رجال أعمال مؤيدين للنظام السوري ساهموا بانخفاض الليرة

رجال أعمال مؤيدين للنظام السوري ساهموا بانخفاض الليرة
تحقيقات | 09 يونيو 2015

"نحمد الله ونشكره، لأننا حولنا هالكم ليرة يلي معنا لدولار وذهب، لولا هيك كان راح شقى العمر كله"، هذا ما قاله أبو طارق عند سؤالنا له،  أيهما أضمن الدولار أم الليرة السورية؟. 

يعتبر أبو طارق، أنه كان أسرع من غيره في الإقدام على هذه الخطوة، حين كان الدولار بـ 80 ليرة سورية، ليحافظ على ما وفره خلال عشرين عاماً من العمل. وهو يقوم كل شهر بتصريف مبلغ معين إلى الليرة السورية ليعيش منه مع عائلته، إضافة إلى راتبه التقاعدي. 

حال أبو طارق كالكثير من السوريين، الذين استبدلوا مدخراتهم بالمعدن الأصفر والورقة الخضراء، للحفاظ على قيمة أموالهم بعد الانتكاسات التي ضربت الليرة السورية.

أما هدى ربة المنزل، فعللت شراءها للدولار، بأن كل شيء حالياً مرتبط به، قائلةً: "حتى البقدونس صار مرتبط بالدولار، وإذا فكرت بالسفر خارج البلد، فإن عملتنا السورية لم يعد لها قيمة".

ضربات موجعة لليرة

انتكاسات متتالية ضربت الليرة السورية، ومحاولات النظام  مستمرة حتى الآن، لإثبات أن عملته لا تزال متماسكة.

وتتعدد محاولات النظام السوري، في خفض سعر الصرف، من خلال الترويج لحملات قام بها مغتربون، لخفض سعر الليرة بعد أن وصل خلال الشهر الماضي، إلى حدود 350 ليرة للدولار الواحد، ليتراجع إلى 240 ل.س، ويرتفع بعدها ويستقر بحدود 285، دون توافره في الأسواق.

لكن حتى المواطن العادي غير المختص في الاقتصاد، بدأ يسخر مما تقوم به حكومة النظام السوري، وتقول سمية الموظفة في معمل للألبسة: "دولتنا ما لقت حدا يشحدها غير إيران وروسيا وصاروا يعطوها بالقطارة، وبدها تخفض سعر الصرف، ولقت بقصة التبرعات من المغتربين حل، ولو أنه الكل بيعرف أنه كذب".

كلام سمية، تؤكده التحليلات التي تم تداولاها عقب إطلاق الحملة، حيث أكد محللون اقتصاديون، أن انتعاش الليرة الأخير، وارتفاعها أمام الدولار، ناتج عن الدعم الجديد الذي حصل عليه النظام  من إيران، عبر خط ائتماني بقيمة مليار دولار، عقب نفاذ القرض القديم والبالغ 3.5 مليار دولار.

"الفينيق السوري #لتبقى_ليرتنا_ذهب"، هذا هو العنوان الذي أطلقه المغتربون المؤيدون للنظام، على الحملة، التي تشجع على إرسال تحويلات بالعملة الصعبة لدعم الليرة السورية.

الدعاية كانت كبيرة عبر الهاشتاغ، ولكن اللافت من التعليقات التي رصدتها روزنة، ما كتبه عضو مجلس الشعب أحمد شلاس، حيث علّق على فيسبوك: "قمت ببيع إحدى سياراتي واشترطت على المشتري ثمنها بالدولار، ثم أودعت النقود في البنك المركزي دعماً لليرتنا الغالية ولوطنا الحبيب"، ليؤكد أن التجار هم من يمتلكون الدولار ويضاربون به.

وهذه هي الحملة الثانية من نوعها التي يقوم بها النظام، بعد الأولى التي أطلقها اتحاد المصدرين التابع له والتي حملت عنوان "عز ليرتك بتعمر بلدك".

