فقد أحمد ابن ريف حلب، عمله في مدينة عنتاب التركيّة، بعدما قام بإدخال سيّارته إلى سوريا، ليستكمل إجراءاتها القانونيّة، والتي كان يعتمد عليها في تحصيل لقمة العيش.
ولم يستطع الشاب إرجاعها، بسبب إغلاق السلطات التركية، حدودها المشتركة مع سوريا، في آذار الماضي.
حظ أحمد أنّه أدخل سيّارته، قبل أن تغلق المعابر بيومين، والآن يعيش بلا عمل، خاصّة أنّ ازدحام السوريين في المدن التركيّة الحدوديّة، يقلل كثيراً من فرص العمل لهم.
معابر مغلقة!
بعد أن أعلنت تركيا إغلاق المعابر الحدودية بتاريخ 8-3-2015، أصبح الناس يلجؤون للدخول بطرق غير شرعيّة، كالطريق الموجود في منطقة الواصل، بين حوار كيليس والحدود التركيّة، حيث أصبح ممرّاً رئيسياً للعشرات من العائلات يوميّاً.
لكن بات الطريق شبه مغلق، بعد أن مُنح الحرس التركي الصلاحيّة المطلقة باستخدام السلاح، من أجل منع السوريين من العبور، ما أثار خوفهم خاصّة بعد تسجيل حالات قتل لشابين وامرأة، أثناء محاولتهم العبور لتركيا.
وائل أحد السوريين الذين لم يستطيعوا الدخول لتركيا، رغم محاولاته العديدة، للحاق بمخيّم كيليس، الذي يقطن به مع عائلته، ومع مرور الأيّام تفاجئ وائل بقرار فصله من المخيّم بسبب مجاوزة خروجه المدّة المحدّدة.
ويقول وائل: "أغلقت المعابر الحدودية وأجبرت الناس على طرق غير شرعية للدخول إليها، وتعرضت لإطلاق نار، ونجوت".
غضب ومطالبات بحلول
مقتل الشاب "علاء جولو"، على يد عناصر الجندرما التركية والتي عرضت على وسائل التواصل الاجتماعي، أثارت غضب الناشطين واستيائهم، خصوصاً أنها ليست العملية الأولى، وأطلقوا حملة إعلامية تحت اسم "الجندرما تقتل السوريين"، مؤكدين أن مثل هذه الأعمال، لا تعبر عما يتحدث عنه المسؤولون الأتراك، من أن تركيا هي الدولة الراعية للسوريين المهجرين من بلادهم.
كما دعا الناشطون لإيجاد حلول مناسبة للسوريين للسماح لهم، بدخول الأراضي التركية دون التعرض للخطر، خاصة وأن اللاجئين السوريين يقدر عددهم بأكثر من مليون ونصف المليون، في تركيا.
معابر تغلق في وجه السوريين بسبب داعش
ما إن سيطر تنظيم داعش على معبر جرابلس الذي يصل بين الريف الشرقي لحلب وتركيا، قامت السلطات التركية بإغلاقه بشكل كامل، وأمرت بإزالة كافة الأجهزة وإغلاق المكاتب المسئولة عن إدارة المعبر.
أمّا بالنسبة لدخول السوريين نحو الأراضي التركية بطرق غير شرعية، فقد باتت أسهل كما حصل مع الشاب عبد اللطيف، الذي يأس من المحاولات للدخول لتركيا، من مناطق المعارضة، لكن بعد ذهابه لمدينة الراعي شمالي الباب، والمسيطر عليها من قبل داعش، استطاع الدخول دون عناء.
وحول ذلك يوضح الشاب: "كان هناك الكثير من الناس معنا، وأيضاً دواعش، واستطعنا الخروج".
معاناة مستمرة
لا تقتصر معاناة التهريب على الرجال والشباب، فما يواجهه النساء والأطفال أشدّ بكثير، أمّ شهد إحدى النساء اللواتي يقطنّ في مدينة نزب التركيّة تقول لروزنة: "لم أتمكّن من الدخول إلى تركيا كي أعود لعائلتي وأطفالي بسبب حالتي الصحيّة، التي لا تسمح لي بالعبور عن طريق التهريب".
وتضيف أمّ شهد: "نزلت إلى سوريا كي أزور أهلي فمضى وقتٌ طويل لم أراهم ولم أعرف أنّ المعبر سيغلق، فيما بعد، الآن أولادي في مدينة نزب وأنا في حلب والأمور صعبة جداً".
في الاعياد فقط!
طبقت الحكومة التركية قرار فتح المعابر الحدودية مع سوريا، للسوريين المقيمين على الأراضي التركية، والذين يحملون بطاقات تعريف بمناسبة عيد الفطر، لزيارة الأراضي السورية والعودة إلى تركيا، لمدة أسبوع دون التعرض لفقد البطاقة، وحق الإقامة في تركيا.
القرار يخص السوريين المتواجدين في تركيا، والذين يحملون بطاقات تعريف ولا يحملون جوازات، سفر للراغبين بزيارة أهاليهم في الداخل السوري.
بالمقابل يتساءل الجميع عن مدى انتهاء هذه المعاناة، فسابقاً كان الدخول إلى تركيا والخروج منها أمراً سهلاً، على غالبية العائلات، لكن بعد التشديد على المعابر والحدود، أصبح السوري يحمل على عاتقه همّاً آخر كبّدته إيّاه مأساة الحرب بسوريا.
لكن بالمقابل لا زالت المعابر التركيّة تستقبل الحالات الإنسانيّة والإسعافيّة، وشاحنات الإغاثة، بالإضافة إلى عدم إغلاق المعبر التجاري، ومع ذلك، تزداد التخوفات لدى السوريين، خاصة بعد الأحداث الأخيرة، التي شهدت اشتباكات بين تنظيم داعش، والجيش التركي على الحدود، وقصف تركيا لمواقع التنظيم.