الإخوان المسلمون.. جماعة طائفية أم سياسية؟

الإخوان المسلمون.. جماعة طائفية أم سياسية؟
القصص | 09 أكتوبر 2015

مقالات الرأي | رفض كافة المؤيدون للثورة السورية التدخل الروسي الكثيف مؤخراً، وسموه احتلالاً روسياً. الجماعات المتطرفة اعتبرته كذلك ولكنها أرفقت ذلك بإعلان الجهاد ضده، وهناك رجال دين أعلنوا الجهاد. وإذا كان من المفهوم أن تعتبره قوى طائفية وجهادية ودينية جهاداً، فإنه لأمر مستغرب من قوّةٍ سياسيةٍ، أي تنتمي لحقل السياسة الحديثة أن  تعتبره جهاداً بدورها أيضا؛ وهذا ينقلها إلى جماعة طائفية بإمتياز. 

الأخوان المسلمون حاولوا هم وأنصارهم من ليبراليي إعلان دمشق، ومن مؤيديهم تبرئة صورتهم أمام السوريين وأمام العالم واعتبار حرب الثمانينيات التي خاضوها من أفعال الطليعة المقاتلة ولا علاقة لهم فيها، وأنهم ساعون إلى دولة "مدنية تشاركية تداولية" أو إلى دولة" إسلامية عبر صناديق الاقتراع". من يقرأ هدفهم هذا يتوهم أن قضايا الدين مجرد مرجعية ثقافية والإيمان قضية شخصية، وبذلك يكون الإخوان فعلاً يريدون دولة تشاركية. وهناك من يتوهم أنهم أجروا مراجعات لتاريخهم وأصبحوا ليبراليين. 

إن استخدام الجهاد يتطلب فتوى إمام أو أمير إن تعذر، ويتطلب إبعاد المرأة، وكذلك بقية فئات الشعب، وبيان الإخوان الأخير حول الجهاد وطلبه من بقية فئات الشعب الاشتراك معهم بالحرب ضد روسيا يصبح لغواً لا معنى له، عدا أنه ينهي كل الكلام عن ديمقراطيتهم ويصبحون بذلك مأمورين لأميرٍ أو إمامٍ. يظهر بيان الفتوى كذلك العقليّة الحقيقيّة للإخوان، أي أنهم جماعة طائفيّة تُسخر الدين، وتتلاعب فيه وفقاً لمصالحها، وهو يتضمن تمييزاً دينياً بين فئات الشعب ليس على أساس الطوائف غير الإسلامية من الإسلامية بل بين من مع الأخوان وطبعاً مع بقية الجهاديين وبين بقية الشعب من مسلمين وسواهم ويرفضون التطييف واستخدام الجهاد كشكلٍ تحفيزي للنضال ضد الاحتلال.

من الصعب لفهم عقلية الإخوان تجاهل سياستهم منذ إعلان دمشق 2005، ومحاولاتهم الدؤوبة لتسيّد المشهد السياسي السوري، فقد تحالفوا مع صانعي الإعلان، ثم ابتعدوا عنهم وتحالفوا مع عبد الحليم خدام، وما أدراكم بطامر النفايات النووية في سورية، ثم أوقفوا نضالهم العظيم، ولا احد يعلم ماهيته حينها طبعاً ضد النظام حينما دعم الأخير ولو كلامياً غزة ضد العدوان الإسرائيلي عليها عام 2008، طبعاً الإخوان حينها خضعوا لأردوغان لأنه كان يجري وساطة بينهم وبين النظام لتجاوز حقبة الثمانينات والتمثيل السياسي، وهذا كان ضد أهداف المعارضة حينها.

 الأخوان وبمجرد بدء الثورة أعادوا تفعيل دورهم، واستثمروا أموالهم القديمة من الدول التي دعمتهم حين حاربوا النظام السوري الشمولي في ثمانينات القرن الماضي. استثمروا الأموال لتشكيل جمهور لهم وكتائب مسلحة ومنظمات إغاثة وكلها كانت تقدم باسم الإخوان. وبالشق السياسي لعبوا بالمجلس الوطني ولاحقاً بالائتلاف الوطني، وكان مسعاهم دائماً الوصول إلى السلطة. وإذا يعتبر ذلك حق من حقوق أي قوة سياسية، فإن استخدام الدين وتسخيره لقضايا الجهاد ينزع عنهم صفة السياسة بمعناها الحديث ولنقل يشوهون السياسة من أجل غاياتهم التسلطية والشمولية.

لعب الإخوان أسوأ الأدوار في الثورة السورية، وهم ليسوا منها أبداً. هم من دَعم كل الاتجاهات نحو الأسلمة والعسكرة، والتدخل الخارجي ونحو التخلص من الجيش الحر، وهدفه الأساسي في حماية المتظاهرين السلميين، وكانت لتلك الاتجاهات إضافة لمحاولات النظام دفع الثورة نحوها، دوراً كبيراً في تشويه الثورة، وخلق الجهادية وعدم وجود أية رؤية عسكرية للثورة وخضوعها لأهداف الثورة، والأنكى خلق وهم كبير أن التدخل قادم، وها هو يأتي ولكن ليس لمحاربة النظام بل إعادة تأهيل النظام باسم الحرب على داعش، والكلام هنا يخص التحالف الدولي ضد داعش، وليس الاحتلال الروسي الأخير فقط، والذي أيضاً أتى ولنفس الهدف؟!. 

إعلان الجهاد، هو أيضاً إمعان في تشويه الثورة، ونقلها إلى ثورة طائفية بامتياز، والبيان المذكور لا ينسى توجيه الدعوة بالمؤازرة إلى كافة الدول الإسلامية والمسلمون للوقوف ضد هذا الاحتلال. إذاً هي ليست ثورة شعبية ولا يشارك فيها سوى الإسلاميون، وأما بقية الشعب بما فيهم السنة فعليهم أن يدعموا أخوتهم الإسلاميون في رد الاحتلال.

النظام ضعيف للغاية والروس لن يتمكنوا من إعادة تأهيله، وسيدمرون الكثير الكثير مما لم يدمر وسيقتلون الكثير، وهذا ما يعرفه الإخوان، ولكنهم يريدون بدعوتهم تلك التقرب من الشعب أكثر فأكثر، ليخطفوا أي نصر قادم، أو ليكون لهم دوراً كبيراً في عملية التفاوض اللاحقة.

الإخوان ومما عرضناه أعلاهم، لا يختلفون عن بقية فروع الأخوان العالمية، وهم لا يتحدثون عن الدولة المدنية والتشاركية إلا للفوز بالسلطة وأخونة الدولة، وبذلك يخربون مفاهيم دولة المواطنة، دولة العلمانية، حيث يتم تحييد كافة الأديان واحترامها ورفض كل محاولة لتسخيرها في شؤون السياسة والتعليم.

السوريون خرجوا بثورتهم دون إعلان الجهاد، ولم تتشوّه ثورتهم إلا حينما دخلها الإخوان أولاً ولاحقاً جماعات الجهاد ومرتزقة الجهاد العالميين والدعوات للتدخل الخارجي. الآن يحتاج السوريون إلى رؤية ترفض كل أشكال الاحتلال وكل جماعات الجهاد والإخوان كي تنتصر ثورتهم على النظام.

*مقالات الرأي تعبّر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعبر عن رأي "روزنة".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق