فيس بوك: كراجات المشنططين للاجئين السوريين

فيس بوك: كراجات المشنططين للاجئين السوريين
تحقيقات | 08 سبتمبر 2015

"يا جماعة اخوتي اثنين طلعوا مبارح من ازمير بالبلم وما في خبر عنهم"، جملة كتبتها فتاة سورية، في مجموعة "كراجات المشنططين"، على موقع فيسبوك والتي تخص السوريين.

أرفقت هذه الجملة مع صورة لشاب يبدو في العشرين، يحمل طفلة في الرابعة تقريباً، علَّ أحد أعضاء المجموعة يتعرف على أخوة المستنجدة، لكن أحداً لم يطمئن قلبها.

تبدو المجموعة "مشنططة" كما اسمها، لا يعرف لها طابع أو توجه محدد، (أدعية وصلاة على نية التيسير، فلان يستفسر عن الوصول بالبواخر المؤدية إلى تركيا، آخر يبحث عن رقم مهرب إلى اليونان، وثاني عن رقم مزور جوازات سفر)، وقد يبدو أطرفها وأكثرها تعجيزاً، استفسار أحدهم عن مقدار الوقت بين مدينة في مقدونيا، وأخرى في صربيا، بالقطار وبالسيارة، والتكلفة لكليهما!

فعل الخير

ما أن تدخل المجموعة وتقلب منشوراتها، يتراءى لك أن الشعب السوري بأثره، قد انضم إليها، ويبحث عن سبل اللجوء من خلالها، لا يسعك القول سوى "الشعب السوري لا يزال يحب فعل الخير ويتمناه لغيره رغم كل شيء".

عبد الغني أحد فاعلي الخير الحديثين في المجموعة، يقدم إجابات للمستفسرين الجدد، يقول لروزنة:" استفدت كثيراً من هذه المجموعة قبل وصولي إلى ألمانيا منذ أسابيع، وأنا اليوم أحاول رد الجميل لها ولإخوتي السوريين، طالما أستطيع"، ويجد الشاب أن "عدد أعضاء المجموعة في تزايد وهذا يدل على فعاليتها الكبيرة".

طرق مسدودة

في أحد المنشورات كتبت امرأة :"حباً بالله"، مستنجدة بأعضاء المجموعة، أن يرشدوها إلى الطريقة الأفضل للهرب واللجوء في أوربا، وطلب لمّ الشمل لأطفالها الصغار، الذين تنوي تركهم في سوريا. كان آخر حل في يدها لتبتعد عن الذل والإهانة، اللتان تحيطان بها وبأطفالها في الداخل، حسبما عبرت.

الوضع استفحل بالبعض الآخر إلى طريق مسدود لا عودة فيه، فبحساب وهمي حيث لا صورة ولا اسم متطابقان، يتساءل أحدهم عن ما قد يفعله جندي في جيش النظام السوري، لا يحمل هوية ولا جواز سفر، يستطيع الوصول بهما إلى تركيا، ليكمل رحلة اللجوء، مرتجياً إجابة سريعة.

لا تخلو من الترفيه

من يقرأ منشورات المجموعة، لن يغالبه الأسى والحزن طوال الوقت، فـ"كراجات المشنططين"، لا تخلو من القصص والمواقف الهزلية التي ينشرها روادها في البلاد الأوربية.

من تلك المنشورات "هندي ينتحل الجنسية السورية بطرافة أمام البوليس الألماني، غزال يلاحق سوري في الغابات الأوربية ويكاد ينال منه"، وآخر اعتبر نفسه المتحدث الرسمي باسم الشباب السوريين في ألمانيا، فينصح الفتيات السوريات في الداخل بالهجرة إلى المانيا، مبرراً: "لأنهن لن يجدن عريساً سورياً في الداخل بعد الآن". وغير ذلك من القصص، التي ينطوي معظمها على تهكم أسود لواقع الإنسان السوري والحال المزرية التي وصل اليها.

أضعاف اللاجئين

مع اقتراب انتهاء الصيف وبداية الموسم البارد، حاملاً أمواجه العالية، تنتظر الشواطئ الأوربية أضعاف الهاربين من الحرب في سوريا وغيرها، الأمر استدعى ببعض دول الاتحاد الأوربي، إلى إقامة جدران أو اسلاك شائكة في وجه اللاجئين، ودول أخرى، كألمانيا، فتحت أبوابها أمامهم.

رامز شاب احتجز في هنغاريا خلال رحلة لجوئه إلى ألمانيا، يقول في أحد منشورات كراجات المشنططين: "هنغاريا ما بدها لاجئين، ولا اللاجئين بدون يضلوا بهنغاريا، بقى لشو حابسينا!!"، في حين يردّ شاب آخر هذا الإجراء في تعليق على المنشور، إلى أسباب سياسية، يرى أن كل من هنغاريا والاتحاد الأوربي تحاول استغلالها.

تحدي أكبر

في نهاية عام 2014 صنفت سوريا كأكبر منتج في العالم للنازحين بالداخل بـ (7.6 مليون شخص)، وللاجئين للخارج أيضاً (3.88 مليون شخص)، ليشكل هؤلاء أكبر مجموعة من اللاجئين جراء صراع واحد خلال جيل واحد، حسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التي توقعت أن يصل عددهم إلى 4.27 مليون شخص بحلول نهاية عام 2015.

تجد هبة التي لجئت وعائلتها إلى ألمانيا، منذ حوالي سنتين، أن "أمام السوريين في أوربا تحد أكبر من كونهم قد فقدوا بيوتهم وهجروا بشكل شبه قسري"، برأيها أنهم "أمام حياة جديدة ومستقبل واضح الملامح، حيث لا موالي ولا معارض، فالأمر لم يعد مهماً في الكامب البعيد".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق