لا جديد في سوريا.. سوى موت وأكثر

لا جديد في سوريا.. سوى موت وأكثر
القصص | 13 أكتوبر 2015

انطلق من بحر قزوين، عبر بلداناً و بحاراً بأسرها، لم يجد له مكاناً ليستقر فيه، سوى تلك الأرض المخصصة لتجارب الموت والقتل. صاروخ روسي ليس إلاّ ذاك الذي بدأ يرسم شكلاً جديداً للموت في سوريا.

لا جديد في سوريا سوى الموت. هو وحده الذي يختبره السوريون بتجدده و إبداعه يوما بعد يوم. فمنذ أول رصاصة انطلقت من يد سوري واستقرت في جسد سوري آخر، كان الموت حاضراً بقوة وبراعة وحداثة لا توصف. لا جديد في الصحف والوكالات العالمية سوى خبر غرق وخنق وذبح وتفجير حفنة من السوريين في بحر إيجة وفي الرقة وفي سوق شعبي بدوما.

تطالع الصحف والقنوات الإخبارية ، تملّ من قدرتها المتواصلة على ترويج الموت بطرق أكثر عصرية. كيف لها القدرة على جعلك تفتتن لمزيد من صور الموت والدمار. فمنذ أربع سنوات و نصف، سوريا تملأ الدنيا وتشغل الناس. لم يعد هناك من حديث أو اشتغال سوى بسوريا والسوريين. الكلّ يحاول أن يجرب. يضع إصبعه الوسطى ضمن " الطبخة " علّها تستوي قليلاً أكثر قبل هذا الاحتراق.

الآن هناك موضة جديدة للحديث و التفسير.. إنهم الروس. يفجرون قنبلة الموسم في هذا الفيلم السوري الطويل. وتبدأ الحكاية من جديد: مقالات .. صور .. تحليلات .. تأويلات .. و كالات عالمية ووكالات الموضة ونشرات الأخبار الجوية حتى، جلّ ما فيها طائرات بويتن والروس تقصف من جديد لترسم فنّاً أخر من الموت غير ذاك الذي خبره منذ بضعة أيام يافع في الرقة ذبح على أيدي عناصر تنظيم "داعش" جزاءً له على إشعال السجائر. ماذا يريد الروس من سوريا؟ ما الذي سينجم عن هذا التدخل المباشر والغير مسبوق؟، تبدو أسئلة بلا طائل. هل حقاً يحتاج الإنسان المحاصر في الرستن لمعرفة الفرق بين الموت من جراء برميلٍ تلقيه طائرة للأسد أو ذاك الذي تلقيه مقاتلة روسية!

لا جديد في سوريا منذ أربع سنوات ونصف، سوى الموت الذي يأخذ أشكالاً وأرقام مختلفة. لا جديد سوى القتل والاعتقال و الدمار، لا جديد سوى أنّه في كل ساعة، منذ عام 2011، تنزح 50 عائلة سورية من بيتها لتنام في العراء. لا جديد سوى أن أكثر من 5 مليون طفل قد كبر في المدن والقرى السورية وهو لا يعرف شيئاً آخر سوى الحرب والموت المتجدد بالبراميل وغيره. لا جديد سوى أنّ أكثر من نصف سكان سوريا يعيشون الآن بدولار واحد يومياً، في شكل هو أقرب للموت منه للحياة. ولا جديد سوى ان متوسط عمر الإنسان السوري قد انخفض إلى النصف عن الحد الطبيعي في دول الجوار.

لاجديد في سوريا سوى أن الطلائع المقاتلة لقبائل الأمازون لم ترسل عناصرها إلى حقل التجارب هذا، وجرى الاكتفاء بالأشقاء العرب لإرسال أبنائهم السايكوباتيين من توانسة وسعوديين وعراقيين وغيرهم، ليحلوا أزماتهم الطائفية بين شيعة وسنة هنا.

أربع سنوات و نصف و الكلّ يدعي قدرته على إيجاد حلّ لـ" الأزمة السورية ".. أجل سوريا أصبحت أزمة ليس للجوار وحده بل للعالم بأسره. لكن كلّما حاولوا أكثر، كلّما تعقدت خيوط الأزمة أكثر. ألم يحين الآن الوقت لكي يفهم الجميع أن المطلوب عمله في سوريا هو آلا يعملوا على الإطلاق!

لا يحتاج السوريون إلى روس أو أفغانٍ أو أمريكان أو أتراك أو حتى عرب ليجربوا الموت وأشكاله، ما يحتاجونه هو الخروج من أرضهم علّهم يعودون إلى الموت العادي الذي خبروه بأيديهم فهو أجدى نفعاً من تجارب الموت المتجددة كل يوم.

فلتخرجوا من أرضنا دعونا نحلّ " أزمتنا " بأيدينا نحن، فالموت بطريقة نعرفها أفضل من تلك التي نتعرف إليها.

*مقالات الرأي تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "روزنة".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق