"الروح اشتاقت وأنت أكرم يا الله أن ترويها بسجدة في بيتك وبيت حبيبك.. اللهم ارزقنا.. آمين"، كتب حسين، آخر كلماته على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ولم تتحقق أمنياته، فقُتل في هجوم لتنظيم داعش، على مدينة مارع شمال سوريا، الشهر الماضي.
قبل الواقعة، اتفقت وحسين ذو الثمانية عشرة عاماً، على تزويدي بمعلومات عن مدينته، لكن، قذائف تنظيم "داعش" قضت على الموعد، بقتله مع 10 من أصدقائه وأبناء جيله.
كان الشاب يعمل في دارٍ لمعالجة الجرحى والمصابين من أبناء مارع، في تركيا، منذ سنتين، ثم اضطر لحمل السلاح، ليواجه "داعش"، وحاله كحال الكثير من الشبان في تلك المدينة، التي تبدو، بعيدة عن قنوات الدعم الكبيرة، الواصلة لغيرها في سوريا، رغم أنها تواجه التنظيم، منذ السنة الماضية.
معركة كبيرة
على بعد 35 كم شمال حلب، تقع مدينة مارع، التي انضمت إلى الثورة السورية منذ بدايتها عام 2011، لكنّها الآن، تواجه تنظيم داعش، بأسلحة أبنائها.
وبعد سيطرة التنظيم على تدمر ومعبر التنف الحدودي مع العراق، الشهر الماضي، متمدداً على نحو نصف مساحة سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، يبدو أنه مؤخراً، بدأ التفكير بالسيطرة على ريف حلب الشمالي، بعد وصول قبضته للريف الشرقي، ومن يدري، تبدو مدينة المتنبّي، على خارطته، لاحقاً.
وصل "داعش" إلى صوران اعزاز، وقرية البل، بعد بدء حملته يوم الجمعة، موجهاً أنظاره إلى مارع القريبة، التي تبعد عن صوران 10 كم، ومن بعدها، مدينة إعزاز، فمعبر باب السلامة الحدودي مع تركيا.
يقول أحد الناشطين الإعلاميين لروزنة: "الاشتباكات استمرت طوال ليلة الأحد، عند أطراف مارع، الفصائل المعارضة تحاول صد هجوم التنظيم على المدينة، جبهة النصرة دخلت المعركة ضد التنظيم بقوة، على غير المتوقع".
وبحسب الناشط، تزامن هجوم داعش على أطراف مارع، مع آخر نفذته قوات النظام السوري، ضد الفصائل المعارضة والإسلامية، من محوري البريج والزهراء، شمال شرق حلب، مضيفاً: "الوضع لازال في خطر، التنظيم يرمي كل ثقله بالمعركة، يريد تعويض خسائره أمام الأكراد بريف حلب الشرقي".
كلام المصدر، أكده مراسل روزنة، الذي أضاف، أن طائرات النظام قصفت مارع يوم الاثنين، خلال دوران الاشتباكات العنيفة بين الفصائل المقاتلة، وعناصر "داعش"، على بعد خمسة كيلومترات عن مارع، وحينها، هاجرت نحو 2000 عائلة، خارج المدينة.
مارع هدف قديم للتنظيم
مدينة مارع، المعروفة بكثرة سهولها، ومراعيها، تقاوم تنظيم "داعش"، من العام الماضي، وتشهد مذاك الوقت، الكثير من عمليات النزوح لأهلها، نحو الأراضي التركية، التي تبعد عنها، 25 كم، فلمارع، أهمية استراتيجية، حيث تفتح الطريق نحو إعزاز.
"لم يستطيع التنظيم إنشاء مقرات له مسلحة في مارع، قبل اندلاع الاشتباكات بينهم وبين الجيش الحر، العام الماضي" يؤكد أحد أبناء المدينة لروزنة، موضحاً: "وذلك بسبب عدم وجود شعبيه لهم وأغلب المقاتلين من أبناء المدينة، هم من لواء التوحيد، والشهيد عبد القادر الصالح، أمر سابقاً بعدم دخولهم الى المدينة وإنشاء مقرات لهم".
حلب على خارطة أهداف التنظيم؟
تربط سوريا بالدول المجاورة "الأردن، لبنان، العراق وتركيا"، 19 معبراً برياً، 9 منها على الحدود التركية، ومن الشمال الشرقي لسوريا، يبدأ معبرا عين ديوار ونصيبين بالقامشلي، ثم رأس العين بالحسكة، كلها تحت سيطرة "الإدارات الكردية"، أما معبر تل أبيض شمال الرقة، فيخضع لداعش.
وشمال شرق حلب، يتواجد معبر عين العرب "كوباني" الذي يسيطر عليه الأكراد، أما معبر جرابلس غربه، فهو تحت قبضة داعش، فيما يستمر باب السلامة تحت سيطرة قوات المعارضة، ومعبر كسب، شمال غرب سوريا، في يد النظام السوري.
وإذا تخطّى داعش، مدينة مارع ووصل إعزاز، أصبح باب السلامة تحت رايته السوداء، ما يعني، خروج المعارضة السورية، من معادلة المعابر الحدودية مع تركيا بشكل كبير، فلن يبقَ معها إلى معبر باب الهوى، كما أن حلب، ستكون تحت مرمى التنظيم المتشدد.
يقول أحد الناشطين الإعلاميين في حلب، لروزنة، إن داعش تهدف لوقف تقدم قوات المعارضة والفصائل الإسلامية، في المدينة، مضيفاً: "بقاء التنظيم في حلب مرتبط ببقاء النظام، الثوار كانوا يعدون العدة للسيطرة على حلب، فأتت داعش، وأنقذت النظام المنهار في الشمال".
ويرى أن "المخاطر كبيرة جداً على ريف حلب الشمالي، في حال سيطرة داعش عليه، فحلب المدينة بخطر وستصبج لقمة سائغة في فم داعش".
لكن، يستبعد أبو عامر الحلبي، أحد الاعلاميين في حلب، وصول داعش للمدينة، مؤكداً، أن التعزيزات والمؤازرة، وصلت منذ الأحد لأطراف مارع، لصد هجوم التنظيم، الذي تراجع عن بلدة أم القرى، في ريف حلب الشمالي، ومناطق أخرى.
وحول إعزاز، يقول أبو عامر:" استبعد سقوط اعزاز بايدي داعش، وفي حال سقطت لا سمح الله، هذا يعني فصل الريف الشمالي عن حلب المدينة".