورية، نتيجة دخول "المساعدات الدولية القادمة من خارج الحدود"، واعتماد السوق المحلية عليها، بدلاً من اعتماد المنظمات على صناعات البلد!.

الصناعي سليم الدبس، أكد لروزنة، أن وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة لحكومة النظام، رفضت عروض الشركات الغذائية المحلية، مقابل عروض خارجية من دول الجوار أيضاً.

وأضاف: "هناك جملة أسباب وراء هذا الموضوع، تستطيع الوزارة من خلال لجان المشتريات الخاصة بها شراء بضائع قاربت على انتهاء صلاحية استعمالها، كما أن هوامش الربح بالقطع الأجنبي تبقى أكبر بكثير من العملة المحلية".

وبحسب الدبس، تبقى نسبة كشف الفساد في شراء مواد من شركات خارجية، أقل بكثير، من التعامل مع شركات محلية، الذي يفرض إرضاء، الجمارك، ولجنة حماية المستهلك، وجهات أمنية تابعة للنظام.

بلا جمارك ولا رقيب!

لا يقف الأمر على الحصار المفروض من النظام نحو مناطق معينة، بل الحرب الدائرة في سوريا، أفرزت تجاراً، تصل أياديهم إلى المعونات القادمة من المنظمات الدولية، وغيرها، وهذا التدخل، له أضرار عديدة!

"تضررت صناعتنا المحلية، خاصة صناعة المعكرونة، والمعلبات، والزيوت، والمنظفات"، يقول أحد الصناعيين السوريين لروزنة، مضيفاً أن أولئك التجار، يعملون على تجميع بيانات شخصية لعوائل خارج البلد منذ 3 سنوات، ويتم استلام المعونات من المنظمات، على تلك البيانات.

وللمنتجات القادمة من الخارج، مخاطر، يتحدث عنها الصناعي أبو عامر: "تلك المنتجات تدخل بلا جمارك، وبدون مطابقة للمواصفات السورية، وتنافس المنتجات المحلية من الناحية السعرية، حيث أضحت نسبة كبيرة منها تباع بالأسواق، عبر السماسرة ذاتهم" في إشارة إلى طبقة التجار التي ظهرت في ظل الحرب.

صناعة الكونسرة أكبر المتضررين

تتضمن لائحة السلع، التي يمكن استجراراها من قبل المنظمات الدولية، كافة أنواع الكونسروة، والمعلبات، والأدوات المنزلية، والمنظفات بكافة أنواعها.

أحد أكثر الصناعات، التي تضررت من المساعدات الغذائية، كانت الكونسروة، ومن هنا، يشير الصناعي محمد طارق في حديث لروزنة، إلى توقف العديد من المعامل السورية، عن تصنيع هذه  المنتجات، بسبب المنافسة غير العادلة، بحسب وصفه، وخاصة مادة الفول والحمص بالطحينة.

ويتابع: "تدخل كميات هائلة من تلك المنتجات، عبر المساعدات، ويتم المتاجرة بها في الأسواق، وهي ذات نوعية غير مطابقة للمواصفات السورية لمادة الفول".

وبحسب طارق، هذا يرفع  سعر المنتج المحلي، لأن جودته أعلى، موضحاً: "للأسف فهذه المنتجات تباع على الأرصفة وبنصف الكلفة بسبب الكميات الكبيرة المطروحة، هذا الأمر ينبغي معالجته، والتعاقد مع الشركات السورية المصنعة لهذه المواد، أمر ضروري، لاستمرار عمل هذه المعامل".

منظفات رديئة مستوردة!

لا يقف الأمر على المواد الغذائية، هنا، يؤكد أحد تجار سوق شارع الثورة بدمشق، أن المنظفات التي يتم توزيعها في سوريا، هي من صنع الشركات الأردنية، واللبنانية، ولا ترقى لمستوى الصناعة السورية.

ويضيف: "تم عقد اجتماع في وزارة الاقتصاد، وبحضور منتجين سوريين وممثلين عن هيئة تخطيط الدولة، وبرنامج الغذاء العالمي، لمناقشة وتحديد المواد التي يمكن لمنظمات الإغاثة استجرارها من سورية، دون التأثير السلبي على تواجدها، أو أسعارها في الأسواق، على أن تتولى وزارة الخارجية مخاطبة المنظمات الدولية بهذا الموضوع".

ويبدو حتى اللحظة، أن الاجتماع، لم تخرج عنه أي توصيات أو خطوات عملية، تساعد في إنقاذ الصناعة المحلية.

لا أرقام حول حجم المعونات الموزعة

لا توجد أرقام حول حجم المعونات الغذائية السنوية، التي تقدم من قبل برنامج الغذاء العالمي، ليتم توزيعها على الأسر المتضررة في سوريا، والتي بدأت توزع على نطاق ضيق في 2011، لتتوسع بشكل كبير في الأعوام التالية، وتشمل مئات آلاف الأسر، في معظم المحافظات السورية.

معايير الأمم المتحدة لإستيراد مواد المعونات

يوجد عدد من المعايير المتبعة لدى هيئات الأمم المتحدة، في عملية الشراء، ومنها، التصنيف التنموي للبلد المتلقي للمساعدة.

ويطلب برنامج الغذاء العالمي، توفر عوامل لنوعية وجودة الغذاء، كالسلامة، القيمة الغذائية، والخصائص الحسية، والمواصفات الوطنية لكل دولة، وتوافر إدارة جودة للمنتجات المستجرة من قبل البرنامج، أي أن يكون الاستجرار من منتجين خضعوا لتدقيق متطلبات الجودة.

وهنالك توجه وقائي لدى البرنامج، وهو حماية المنتج من المخاطر، كمنع حالات عدم التوافق مع المواصفات الوطنية، أو الخصائص الفنية المطلوبة، والتلوث، والتخزين، إضافة إلى مخاطر تتعلق بحماية الاقتصاد الوطني للبلد المتلقي لمساعدات، بأن لا تؤثر، على السوق المحلية.

يمكنكم الاستماع للبث المباشر عبر الضغط (هنا)


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق