لم تظهر أي علامات إصابة على أنس وابنتيه، في بداية القصف الذي تعرضت له مدينة مارع، من قبل تنظيم داعش، الشهر الماضي، رغم انّه نال نصيباً من القذائف التي سقطت في منزله.
لكن، بعد مرور خمس ساعات شعر بضيق في التنفس، واحمرار بالعينين واليدين والرقبة.
يقول أخاه محمود لطوف لروزنة: "حين علمت أنّ مارع تعرضت لوابل من القذائف من قبل تنظيم داعش، تحدثت مع أخي أنس الذي أكد أنّه لم يصب بأي مكروه، إلا أنه بعد مرور عدة ساعات، علمت أنّه نقل للعناية المشددة في إحدى المشافي التركية، وتظهر عليه علامات إصابة بمادة كيماوية".
يوم الجمعة 21/8/2015، تعرضت مدينة مارع بريف حلب الشمالي، لأكثر من خمسين قذيفة خلال ساعتين، كانت بعض القذائف محملة بغاز الخردل على ما يبدو، الذي يعد من أخطر الغازات الكيماوية، وبحسب وصف سكان المدينة، فإن القذائف تركت في مكان سقوطها لون شبيه بالعفن وذات رائحة كريهة.
ولم يكن هذا الهجوم الأخير بالغازات السامة، بل تبعه أيضاً، هجوم آخر يوم أمس الثلاثاء من قبل داعش، حيث أكد ناشطون من مارع، وصول أكثر من 20 حالة اختناق وحروق للمشافي الميدانية، بينهم أطفال ونساء.
تأكيد وتوثيق
العميد زاهر الساكت، مدير مركز التوثيق الكيمائي في سوريا، أكد لروزنة أنّ داعش بالفعل استخدم غاز الخردل عالي السمية، يسمى الأبريت، في قصفها الشهر الماضي على مارع.
وأوضح الساكت، أن "تناول الطعام أو الشراب الملوث بهذه المادة يؤدي لإصابة الإنسان بتقرحات داخل المعدة"، ناصحاً بخلع الألبسة لدى التعرض بالإصابة فوراً، لأن الجلد يمتص المواد الكيميائية بسرعة.
ويزداد عدد المصابين بغاز الخردل يومياً، حيث استقبل مشفى مدينة مارع 40 مصاباً خلال الأسبوع الماضي، من بينهم حالات خطرة يتم نقلها لتركيا، ولا يزال الأهالي عرضة للإصابة بغاز الخردل المتواجد في منازلهم.
أمّا الأعراض التي يشكو منها المصابون، فيقول طارق نجار مدير مشفى مارع لروزنة:" تتلخص الأعراض بضيق النفس واحمرار العينين والجلد، وسيلان في الأنف وظهور انتفاخات في الحالات الشديدة، وصداع في الرأس".
مارع هدف قديم متجدد لداعش
يسعى تنظيم داعش، بكل وسائله للسيطرة على مدينة مارع، التي تعتبر معقل الجيش الحر، ومفتاح الدخول نحو مدن ريف الحلب الشمالي بالكامل، حيث كثف التنظيم هجومه على القرى القريبة من المدينة، واحتل عدة بلدات كان آخرها، أم حوش، وتلالين، وحربل التي لا تبعد سوا 4 كيلو متر عن داعش، لتدخل المدينة في حصار من ثلاث جهات، فيما تتعرض لسيارات مفخخة، يرسلها داعش.
الناشط الإعلامي أبو المجد كوملة، المطلع على سير المعارك يقول لروزنة: "منذ أكثر من عام ولا يزال التنظيم يصب جام غضبه على مدينة مارع، تارة بالمفخخات وتارة أخرى عبر انتحارييه، التي لا تستهدف سوى المدنيين، كان من بين التفجيرات استهداف سيارة تنقل النازحين هرباً من القصف اليومي، حيث أودت بحياة جميع أفراد العائلة، ولم ينجُ سوى طفل لا يتجاوز عمره سنة، إلا أن الجيش الحر لا يزال يدافع عن المدينة ويصد عدوان تنظيم داعش اليومي".
يذكر أنّ مدينة مارع حالياً، باتت خاليةً من سكانها المحليين، بسببِ القصف الأخير الذي تعرضت لُه، من قبل تنظيم داعش حيث نزح معظم سكانِها إلى المخيمات الحدوديةِ أو القريبة الآمنة نسيباً، وسطَ تخوفهم من اقتحام المدينة وارتكاب المجازرِ بحقهم، وما زادَ الطينَ بله، استخدام الكيماوي في قصف داعش، استخدامٌ أكدتهُ منظمات دوليةٌ الشهر الماضي، من بينها أطباء بلا حدود.