محتجزو العثمانية.. ما الذي ينتظرهم؟

محتجزو العثمانية.. ما الذي ينتظرهم؟
تحقيقات | 21 سبتمبر 2015

احتجزت الشرطة التركية، خلال الأسبوع الماضي، عدداً من السوريين من مناطق تركية مختلفة، في مدن اسطنبول وأزمير وأدرنة، خلال فترة اعتصام "عابرون لا أكثر" الذي دعا إليه ناشطون للضغط على الحكومة التركية والمجتمع الدولي لتسهيل عبور اللاجئين إلى أوروبا، ونقلتهم إلى مدينة أضنة، ومن ثم إلى معسكر في منطقة العثمانية القريبة من الحدود السورية.

مجموعة من السوريين المقيمين في تلك المدن، بعضهم كان متوجها للمشاركة في الاعتصام، والبعض الآخر احتجز لمجرد مروره في الشارع. يقول أبو محمد المحتجز داخل المعسكر: "كنت ذاهباً لزيارة ابنتي المريضة في أحد مشافي اسطنبول، فأوقفتني الشرطة التركية أنا وقريبي بعد أن سألتني عن جنسيتي، وعندما عرفوا أنني سوري، استدعوا سيارة على الفور وأخذونا إلى المخفر، ورغم أني أخبرتهم بوجود ابنتي في المستشفى ورجوتهم إطلاق سراحي كي أذهب لرؤيتها، لكنهم أصرّوا على نقلي مع مجموعة من السوريين إلى مدينة أضنة، ومن ثم إلى معسكر العثمانية الذي أوجد فيه الآن".

بعد التحقيق معهم لم يكن في يد الشرطة التركية أي دليل يدين المحتجزين، أو مؤشر لتورطهم في أي تحرك، حتى أن معظمهم يقيمون في تركيا بطريقة شرعية، ويحملون بطاقات التعريف الصادرة عن الحكومة التركية، ولم يتوقعوا أن يصل التشديد التركي على الاعتصام هذا الحد، ظانّين أنه اعتصام مرخّص من قبل السلطات التركية.

تقول سيدة محتجزة في المعسكر مع أطفالها الأربعة: "أحمل جواز سفر نظامي وعليه ختم دخول رسمي إلى تركي وأحمل بطاقة التعريف الصادرة عن الحكومة التركية (كيمليك) أنا وأطفالي، ومع ذلك اصرّت الشرطة على أخذي إلى المخفر، ومن هناك بدأت رحلتنا الطويلة حتى وصلنا إلى هذا السجن". تتابع السيدة: "لم نكن نعلم أن الموضوع خطير بالنسبة للأتراك، ولو كنا ندرك خطورة الموضوع لما توجهنا يومها للمشاركة في الاعتصام، ولكننا بكل الأحول احتُجزنا في مكان بعيد عن نقطة التظاهر، فكيف للشرطة أن تعرف نيتنا بالذهاب إليها؟".

اتهم المحتجزون الشرطة بإساءة معاملتهم، والإعتداء عليهم بالضرب في كل مرة كانوا يحاولون فيها التوجه بأي سؤال، دون مراعاة وجود الأطفال أو الظروف الخاصة لبعضهم.

كما يقول مصطفى الذي اعتدت الشرطة على والدته أكثر من مرة: "والدتي مسنّة وتعاني من ارتفاع في الضغط ونوبات ربو، في طريقنا إلى هنا حاولت النزول من الباص أثناء فترة الاستراحة، بسبب ضيق في التنفس فاعتدى عليها رجال الشرطة بالضرب، ولما تدخلت لمنعهم من ذلك ضربوني بالهروانات، وتكرر نفس الموقف عند وصولنا إلى هنا، فدفعت الشرطة والدتي أثناء توجهنا لتسجيل بياناتنا، وعندما طلبت منهم التعامل معها بهدوء، حملوني وأخرجوني من المبنى".

معسكر العثمانية الذي احتجزت فيه المجموعة ما هو إلا سرية لتأديب المخالفين، ومكان لتوقيف المتهمين بقضايا جنائية حسب ما روت والدة الأطفال الأربعة، والتي تخوفت من وجود أطفالها بين موقوفين بقضايا مسلكية مختلفة، واستغربت هذا الإهمال من قبل الشرطة، والذي تسبب في وفاة أحد الموجودين في المعسكر ليلة وصولهم إليه.

تقول السيدة: "فوجئنا لدى وصولنا بخبر وفاة شاب ثلاثيني، يعاني بعض الاضطرابات النفسية. كان قد أضرب عن الطعام قبل مجيئنا، واكشتفت وفاته حين وصلنا إلى المعسكر".

خُيّر المحتجزون بين البقاء في المعسكر، أو الدخول للأراضي السورية، مع منع عودتهم إلى تركيا لمدة ثلاثة سنوات، رغم أنهم يقيمون في تركيا مع عائلاتهم، ولا يستطيعون العودة إلى قراهم التي تسيطر عليها بعض الفصائل المتشددة. يقول مصطفى " ليس لدي أي قريب داخل سوريا، فأهلي كلهم هنا في تركيا، فإلى أين سأذهب إذا تم ترحيلي، وما هو الذنب الذي ارتكبناه كي نرحل من تركيا كالمجرمين. فقط لأننا سوريون تتم معاملتنا بهذه الطريقة".

وأطلق ناشطون حملة جديدة على صفحات التواصل الاجتماعي، بعنوان "مهجرون لا مجرومون"، مستخدمين الوسم الرقمي (هاشتاغ) لعنوان الحملة باللغتين العربية والانكليزية، إلى جانب رسائل قصيرة على هواتف الكثير من الشخصيات السورية في مواقع المسؤولية، للتحرك باتجاه حل أزمة المحتجزين في المخيم، ومن بينهم بعض المهاجرين الذي اعتقلوا  على الشواطئ التركية بعد أن تم إغراق قاربهم من قبل خفر السواحل التركية، ما أدى إلى غرق عدد منهم، حسب أخبار ترددت قبل أيام.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق