"سلمنا أنفسنا إلى المجهول، لا نعلم أية تفاصيل عن خط سير الرحلة... يمنع علينا تشغيل الهاتف، كي لا يتم تحديد موقعنا من قبل خفر السواحل عبر جي بي إس GPS".
استمع لقصة محمد كاملة من هنا
رحلة الموت
التقت روزنة بمحمد، عند وصوله إلى نقطة انطلاق "البلمات" أو القوارب المطاطية، في مدينة أزمير التركية، التي تعد قِبلة بلاد الأحلام "أوروبا"، وخاصة السوريين.
ركب الشاب ومجموعة سوريين آخرين، في "البلم"، انطلقوا من شاطئ بحري، قرب سواحل أزمير التركية، بعد منتصف ليلة يوم الخميس الماضي، واستمرت روزنة، بالتواصل معه.
"الخوف والتوتر والقلق هو من الفشل وليس من الغرق، الرعب سيد الموقف، والدعاء هو السبيل الوحيد الذي يجعل قلوبنا هادئة ومطمئنة بعض الشيء"، يقول محمد الحموي، واصفاً أولى لحظات رحلته، نحو أوروبا.
"أنا الآن في البلم، الناس متوترة، ولم نستطع تحديد موقع الجزيرة التي نود الإتجاه إليها، إلى أن ساعدنا أحد الشباب ممن يملكون جهاز جي بي إس GPS على متن البلم"، يؤكد الشاب، مضيفاً: "قطعنا المياه الإقليمية ونحن قريبون من جزيرة كيوس اليونانية".
يقول محمد لروزنة شارحاً : "يُمنع علينا استخدام الجوالات منعاً باتاً... سيتم توبيخنا من قبل المهرب إن كشف أمرنا، هذه هي أصعب مرحلة سنمر بها جميعاً، لأننا سلمنا أمرنا للمهرب، دون معرفة ما يمكن أن يحصل لنا".
وبحسب الحموي، اطمأن الناس، عندما شاهدوا خفر السواحل اليوناني، الذي كان تعامله جيداً معهم هذه المرة، ورمى لهم بعض المياه، ووجه سائق المركب، للوصول إلى الشاطئ بأمان.
وصل محمد إلى العاصمة اليونانية أثينا يوم السبت، ومن هنا بدأت قصة هجرة جديدة مكللة بالمصاعب، لكنها حسب رأي العديد، رحلة تستحق المغامرة، كونها ستفتح أمام الكثير من السوريين أبواباً جديدة من الأمل، والمستقبل الأفضل.
أسباب الهجرة
"ما دفعني للمر؛ إلا الأمر منه"، يصف الشاب السوري حاله، حيث خاض رحلة طويلة من حماة إلى الأراضي التركية، دفع خلالها نحو 150 ألف ليرة سورية.
خرج محمد من مدينة حماة، وسط سوريا، بعد تخلفه أربع سنوات عن الالتحاق بجيش النظام السوري، ولم يستطع الحصول على درجة الماجستير، في اختصاص رياض الأطفال.
يقول محمد "أعلم تماماً بأني أجازف بحياتي وقد أموت في أي لحظة، فشلت محاولتي الأولى بالوصول إلى اليونان، حيث تعرض لنا خفر السواحل اليوناني، وأخذ البنزين الموجود معنا وتركنا في عرض البحر، وعندما حاولت التحدث مع أحد العناصر باللغة الإنكليزية أجابني: (لا أطفال لا سوريين – no baby no Syrians)، بإشارة منه الى عدم ترحيبهم بمهاجرين جدد".
ويؤكد الحموي، أنه لا يرغب بالرفاهية، بل بتعلم لغة جديدة، واكتساب مهارات، ويريد تعديل شهادته واتمام دراسته، للعودة بعد ذلك إلى تركيا أو سوريا، ليساعد أبناء بلده، حسب قوله.