150 امرأة تعمل في جبل الزاوية

150 امرأة تعمل في جبل الزاوية
تحقيقات | 06 يونيو 2015

تتجه أم عمر إلى منزلها، بعد انتهائها من العمل عند الساعة الثالثة ظهراً، تحمل القليل من الطعام لأطفالها، الذين ينتظرون قدومها بشوق أمام المنزل.

أم عمر واحدة من نساء كثيرات اضطررن للعمل، بعد أن أصيب أزواجهن في الحرب الدائرة بسوريا، هي تعمل في معمل لكبس التين، وسط بلدتها البارة بجبل الزاوية شمال غرب سوريا، ولديها أربعة أولاد.

 تغيرت حياتها، مذ تعرض زوجها لشظية قذيفة تسببت ببتر ساقه، بينما كان يعمل في مجال البناء.

 تقول أم عمر:" وجدت نفسي مضطرة  لإيجاد عمل أعيل به عائلتي بعد إصابة زوجي، خاصةً أننا لانملك سوى قوت يومنا من عمله سابقاً"، وتضيف أنها لا تتقن أي عمل خارج المنزل، وأبناؤها صغار لا يستطيعون العمل أيضاً . 

 تؤكد الأربعينية، أنها بحثت عن عمل طويلاً، إلى أن وجدت عملها هذا، وهو كبس التين وبأجر زهيد لا يكفي سوى لجلب بعض الحاجيات ،كما تقول.

 وتعبر أم عمر عن رضاها قائلةً: "حمداً لله أنني وجدت هذا العمل، وإن كانت الاجرة بسيطة، إلا أن "البحصة بتسند جرة"، خاصةً وأني أرى جارتي أم لؤي، زوجها معتقل  منذ سنتين ولم تحظ بأية فرصة عمل، لديها أولاد بحاجة رعاية، وهي الأن تعيش على المساعدات والإغاثات من هنا وهناك".

 في هذه الظروف، يشعر زوج أم عمر بمعاناتها، فهي تشكو من ألم في يديها جراء العمل، ويقول:" أنا عاجز عن تقديم أي مساعدة لها، وهذا ما يشعرني بالحزن واليأس ".

 ويضيف:" لو كنت أملك أي مبلغ من المال لفتحت به دكاناً وساعدتها في الانفاق على المنزل".

 من جهته، يؤكد أبو عبد الله، مالك مكبس التين، أن هناك العديد من النساء اللواتي يعملن لديه، ويعطي رواتب بحدود الـ400 ليرة لكل عاملة يومياً.

 ويشرح: "صحيح أن المبلغ قليل، قياساً مع غلاء الأسعار، ولكن لا يمكنني أن أرفع لهن الأجور أكثر، لأني سأخسر إذا فعلت ذلك".

قصة سلوى والبطاطا

سلوى، من قرية حزارين، أصيب زوجها في رأسه نتيجة إحدى البراميل المتفجرة، من مروحيات النظام السوري، وأصبح يعاني من إعاقة عقلية نتيجةً لذلك. 

تقول ذات الأربعة والعشرين عاماً:" كان زوجي يعمل في تركيا ويأتينا كل  شهرين بمبلغ من المال، يكفيني مع أطفالي، ولكن بعد إصابته بهذه الإعاقة أصبحت لا أعرف من أين سآتي بالمال".

 وتضيف سلوى أن عائلة زوجها فقيرة أيضاً، وأخوته بالكاد يؤمنون نفقات عائلاتهم، أما بالنسبة لأهلها،  فهم لاجؤون في لبنان، منذ ثلاث سنوات، ولا يرسلون لها سوى القليل من المال.

وتتابع سلوى:"أمن لي أحد الأقرباء عملاً، وهو تقشير البطاطا لبعض مطاعم الشاورما، أبدأ العمل منذ الصباح، وأكون عند المساء قد انتهيت من تقشير خمسة أكياس، يحوي كل منها على 15 كيلو، مقابل مئة ليرة على كل كيس، ما يعني 500 ليرة في اليوم، وفيها أستطيع شراء الطعام لعائلتي وبعض الحفاضات والحليب لابنتي". 

 وتؤكد سلوى، أنها تشعر بالسعادة في نهاية اليوم حين تؤمن لعائلتها ما يلزمها، رغم صعوبة العمل.

حنان وابنها الصغير يعملان

خلال عمله على سيارته بنقل الخضراوات، من كفرنبل إلى بليون بجبل الزاوية، أصيب زوج حنان، بشظية صاروخ سقط قريباً منه، بعدها لم يستطع العمل، فتغير وضعها، ووضع أبنائها الستة.

تحكي حنان عن حالها:" الأطباء نصحوه بألا يجهد نفسه، وألا يعمل على حياته، وبالتالي توقف عن العمل، كما أن سيارته الصغيرة تعطلت جراء إصابتها أيضاً، وإصلاحها يتطلب الكثير من المال ".

 اضطرت العائلة بعد ذلك، لبيع السيارة، وبثمنها أنفقوا على أنفسهم لبضعة أشهر، الى أن بدأت الأم بالعمل هي وابنها محمد .

 تقوم حنان حالياً بصنع الزعتر وخلطه، وهو نوع من المأكولات معروف في سوريا، يتناوله الناس على الفطور مع زيت الزيتون وخبز التنور، أما ابنها محمد ذو الستة عشرة عاماً، فترك المدرسة وبدأ بالعمل.

ويعمل الطفل في بيع السحلب، على عربة أمام المدارس، وفي الأماكن العامة، ويعطي ما يربحه من مال لوالدته. 

أين المواد الإغاثية؟

يقول أبو أحمد، المسؤول عن توزيع المواد الإغاثية في بليون، إنهم يوزعون المعونة شهرياً للأسر الفقيرة والمنشقين عن الجيش والأرامل وأسر المعتقلين، وعندما لا تحصل بعض الأسر على المعونات، تكون هناك أسر بحاجة لهذه المعونة أكثر منها، أو أن الكمية محدودة.

وفي إحصاء تقريبي لعدد الزوجات اللواتي يعملن، نتيجة إصابة أزواجهن، تجاوز عددهن الـ 150 زوجة، على صعيد قرى جبل الزاوية، وهذا العدد  قابل للزيادة في الأيام القادمة، نتيجة استمرار الحرب الدائرة في سوريا.

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق