بقنبلة تحصل على البنزين من كازيات وادي النصارى!

بقنبلة تحصل على البنزين من كازيات وادي النصارى!
تحقيقات | 23 أكتوبر 2015

"الانتظار يفوق السبع ساعات أحياناً، إن كنت مضطراً، ستنتظر دورك بصمت، دون أن تنسى أن هناك خيار وفقوس في الكازية أيضاً"، يقول أدمون، سائق تكسي في وادي النصارى، واصفاً يوماً يتكرر معه، كلما امتلأت كازيات الوادي، بمادة البنزين.

الحديث الأكثر تردداً كل أسبوع أو عشرة أيام، أن "هناك بنزين في كازية عناز أو الناصرة أو الحواش.. روح لحّق حالك"، ليبدو جلياً لكل ناظرٍ، أن ثلاث محطات وقود قيد العمل، غير كافية لسد حاجات المنطقة، التي تضاعف عدد سكانها إلى أكثر من النصف، بعد نزوح الكثيرين إليها، من مناطق سورية أخرى.

عن الالتزام بالدور

قد تظن أنك على وشك ملئ سيارتك بالبنزين، وأن الفرج قريب، فجأة ترى سيارة، "يمون" سائقها على صاحب الكازية، أو أخرى بزجاج فيمي تقطع عليك الطريق وتأخذ دورك، وقد يخرج أحدهم مطلقاً مشط رصاص وصائحاً بالجميع "افتحوا طريق عنا مهمة"، الأمر الذي يثير سخط وسخرية البعض لهذه الدعابة، كما أدمون الذي يعلق ساخراً" أيا مهمة في هذه المنطقة الآمنة!!".

وعن الالتزام بالدور والمحسوبيات التي أزعجت جميع طالبي البنزين، يقول أحد العاملين بكازية الحواش: "الأمر ليس بيدنا أحياناً، قام رجل الأسبوع الماضي بسحب مسمار الأمان عن قنبلة يدوية مهدداً بتفجير الكازية برمتها، إن لم نقم بتعبئة البنزين له على الفور، الأمر الذي أحدث فوضى وأثار الرعب بين المنتظرين".

"مو عاجبك روح عبي حر"!

أحد المواقف التي قد تحدث أثناء تعبئة البزين، يرويها ادمون بلهجة عامية "إذا طلع حسابك مثلاً 3700 ليرة بياخدوا 4000 ليرة، وما بيردولك الباقي، وإذا طالبتون، بيقلولك ما بتشكر ربك لسا عم تعبي بنزين، روح اشتري حر إذا مو عاجبك".

وعلى هذا النحو، قد تغضب وتخرج عن طابور الانتظار الطويل، وتعود أدراجك، مفضلاً شراء البنزين الحر على أن تعاني الذل في تلك المحطات، ذل من أقسى حالاته، إذا حان دورك بعد انتظار لساعات، ثم قالوا لك توقفنا عن بيع البنزين!

البنزين الحر

يصل سعر ليتر البنزين في محطات الوقود، عندما يكون متوفراً، إلى 160 ليرة، في حين يتأرجح الحر المتوافر طوال الوقت حسب الطلب والتواجد، بين 300 والـ400 ليرة للتر.

من أين يأتي البنزين الحر؟، "بالطبع من كازيات الوادي"، يجيب جميل صاحب دكان سمانة، وقام في وقت سابق ببيع البنزين الحر.

يبدو الرجل على دراية وافية بالآلية التي يتبعها بياعو البنزين الحر، وحول ذلك يوضح: "يقوم أصحاب الكازيات وتجار البنزين الحر، بالاتفاق على بيعهم نصف ما يصلهم من بنزين تقريباً، الأمر الذي يفسر توقف الكازيات عن البيع لأرتال السيارات المنتظرة، بعدها يقوم أصحاب الكازيات في الليل ببيع البنزين للوكيل، بأسعار أغلى بحدود المئة ليرة للتر الواحد".

ويضيف، "ثم يقوم الأخير، أي الوكيل، بزيادة سعر البنزين، حسب الطلب وحسب تواجد البنزين في المنطقة، فكلما طالت فترة انقطاع البنزين من الوادي، كلما ازداد سعر البنزين الحر".

وبحسب جميل، فإن بعض تجار الحر يحصلون على بنزين بالسعر العادي "160 ليرة"، بعد شرائه من كازيات على اوتوستراد حمص طرطوس، ويبيعونه بسعر مرتفع، مما يضاعف أرباحهم، ويختم حديثه:" الأمر دفع بكثيرين، إلى امتطاء هذه التجارة الرائجة".

هل من محاسب؟

يستغرب البعض أن كل هذه الأمور تحدث، في كازية الحواش أو كازية الناصرة، على مقربة من مقري الناحية في كلا البلدتين.

أين القانون وأين النظام من ذلك؟. يقول ادمون بالعامية: "بدك تروح تشتكي روح اشتكي مارح يطلع من أمرك شي، مزبطين مدير الناحية ومزبطين كلشي".

"لما كل هذه الفوضى؟"، يرد عامل في كازية الناصرة بصوت خافت، وأثناء تواجد مدير الناحية وعناصر من الشرطة في المكان، بحجة ضمان نظام الدور وأمن الكازية، ويتساءل "شو بدي اعمل يعني.. فلان ابن زميل مدير الناحية، فلان أخو شرطي في الناحية، فلان ابن إحمى أخو هذا الشرطي، فلان.. وفلان".

وعلى هذا المنوال، تُغزلُ الأحوال في كازيات وادي النصارى، مِنن على صاحب كازية من هنا، مشط رصاص وقنبلة من هناك، محسوبيات مدير الناحية وعناصره، كلها مسالك باتت مطمح لدى الساكن بالوادي، في ظل أزمته مع البنزين.

يمكنكم الاستماع للبث المباشر عبر الضغط (هنا)


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق