أطفال سوريون.. بلا جنسية

أطفال سوريون.. بلا جنسية
تحقيقات | 07 سبتمبر 2015

في المخيمات السورية المنتشرة على طول الحدود مع تركيا، تكثر حالات الولادات لأطفال سوريين، لا يتم منحهم أي وثيقة، تثبت حقهم بالحصول على الجنسية السورية، خاصة وأنّ عدد قاطني تلك المخيمات، يبلغ قرابة 250 ألفاً.

الطفلة رغد، واحدة من عشرات آلاف الأطفال الذين ولدوا في المخيمات، بدأت قصتها، منذ ثلاث سنوات، حينما اضطرت عائلتها للهروب من القصف العنيف، الذي تتعرض لها حلب، وبعد أن استهدفت طائرة حربية بيتهم ببرميل متفجر، فقدت العائلة كامل أوراقها.

يقول والد الطفلة لـ"روزنة": "بعد أن فقدنا جميع أرواقنا الثبوتيّة، لم يعد باستطاعتنا أن نسجل طفلتنا رغد، كما أنّ المخيم لا تتواجد فيه أي مراكز لتسجيل الأطفال، جميع من يرزقون بأطفال في المخيم، يصبحون عبئاً على أهاليهم، وليس هناك أي حلًّ قريب لهذه المشكلة".

مشاكل في دول الجوار

يبدو أنّ الأطفال اللاجئين في دول الجوار السوري، ليسوا بأفضل حال من النازحين داخل سوريا، ففي لبنان تشير الأرقام الصادرة عن المفوضية العليا للاجئين، أنّ نحو 70%، من الأطفال الذين ولدوا داخل الأراضي اللبنانية، منذ بدء الثورة، يقدر عددهم بنحو 50 ألفاً، لا يملكون وثائق ولادة، وبالتالي ليس لهم أي حق، سواء في التعليم أو الصحة أو حتى في التنقل، وهذا ما أكده الناشط محمد الإبراهيم، المقيم في لبنان.

ويتحدث الإبراهيم عن أهم المعوقات التي تمنع اللاجئ السوري من تسجيل أطفاله، حيث يقول: "الكثير من العائلات لا يمكنها الوصول لسفارة النظام في لبنان خوفاً من الاعتقال وكثرة الحواجز، كما أنّ السبب الأكبر هو انتهاء صلاحية الأوراق التي يملكها اللاجئين".

في تركيا أيضاً

في تركيا، أكبر عدد من اللاجئين السوريين، يقدر بقرابة مليوني شخص، ومنهم الشاب حسين، والذي تزوج في مدينة غازي عنتاب، ورزق بطفلته الأولى، التي ولدت في أحدى المشافي التركية، ولم تمنح سوى وثيقة ولادة.

يقول الشاب لروزنة: "لا يمكنني أن أسجل طفلتي كوني لا أملك وثيقة زواج بالأصل، ولا أستطيع السفر لقنصلية النظام في اسطنبول وإخراج وثائق جديدة، كوني معارض للنظام السوري، ناهيك عن تكاليف السفر المرتفعة". 

ويعمل حسين، مترجماً في المشافي التركية، ويقوم بمساعدة السوريين هناك، ويتابع حديثه: "عدد الأطفال السوريين الذين ولدوا في المشافي التركية تقدر بنحو 28 ألف طفل، جميعهم لا يتم منحهم سوى هوية لاجئ، وهذا الأمر يضر بمستقبل أطفالنا".

ماذا عن مناطق داعش؟

تبدو المناطق التي تسطير عليها داعش في سوريا، هي الأكثر ضرراً على الأطفال، فلا يوجد إحصائية دقيقة عن الذين ولدوا من أباء جهاديين، دخلوا لسوريا بطرق غير شرعية، وأغلب حالات الزواج التي تجري، تتم بدون أوراق رسمية، وعليه لا يمكن إثبات نسب أبناء تلك الزيجات، في حال غادر مسلحو التنظيم من سوريا، أو قتلوا في المعارك الدائرة.

الصحفي عدنان الحسين يروي لـ"روزنة" عن مشاهداته لعدد كبير من الزيجات في المناطق الشرفية والشمالية لحلب، ويوضح: "في مناطق جرابلس أحصيت العديد من الأطفال الذين ولدوا من مقاتلي داعش، منهم كان أميراً للتنظيم ويدعى أبو حفص المصري وأنجب طفلاً، كذلك مقاتل إماراتي الجنسية، تزوج بفتاة من محيط مدينة جرابلس".

دور المعارضة السورية

 أعلنت الحكومة المؤقتة افتتاح مديرية السجل المدني في حلب وإدلب، بهدف تأمين الوثائق للمدنين من معاملات زواج، وشهادات ولادة، وهويات شخصية.

ويرى المحامي والناشط الحقوقي، كامل أطلي، أنّ الحكومة السورية المؤقتة متقاعسة، في السعي لانتزاع اعتراف قانوني دولي في الأوراق الصادرة عن المديريات المستحدثة.

ويقول أطلي: "جميع العاملين في مراكز السجل المدني هم متطوعون، ومعظمهم من محامي حلب الأحرار، لأنّه يجب علينا توثيق الأحوال المدنية، كي يكون هناك حالة قانونية تحمي حقوق الأسرة السورية مستقبلاً".

يرى الكثيرونَ أنّ مشكلة الأطفال المحرومي الجنسية قد تتفاقم، خاصة في ظل عدم وجود حلٍ للوضع السوري، واستمرار الحرب الدائرة، ويبدو أن الأطفال السوريين هم الخاسر الأكبر، لذلك يطالب الناشطون من الأمم المتحدة وجمعيات حقوق الإنسان، الاهتمام بالطفل السوري، الذي إن لم يمت بالقذائف والبراميل المتفجرة، سيخوض رحلة البحث عن انتمائه.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق