عبد الرزاق: أجرة الطريق تساوي نصف دخلي

عبد الرزاق: أجرة الطريق تساوي نصف دخلي
تحقيقات | 02 أغسطس 2015

يصر المزارع حسام، على الاستمرار في زراعة أرضه، رغم كل الظروف الصعبة، التي يعاني منها الفلاح السوري.

يملك حسام عشر هكتارات من محصولي البطاطا والبصل، في ريف حلب، عمل بجهد كبير طوال السنة، منتظراً جني محصوله ليعيل به عائلته، إلا أن انقطاع الديزل وغلاء سعره سبب العطش لمحصوله، يقول حسام لروزنه: "كان محصول البطاطا لدي خصباً، بسبب الأمطار الغزيرة لهذه السنة، لكن عندما احتاجت المزروعات للسقاية في نهاية الموسم فقد الديزل بشكل عام".

ووصل سعر البرميل إن وجد في حلب وريفها، إلى يقارب سبعين ألف ليرة سورية، بحسب حسام، الذي يضيف: "لم يعد بمقدورنا تصدير البطاطا للعراق أو المناطق الشرقية، إضافة إلى أننا ليس بمقدورنا تخزين البطاطا بسبب توقف أغلب برادات التخزين عن العمل".

لماذا فقد الوقود؟

يرى الكثيرون أن سبب فقدان المواد النفطية في ريف حلب، هو الحصار الذي فرضه تنظيم داعش، والذي يهدف لكسر شوكة المعارضة في المنطقة.

لكن الحصار ألقى بظلاله أولاً على لقمة عيش الأهالي، فقد أعلن المجلس المحلي لمدينة مارع شمال سوريا مؤخراً، عن توقف عمل الفرن في حال لم يتم تأمين مادة الديزل خلال أسبوع.

ويرى المواطن الصحفي أبو المجد أنّ تنظيم داعش يرغب في اخضاغ الأهالي لسلطته، من خلال حرمانه للمواد النفطية، خاصة وأنّ المجالس المحلية لا تعتمد على طاقة الكهرباء في تشغيل الأفران.

ويقول: "يؤمن فرن مدينة مارع الوحيد بما يقارب 12 طناً من الخبز يومياً، يوزع على أهالي مدينة مارع والقرى المحيطة بها، ويحتاج على الأقل 600 لتر من الديزل كي يستمر في سد حاجات الأهالي".

رمضانٌ قاسٍ

من ناحية أخرى، عاش الأهالي في ريف حلب رمضاناً متعباً، بسبب الانقطاع المستمر للمياه، التي كانت المجالس المحلية توفرها عبر الآبار الارتوازية، التي تحتاج لمضخات ضخمة كي تؤمن المياه بشكل دائم، مما أجبر السكان على اللجوء لصهاريج المياه سعة العشرين برميلاً، وبسعر مرتفع لما يقارب خمسة آلاف ليرة.

أمّا الكهرباء التي توفرها المولدات المحلية، انخفضت ساعات عملها، من ثماني ساعات يومية، إلى النصف تقريباً.

يقول الصيدلي أبو محمود: "مشكلة فقدان الوقود تأثر بها جميع السكان، فأنا لدي صيدلية واحتاج للكهرباء بشكل متواصل، لتشغيل المراوح في رمضان، فدرجات الحرارة مرتفعه ويسبب لي هذا الأمر التعب والإرهاق".

في إدلب أيضاً

لا يختلف الوضع في إدلب عنه في حلب، فأزمة المحروقات هذه، تصدّرت المشهد المعيشي والاقتصادي في المحافظة وريفها. 

حيث تعطّلت مرافق الحياة كافّة، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني، ما أثار غضب المواطنين بسبب عجزهم عن تأمين تكاليف معيشتهم، ولجوئهم لأساليب بدائية في الزراعة والتنقّل، واستخراج المياه.

طالب الابراهيم مواطن من ريف إدلب الجنوبي، يرى أنّ نفاذ مادة المازوت أثّر على كل تفاصيل حياته، موضحاً: "ارتفع سعر صهريج المياه من 700 ليرة سورية إلى 3000 ليرة، كما أنّ العائلة الواحدة بجاجة لصهريج من المياه أسبوعياً، أما الأن فلا قدرة لدينا إلا لصهريح واحد كل شهرين".

وأضاف: "الكهرباء أيضاً ارتفع سعرها، وبات أصحاب المولدات يعملون على تقنين ساعات الكهرباء، حتى وصلت بهم الحالة إلى تشغيل الكهرباء ساعة واحدة في اليوم، كما أن سعر الأمبير الواحد ارتفع من 700 ليرة وحتّى 1500 ليرة".

كل شيء تأثر

عبد الرزاق الحامد عامل من ريف ادلب، بات يدفع نصف دخله اليومي ليصل إلى مكان عمله ويقول: "كنت أدفع في السابق 150 ليرة سورية مواصلات من منزلي لمكان عملي، أما اليوم فأنا بحاجة لدفع 450 ليرة سورية وهو ما يساوي نصف دخلي اليومي".

ويتابع عيد الرزاق: "ارتفعت جميع أسعار المواد في قريتي وتوقفت اشتراكات الكهرباء لنلجأ مجبرين لأساليب بدائية في استخراج المياه".

الزراعة أيضاً كان لها نصيب من أزمة المحروقات، بحسب عبد الرزاق، حيث أن المواطن بات عاجزاً عن حصاد أرضه ورعايتها، لأنّ ذلك يكلّف أكثر من انتاجها على حدّ تعبيره.

خطر كبير

معظم مشافي إدلب باتت مهددة بالإغلاق جزئياً أو كلياً، نتيجة ارتفاع أسعار المازوت، ذلك أنّ هذه المادة تعتبر عصب الحياة بالنسبة للعمل الطبّي، بحسب الدكتور محمد الخطيب مدير إحدى المشافي الخاصّة بريف ادلب، والذي أكّد لـ"روزنة" أنّ الحواضن الموجودة في المشفى "توقفت عن العمل بسبب ارتفاع تكلفة تشغيلها وعدم قدرة المواطن البسيط على إيجاد تغطيات لها".

يقول الدكتور محمد: "اضطررنا للاستغناء عن العديد من الخدمات الطبية التي تعتمد على الكهرباء بسبب ارتفاع اسعار المحروقات إن وجدت، لأننا مشفى غير مدعوم والمواطن البسيط هو من سيتحمل هذه التكاليف الزائدة التي لا يملك تغطية لها بالأساس"، مضيفاً: "في حال استمرينا بتقديم الخدمات الطبية التي تعتمد على كهرباء المولدات فإن ذلك سينعكس سلباً على المواطن".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق