إذا فكرت بزيارة وادي النصارى غربي حمص، للقيام بجولة سياحية، أو قررت الانتقال للعيش والدراسة هناك، فأول ما عليك التعرف إليه هو نظام العطل الساري في هذه المنطقة، فرغم أن الأحد يبدو بالشكل العام، كعطلة رسمية في المنطقة ذات الغالبية المسيحية، إلا أن العديد من أيام العطل تسري في هذه المنطقة الصغيرة.
ثلاث عطل رسمية
سرت العادة منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، عندما كانت مدارس المنطقة صغيرة ومتواضعة، أن يعطل الطلاب والأساتذة يوم الأحد، توافقاً مع سكان المنطقة المسيحيين الذين يغلقون عياداتهم ومحالهم التجارية ويتوقفون عن العمل يوم الأحد، في حين ومع نشأتها حديثاً، أصبحت دوائر المنطقة ومؤسساتها الرسمية والبلديات والبنوك، تعطل يوم الجمعة كما باقي المناطق السورية.
ويعتقد معظم سكان الوادي، أن تماهي عطلة المدارس مع عطلتهم كمسيحيين أمر جيد، وضروري لإثبات وجودهم الديني على الأرض السورية، في حين ينظر مدرس الفيزياء والشيوعي السابق عيسى، إلى الأمر بطريقة مختلفة " لا أجد ضرورة لتميز مناطق أو مدارس معينة بعطل، هذا الأمر يطفو بالطائفية إلى السطح، ولا يهمشها".
"عطلة كل من ايدو إلو"
لم تقتصر العطل في وداي النصارى على الثلاثة أيام الأخيرة من الأسبوع، حيث تقوم الجامعات والمدارس الخاصة في المنطقة بتغير أيام العطل لديها، بما يتناسب مع برامج أساتذتها والتزاماتهم.
و يسمي أحد شباب المنطقة ويدعى أيهم، نظام العطل في الوادي بـ"عطلة كل من ايدو الو"، ويشرح أكثر لروزنة أن "جامعة الحواش تعطل مثلاً، يومي الأربعاء والخميس، وتعطل جامعة الوادي الخميس والجمعة، في حين تتنقل مدرسة المزينة الخاصة في عطلتها بين يومي الجمعة والسبت، والسبت والأحد، وهنا ضاعت الطاسة وضاع الطالب معها".
أعطال إدارية
أجلت هبة طالبة في جامعة الحواش سفرها ثلاثة أشهر، لاستكمال الحصول على أوراق التخرج الخاصة بها، فما بين توقيع من جامعتها وختم من الدوائر الرسمية، ذاقت الطالبة ذرعاً بالتخرج وبالجامعة التي درست فيها، تقول "كان لدي ثلاثة أيام فقط للتحرك بأوراقي، ليستمر التعطيل من الأربعاء حتى السبت، بسبب العطلة في جامعتي والعطلة الرسمية في الدولة، هذا غباء إداري فظيع لا يحدث في أي دولة أخرى".
في حين يؤكد المدرس عيسى أن "الكثير من الأوراق والموافقات في مدارس المنطقة تستغرق مدة أطول بسبب انقطاع المراسلات ثلاثة أيام عن مديرية التربية في حمص"، الأمر الذي يؤثر سلباً على الطلاب والمدرسين على حد سواء.
يلي بصلوا الأحد ويلي بصلوا الجمعة
رغم اختلاف المقصود في أغنية "أنا مش كافر" للبناني زياد الرحباني، إلا أنها تبدو ملائمة لإميل الذي يصلي وزوجته الجمعة، بينما أولاده يقيمون الصلاة الأحد كباقي المسيحيين، يقول لروزنة "بحكم كوني موظف وزوجتي في دوائر رسمية، لا يمكننا أن نعطل الأحد، هذا يمنعنا من حضور القداس"، ويقيم بعض آباء المنطقة قداديس يوم الجمعة للراغبين بالحضور من الموظفين الرسميين.
وبالإضافة إلى تعطيل الموظف المسيحي يوم الجمعة، يسمح له أيام الآحاد في الوقت الذي يريده، أخذ إجازة لمدة ساعتين خلال الدوام الرسمي، كما يفعل باسم الموظف في شركة كهرباء حمص، والذي بدى مسروراً بهذا الامتياز، ورأى أنه إجراء منصف بحق المسيحيين كأقلية.
وعند الأخذ برأيه في هذا الموضوع، تسأل المدرس عيسى "ماذا لو أختار هذا الموظف الخروج عن طاعة حزب البعث وترك صفوفه؛ لأن لديه أفكار يمينية مسيحية، هل سيهنئ بفعلته هذه؟، هل ستبقى له صلاحيات يوم الأحد؟، أم سينظر له على أنه عميل وخائن، ويدك فيه بالسجن". ويضيف "إنها مجرد قطعة سكر يرمي بها النظام إلى المسيحيين لحفظ بيت الطاعة".