طالب عددٌ من أصحاب المعامل والمستوردين في سوريا، مؤخراً، بتحرير أسعار السوق من قبل وزارة التموين والتجارة الداخلية بحكومة النظام السوري، التي تخضع إلى عملية تسعير، في خطوة لم ترق للكثير من التجار، أصحاب المشاريع الصغيرة.
وحول تلك الخطوة، توجهت "روزنة" للخبير الاقتصادي أدهم جبير، الذي قال: "بات الشعب السوري مُجبراً على العيش ضمن حالة متفاقمة من الإغتراب والإستلاب، مع تعاظم الشرخ الإجتماعي والسياسي والإقتصادي، بينه وبين الدولة، التي تتجه لرفع يدها عن السوق وتركه لكبار التجار".
وأوضح جبير، أن هذه الخطوة من حكومة النظام، تسمى "الدردرية الجديدة"، نسبة إلى نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق لشؤون الاقتصاد عبد الله الدردري.
وأضاف: "الدردية الجديدة تتلخص بإبقاء السوق مفتوحة لشرائح رأس المال في وجه مصلحة فقراء ومهمشي البلد، الذين تضاعفوا مع الأزمة عدة مرات، ولذلك أُريدَ لها ولوج المجتمع السوري بطريقة أذكى من التي أدخل بها مشروع الدردري سابقاً".
تقرير ينتقد حكومة النظام
أطلق "المركز السوري لبحوث السياسات" في دمشق، تناوله وزير المالية بحكومة النظام، اسماعيل اسماعيل، خلال ندوة البعث الاقتصادية التي أقامها فرع دمشق لحزب البعث، يوم السبت 7-3-2015 تحت عنوان "حماية الليرة السورية مسؤوليتنا جميعا".
انتقد وزير المالية في حكومة النظام، اسماعيل اسماعيل بحثاً للمركز السوري لبحوث السياسات، لأنه استعرض قرارات حكومة النظام، التي بدأت سياسة تحرير اقتصادي غير معلنة، من خلال "التقليل من عمليات الدعم، عبر رفع أسعار العديد من السلع والخدمات الأساسية".
ووصف التقرير تلك السياسة، بأنها تهدد بترك "تبعات اجتماعية واقتصادية كبيرة على معيشة الأسر، وتحديداً الفقيرة منها، وعلى تكلفة الإنتاج المحلي، بما أن الزيادة في الأسعار تشمل السلع الأساسية مثل الخبز والطاقة".
التقرير الذي شككت به حكومة النظام وقالت: "إنه لايستند إلى الحقائق حيث أن سياسة تحرير الأسعار أبعد ما تكون عن حكومة اشتراكية". في نفس الندوة وعلى لسان وزير المالية.
لكن اللافت للأمر ما حصل مطلع شهر نيسان عندما طالب عدد من تجار دمشق، خلال اجتماعهم مع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك حسان صفية، بمقر الغرفة، حكومة النظام بتحرير أسعار السلع في الأسواق، وتركها لمعادلة طلب – عرض – منافسة، و"إتاحة المجال للمنافسة الشريفة بين التجار"، وكان الرد من وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأنه مطلب محق.
رأي التجّار
رصدت "روزنة" بعض آراء تجار أسواق العاصمة حول فكرة تحرير الأسعار، حيث قال أبو عامر، وهو بائع أقمشة في سوق الحميدية: "إن الأسعار في تزايد مستمر وإن القماش يأتي من تجار الجملة غالي الثمن، رغم أن الأسعار مضبوطة من قبل لجنة التسعير في وزارة التجارة الداخلية، فكيف بها إذا تحررت الأسعار؟ وبالتالي ستزيد الأسعار على المواطنين".
من جهته أشار باسم، وهو تاجر مواد غذائية في سوق الزبلطاني: أن "احتكار استيراد المواد من قبل أسماء معينة، غيّب المنافسة الشريفة من السوق"، والتي يحتكرونه كل من بشار النوري وعدنان الساعور وطوني بيتنجانة.
كذلك الأمر بالنسبة للتاجر ممدوح الدروبي من حمص، حيث أكد أن طريف الأخرس احتكر استيراد وتجارة وصناعة السكر والطحين الأرز وكافة المواد التموينية، في سوريا مما أضعف دور التجار المتوسطين والصغار في السوق، والأمر ينطبق على "الحوت" عصام أنبوبا الذي يحتكر استيراد وتجارة وصناعة الزيوت والسمون بكافة أنواعها.
أما قطاع البناء والحديد فقد حدثنا عنه المهندس ضياء فتوح والذي يعمل في طرطوس، مؤكداً أن "الرجل الحديدي" وهيب مرعي، ابتلع سوق مواد البناء في القطر وخصوصاً الحديد.
فيما أكد أبو علاء من حلب بأن فارس الشهابي، وهو رئيس غرفة صناعة حلب، يحتكر استيراد وتهريب المشتقات النفطية والخيوط التركيبية.
تضييق من حماية المستهلك!
وفي جولة لنا في سوق الكهرباء وسط العاصمة دمشق، أكد التاجر أبو سليم بوجود معاناة حقيقيةِ باستيراد المواد الكهربائية، وفي ظل ملاحقات من عناصر حماية المستهلك الموجهة من قبل عضو غرفة تجارة دمشق محمد حمشو، وتابع أبو سليم: "الأدهى من ذلك، مطالبة حماية المستهلك إظهار الفواتير المتعلقة بالبضائع، والتي من الصعب على التجار في ظل ظروف الأزمة أن يحصلوا عليها، حيث لا يمكن تأمينها، ورغم ذلك تأتي عناصر التموين وتقول، إنّ ذلك مخالفة، لماذا لا تقوم بتأمين الشحن وتحت ذريعة حماية المستهلك؟".
وبالعودة إلى تقرير "المركز السوري لبحوث السياسات" وتقريره "الاغتراب والعنف"، فقد أصبح في سوريا حوالي أربعة من كل خمسة أشخاص فقراء، كما أن ثلثي السكّان تقريباً يعيشون حالة الفقر الشديد، إذ لا يستطيعون تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية، الغذائية وغير الغذائية.
وبات 30% من السكّان يعيشون حالة من الفقر المدقع، أي إنهم لا يستطيعون تأمين حاجاتهم الغذائية الأساسية، ورغم ذلك لاتزال حكومة النظام تتبنى سياسات، كانت من أسباب اندلاع الثورة.