وتعليقاً على الحملة، قال المحلل الاقتصادي ممدوح الغزي لروزنة، إن "إعادة رفع قيمة الليرة السورية اقتصادياً ضرب من الخيال، مهما كانت كمية الدعم، وذلك في ظل العقوبات الدولية المفروضة على النظام، وكذلك في ظل الأزمة الحالية التي تكلف سوريا يومياً ملايين الدولارات".

وأضاف أن  التدخل والحملة الإعلامية التي نفذها النظام بعد ارتفاع سعر الدولار، ساهمت بخفضه بشكل بسيط، لكنه عاد للارتفاع، ومن يلاحظ حركة الدولار منذ بداية الأزمة، يرى أنه في كل شهر يقفز بحد معين ويثبت عليه.

حرب فيسبوك وإجراءات أمنية

بعد تدهور الليرة وفقدان معظم مخزونه من العملة الصعبة، بدأ النظام السوري، بتقييد المواقع الالكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي، حتى لا يأخذوا أخبار العملات، إلا من وكالة "سانا" الرسمية. 

يقول أحد أصحاب الصفحات التي تنشر أسعار العملات لروزنة:" تم استدعائي إلى أحد الفروع الأمنية، واحتجزوني لمدة يومين، وقبل إخراجي وقعت على تعهد خطي بعدم نشر أسعار العملات، وكل شيء يتعلق بالليرة السورية، وإلا فأنا متهم بزعزعة الأمن القومي للبلد". 

وأيضاً، فرض النظام على وسائل الإعلام التابعة له، عدم عرض أية بيانات سلبية، عن واقع الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية التابعة له، تحت طائلة المسؤولية لمن يخالف التعليمات، إضافةً للطلب من مسؤولي التحرير التواصل مع المؤسسات الاقتصادية، ومحاولة تقديم بيانات إيجابية حتى لو لم تكن صحيحة.

لما هذا الانخفاض الحاد؟

يشرح المحلل الاقتصادي ممدوح الغزي، أن الانخفاض الحاد في الليرة السورية، سببه رجال الأعمال المقربين من النظام، فهم يقومون بتهريب أموالهم للخارج، مخلفين وراءهم قروضاً متعثرة بقيمة 100 مليار ليرة في الحدود الدنيا.

وبحسب الغزي، "فإن النظام لم يفعل شيئاً إزاء إعلان البنوك العاملة في سوريا عن وضع أرصدة لها بمليارات الدولارات في الخارج، بحجة تكوين المؤونات ".

ويضيف المحلل، أنه لم يبق أمام النظام  السوري سوى صغار المضاربين ليلاحقهم بالإغلاق والحبس، محملاً المسؤولية في تدهور سعر الصرف، إلى المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وبعض مؤسسات الصرافة.

أيهما الأكثر أماناً؟

مصادر من داخل سوق الذهب في دمشق قالت لروزنة إن " الطلب على الذهب من أساور وحلي  انخفض مقارنة مع الأونصات الذهبية والليرة الانكليزية، التي تشهد طلباً كبيراً كون نسبة الخسارة بها قليلة جداً".

وأضافت أن النظام السوري حاول جذب السوريين من خلال طرح أونصات وليرات سورية، لكن دون جدوى فالإقبال عليها قليل جداً. 

ويشكل المعدن الأصفر وسيلة ادخار جيدة في وقت عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وفقاً للمحلل الاقتصادي ممدوح الغزي.

ماذا عن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة؟

ليست المناطق التي تسيطر عليها المعارضة،  بمعزل عن أزمة انخفاض الليرة، ولكن الفرق هنا عدم وجود ضوابط لبيع وشراء الدولار، والحكومة السورية المؤقتة لا علاقة لها بكل ذلك وليس لها أي دور في حماية الليرة، لدرجة أن رئيسها أحمد طعمة كشف مؤخراً عن دراسة للتعامل بالليرة التركية في مناطق سيطرة المعارضة، كما أن جبهة علماء بلاد الشام وجهت توصية للسوريين لاستبدال الليرة السورية بالعملة التركية.

 

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق